حكومة فرنسية جديدة من 15 وزيرا مهمتهم تنفيذ وعود شيراك والتحضير للانتخابات

دو فيلبان المولود في المغرب يكلف الخارجية وسركوزي الداخلية وإسناد حقيبة الدفاع إلى امرأة

TT

بعد مخاض دام يومين، ولدت حكومة رئيس الوزراء الفرنسي جان ـ بيار رافارين، ومهمتها الاساسية البدء بترجمة بعض وعود الرئيس شيراك الانتخابية الى واقع وأفعال. كذلك فان مهمة حكومة رافارين تتمثل في التحضير للانتخابات التشريعية التي ستجري الشهر القادم.

ويأمل شيراك ان تمنحه هذه الانتخابات الاكثرية النيابية التي يحتاج اليها لحكم فرنسا وتحاشي الوقوع مجددا في نظام «التعايش» بين رئيس يميني وحكومة يسارية، على غرار ما حصل في السنوات الخمس الماضية. وفي هذه الحالة، فان شيراك سيتحول الى رئيس صوري، بروتوكولي، فيما حقيقة السلطة، باستثناء السياستين الخارجية والدفاع، تعود الى الحكومة.

وكانت شخصيات مهمة من اليمين مثل فيليب دوست ـ بلازي، رئيس المجموعة النيابية للاتحاد الديمقراطي، وجان ـ لويس دوبريه، رئيس مجموعة الحزب الديغولي، رفضت الدخول الى الوزارة، الامر الذي عقد مهمة رافارين وشيراك.

وينتظر ان تنشط الحكومة الجديدة بخصوص ثلاثة ملفات رئيسية: العمل على خفض الاعمال المخلة بالامن في المدن الكبرى والضواحي، وتنشيط الحوار الاجتماعي والانفتاح على الشباب واعادة اطلاق النمو الاقتصادي في فرنسا، وخفض البطالة.

وتتألف الوزارة الجديدة من 15 وزيرا، و6 وزراء مفوضين و6 وزراء دولة. وهذه الوزارة، التي تعكس الانفتاح على المجتمع المدني، اقل عددا من وزراء جوسبان.

وبموجب التشكيلة الجديدة، يتولى دومينيك دو فيلبان وزارة الخارجية، والسيدة ميشال أليو ـ ماري وزارة الدفاع، فيما شكلت وزارة موسعة للداخلية والامن والحريات عُهد بها الى نيكولا سركوزي. واستدعى رافارين رئيس شركة اسيلور لصناعة الفولاذ فرانسيس مير ليعهد اليه وزارة الاقتصاد والمالية والصناعة. وفي خطوة لافتة كلف رئيس مركز جورج بومبيدو للثقافة آلان اياغون وزارة الثقافة والاتصال، فيما اوكلت الى الباحث البيولوجي والطبيب جان ـ فرنسوا ماتيي وزارة الصحة والعائلة.

وزير الخارجية الجديد دومينيك دو فيلبان ليس دخيلا على عالم الدبلوماسية او على عالم السياسة. فهذا الرجل الذي ولد في المغرب عام 1953 ينتمي الى عالم البورجوازية. فوالده عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، كما انه نسيب جاك ـ شابان دلماس، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان الفرنسي الاسبق. ويوصف الوزير الجديد بأنه «رجل الظل» للدور الكبير الذي لعبه في ولاية شيراك الاولى كأمين عام للرئاسة. وتكاثر اعداؤه طيلة السنوات السبع الماضية، خصوصا منذ ان دفع شيراك الى حل البرلمان عام 1997، والدعوة الى انتخابات جديدة وهي الانتخابات التي خسرها اليمين وجاءت بليونيل جوسبان رئيسا للوزارة.

وكان دو فيلبان، الذي يجمعه بالرئيس الفرنسي حبّه للشعر، ذراع شيراك الضاربة والدرع التي تحميه من تحقيقات القضاء ومناورات اليسار واليمين على السواء. ويعود صعود نجم دو فيلبان الى عام 1993 حين عينه آلان جوبيه مديرا لمكتبه عندما كان وزيرا للخارجية. وجوبيه نفسه نصح الرئيس شيراك بأن يستعين به امينا عاما للرئاسة حيث كوّن خلية صغيرة كانت تجتمع دوريا لتفحص ما آلت اليه استقصاءات قضاة التحقيق بشؤون الفضائح التي لحقت رئيس الجمهورية عندما كان رئيسا لبلدية باريس.

ويضمن وجود دو فيلبان، الذي تصفه برناديت شيراك، زوجة الرئيس، بأن نيرون، الامبراطور الروماني الذي احرق روما، تفاهما كاملا مع شيراك بشأن سياسة فرنسا الخارجية. فبالاضافة الى العلاقة الخاصة التي تجمع الرجلين، فان دو فيلبان، مطلع على كل الملفات الخاصة بالسياسة الخارجية لفرنسا بسبب موقعه السابق في القصر الرئاسي.

ويمثل تعيين ميشال أليو ـ ماري، وزيرة للدفاع خلفا لآلان ريشار، سبقا في تاريخ الوزارات الفرنسية باعتبار انها اول امرأة تشغل هذا المنصب. وبحكم موقعها الجديد فان أليو ـ ماري، رئيسة حزب التجمع من اجل الجمهورية الديغولي (حزب شيراك) ستتولى تنفيذ السياسة الدفاعية لفرنسا، كما ستكون لسان حال القوات الفرنسية المسلحة التي تشكو باستمرار من نقص الاموال المرصودة لها والتي تمنعها من تطوير تسلحها وزيادة فعاليتها. وأليو ـ ماري التي خاضت قبل عامين ونصف العام معركة ضد مرشح شيراك لرئاسة الحزب الديغولي، نائبة ورئيسة بلدية سان ـ جان دو لوز، وهي منتجع مشهور، في منطقة الباسك.

ويعتبر مجيء نيكولا سركوزي على رأس وزارة موسعة للداخلية والامن اول خطوة محسوسة لوعد شيراك الاهتمام بمسألة الامن في فرنسا والتي كانت حصان طروادة في حملته الانتخابية. وكان سركوزي يطمع بالحصول على رئاسة الوزارة، الا ان شيراك فضل عليه جان ـ بيار رافارين بسبب ما يمثله من اعتدال في مواجهة سركوزي المحسوب على الجناح اليميني في الحزب الديغولي. غير ان عاملا آخر لعب، على ما يبدو، في استبعاد سركوزي الذي لا يخفي طموحه السياسي. ذلك ان وصوله الى رئاسة الحكومة سيجعله يسرق الاضواء من الرئيس شيراك، كما انه يشكل خطرا على آلان جوبيه، اقرب المقربين لشيراك والطامح الى رئاسة الجمهورية عام 2007. وتذهب بعض الألسن الى وصف جوبيه بـ«نائب الرئيس وعقله المدبر». ويتمتع جوبيه، رئيس الوزراء السابق بمكانة خاصة لدى شيراك. لكن مشاكله العالقة مع القضاء والصورة السيئة التي تركها في اذهان الفرنسيين عند ترؤسه الحكومة، تجعله في الوقت الحاضر، عاكفا عن هذا المنصب.