مجلس الأمن يصوت اليوم على نظام «العقوبات الذكية» على العراق

TT

اتفق الاعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الامن الدولي على مبادرة جديدة من شأنها ان تقلل من وصول الاسلحة الى نظام الرئيس صدام حسين وتسهل في الوقت نفسه وصول البضائع المدنية الى الشعب العراقي المعزول. وتقول ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش التي دعت الى اعادة النظر في العقوبات منذ بداية حكمها في العام الماضي، ان القوانين الجديدة ستقضي على أي ادعاء من جانب نظام صدام بان عقوبات الامم المتحدة هي المسؤولة عن المعاناة والمجاعة التي يعيش في ظلها الشعب العراقي. ويأمل المسؤولون كذلك ان يؤدي ارخاء القيود على البضائع والسلع المدنية الى اسكات كل الاصوات المعارضة للسياسة الحالية.

ويمثل الدعم الجماعي لهذه القرارات قمة الجهود الدبلوماسية الاميركية التي اتت اكلها عندما تخلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اعتراضاته عليها. وقال دبلوماسيو الامم المتحدة ان الصيغة الجديدة ربما تحظى بتأييد كل اعضاء المجلس البالغ عددهم 15، وهذا ما سيتضح اليوم عندما يجري التصويت في المجلس.

وقال الدبلوماسيون وخبراء السياسة الخارجية، ان التغيير في صيغة العقوبات يمكن ان يكون اداة فعالة من ادوات العلاقات العامة بالنسبة لادارة بوش في سعيها لنيل التأييد على مستوى العالم لحملتها العسكرية المتوقعة لاسقاط صدام حسين.

وقال ديفيد ماك، الدبلوماسي الاميركي السابق الذي يعمل الان في معهد الشرق الادنى بواشنطن: «انها تتصدى للحرب النفسية التي ظل يشنها نظام بغداد لسنوات عديدة، محاولا القاء المسؤولية على الامم المتحدة وعلى الولايات المتحدة للمشاكل الانسانية داخل البلاد. وهي تحسن العلاقات في نفس الوقت بين الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي».

وقال المسؤولون كذلك ان اجراءات الامم المتحدة الجديدة ستلقي باللائمة على صدام حسين اذا لم تؤد السلع التي تشتريها حكومته من صادرات النفط الى تحسين اوضاع السكان.

وقال ريتشارد باوتشر، الناطق باسم وزراة الخارجية الاميركية: «اذا استمر النظام العراقي في عرقلة برنامج النفط مقابل الغذاء، فان العالم سيحصل على شهادة دامغة اخرى على الخطر الذي يمثله النظام على الشعب العراقي. وسيتضح حينها ان القيود على توزيع السلع المدنية وانعدام هذه السلع داخل العراق لا يرجع الى أي تحكم خارجي، بل يرجع في الواقع الى سلوك النظام العراقي».

وينص القرار الجديد على ان العقود المتعلقة بالاف السلع ثنائية الاستعمال من كوابل الالياف البصرية الى الشاحنات، ستخضع لرقابة الامم المتحدة للتأكد من عدم امكانية استخدامها في صنع الاسلحة او تحويلها الى القوات المسلحة العراقية. ويقول المشرفون على البرنامج ان السلع البعيدة عن الاستخدام العسكري ستسلم بسرعة اكبر مما كان يحدث في الماضي.

وكان اعضاء مجلس الامن قد وافقوا باجمعهم من حيث المبدأ على البرنامج المقترح في صيف العام الماضي، ولكن روسيا تراجعت عن موقفها. وقد اعتقد المسؤولون في الكرملين ان الخطة التي تقودها الولايات المتحدة كان الغرض منها ادامة العقوبات، وهو ما يضر بروسيا لان الشركات الروسية لها اعمال ضخمة في العراق، كما ان الحكومة الروسية لها علاقات وطيدة بصدام.

ولكن روسيا وافقت اواخر العام المنصرم على النظام الجديد للعقوبات بعد عدة اشهر استغرقتها مناقشة التفاصيل. وعقد مسؤولون اميركيون اجتماعات مطولة مع نظرائهم الروس، لمراجعة مئات الصفحات لتحديد تلك المعدات والتقنيات التي يمكن ان تكون لها استخدامات عسكرية فضلا عن استخداماتها المدنية. وكان الخبراء الاميركيون يكررون لزملائهم الروس ان مجرد ظهور السلعة المعنية على القائمة لا يعني بالضرورة حظرها، بل يعني مراجعتها من قبل الامم المتحدة لتحديد صلاحيتها. وافق الروس على البرنامج في مارس (آذار) الماضي، بعد ان اكدت لهم الولايات المتحدة ان مصالحهم التجارية ستكون في حرز امين. كما وافقت على البرنامج كل من الصين وفرنسا وبريطانيا.

وينص النظام الجديد على ان تتقدم الشركات التي تنوي التعامل مع العراق بعقودها الى الامم المتحدة. واذا تقرر ان السلع المحددة مأمونة الجانب فان اذنا بتوريدها سيصدر بينما تخضع السلع الاخرى للفحص ويحدد جدول زمنى للفراغ من هذه المهمة. وهذا يخالف النظام الحالي حيث تنتظر السلع جميعا حتى الفراغ من الفحص النهائي لكل القائمة.

وقال جون وولف، مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون منع انتشار الاسلحة: «الهدف من هذا البرنامج هو التمييز الواضح بين السلع التي تدخل في الاقتصاد المدني، والسلع التي تنطوي على مخاطر حقيقية بدعمها البرنامج العسكري. السؤال الهام هو: هل سينفذ هذا البرنامج؟ ان هذا يعتمد على ما اذا كانت حكومة العراق ستمتنع عن الانحراف بالبرنامج عن اهدافه المعلنة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»