خلاف أميركي ـ إسرائيلي حول الدولة الفلسطينية وعقد مؤتمر دولي أو إقليمي للسلام

توافق بين بوش وشارون حول إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية

TT

بدا واضحا اثناء المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده الرئيس الاميركي جورج بوش مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بعد انتهاء محادثاتهما في البيت الابيض مساء اول من امس، الخلاف بينهما على قضايا اساسية تتعلق بالرؤى والجهود الرامية لاحلال السلام الشامل والدائم والعادل في الشرق الأوسط.

فبرغم ان شارون لم يجب الا على اسئلة محدودة، بينما اجاب الرئيس بوش على معظم الاسئلة، فقد ظهر الخلاف بينهما على جوهر رؤية الرئيس بوش، وهو تأكيده على ان موقفه لم يتغير من وجوب وضرورة رؤية دولة فلسطين تعيش في امن وسلام جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل.

ورد شارون على ذلك بقوله: انه من السابق لاوانه مناقشة الموضوع والحديث عنه. كما ظهر الخلاف بين الطرفين على موضوع المستوطنات، اذ قال شارون ان الموضوع سابق لاوانه ان يبحث، ويجب ان يترك الى وقت ومرحلة لاحقة، بينما اكد الرئيس بوش ان الموضوع يجب ان يبحث.

وظهر الخلاف ايضا في الخطة التي طرحها شارون لاحلال السلام والتي تتكون عناصرها من وقف العنف وانهاء الارهاب، ووقف للنار واتفاق مرحلي انتقالي لفترة طويلة، بينما قال الرئيس بوش ان على الجميع تحمل مسؤولياتهم للعمل نحو البدء في مفاوضات تؤدي الى السلام في المنطقة. وكان الخلاف ايضا بين الطرفين اذ يدعو الطرف الاميركي الى مؤتمر دولي للسلام في غضون شهرين لم يتحدد بعد من سيشارك فيه، ولا ما يمكن ان يسفر عنه، بينما يريد الجانب الاسرائيلي اجتماعا اقليميا يستبعد منه عرفات.

والموضوع الذي بدا فيه توافق او تقارب بين الرئيس بوش وشارون، ولكن ليس تاما، ان شارون يريد استبعاد عرفات من اي مفاوضات، بينما كرر الرئيس بوش ضغوطه على عرفات بقوله ان عرفات خيب أمله، كما انه خيّب آمال الشعب الفلسطيني وطلب منه ان يمارس قيادته وزعامته، ولكنه قال انه لا يستطيع ان يقول لشارون كيف يجب ان يتعامل او لا يتعامل مع عرفات. واضاف انه لن يفرض على شارون اسلوبا لسياساته فيما يتعلق بالتفاوض مع عرفات، فهو (اي شارون) رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا. واتبع ذلك بقوله انه لا بد من البدء في اجراء اصلاحات على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، خصوصا اجهزتها الامنية التي يجب ان تتوحد تحت قيادة واحدة.

وبدا الخلاف كذلك عندما تحدث بوش عن دولة فلسطينية، وانه لا بد ان يكون لها دستورها، وان يسود فيها القانون، بينما كرر شارون ان الحديث عن الدولة سابق لأوانه.

هذه الخلافات التي وردت في مؤتمرهما الصحافي وردت قبل اطلاع كل من الرئيس بوش وشارون على ان عملية انتحارية وقعت بالقرب من تل ابيب اثناء اجتماعهما، حيث قالت مستشارة الرئيس الاميركي للامن القومي كوندوليزا رايس، انه تم ابلاغهما اثناء الاجتماع ان حادثا وقع بالقرب من تل ابيب. ثم اتضح بعد الاجتماع ان الحادث عملية انتحارية. ولذلك لم يتم الحديث عنه في المؤتمر الصحافي المشترك.

العملية الانتحارية، دفعت شارون الى قطع زيارته والعودة الى اسرائيل، لكنه وقبل ان يغادر عقد مؤتمرا صحافيا هدد فيه بأنه سيواصل العمليات العسكرية التي بدأها اواخر شهر مارس (آذار) الماضي. وقال: ان تلك العمليات حققت انجازات عظيمة وان المهمة لم تنته بعد، وانه سيواصل محاربة الارهاب حتى يتم النصر عليه، وعند ذلك ستتم مناقشة موضوع السلام.

بهذا القول، فان شارون اعلن من جانبه وقف الحديث او المناقشة في موضوع السلام وجهود السلام.

وردا على ما قاله شارون، اعلن مسؤول كبير في الادارة، قبل ان يغادر شارون واشنطن: مؤكدا «ان الرئيس بوش ملتزم بالسلام، وان هناك عددا من الناس في الشرق الأوسط يريدون القيام بكل ما يقدرون عليه لتدمير السلام، وان الذين يقومون بمثل هذا ومن يدعمونهم ويمولونهم لا يريدون السلام».

وقال المسؤول: انه لا بد من تجديد الالتزام بالسلام في وجه اولئك الذين يريدون تدمير السلام.

وأكد المسؤول: ان ذلك الهجوم، لن يغير من خطط الادارة الاميركية التي تهدف الى التوصل الى تسوية سلمية شاملة وعادلة. واضاف: ان التفجير لن يغير من القرار بايفاد جورج تينيت مدير الاستخبارات الاميركية (سي. آي. ايه) للمساعدة في اعادة بناء جهاز الامن الفلسطيني تحت قيادة واحدة. وقال: ان الرئيس بوش لا يزال عازما على ارساله للمشاركة في بناء قوات امن فلسطينية موحدة تتمتع بالشفافية والمسؤولية.

وقال المسؤول في مؤتمر صحافي ليلة اول من امس: ان معظم وقت الاجتماع بين الرئيس بوش وشارون طرح خلاله شارون افكاره للتحرك قدما، وان معظم تلك الافكار معلن ومعروف. ولكن شارون تحدث عن فكرة المؤتمر الاقليمي، حسب ما قال المسؤول الكبير، وهذا ما يخالف التصور الاميركي للمؤتمر الدولي للسلام.

وعما طرحه الرئيس بوش مقابل ما طرحه شارون قال المسؤول الكبير، ان الرئيس بوش عرض المسؤوليات التي يرى انها تترتب على اسرائيل، وكذلك المسؤوليات التي يراها تترتب على العرب وعلى الفلسطينيين، كما ان الرئيس تحدث عن القرارين 242 و338، وما يترتب على اسرائيل القيام به نحو الحالة الانسانية والاقتصادية التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

وقال المسؤول: ان الرئيس حث شارون على فك الحصار والاغلاق المفروض على الشعب الفلسطيني مما يمكنه من العمل والعودة الى الحياة العادية، كما تحدث عن زيادة المشاركة الفعالة من الدول العربية. واضاف المسؤول مؤكدا ما اعلنه الرئيس بوش في مؤتمره الصحافي، وهو انه اجرى اتصالا مع ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز، ومع الرئيس المصري حسني مبارك قبل اجتماعه مع شارون.

وقال المسؤول الكبير، ان رئيس الوزراء نفسه قال انه «يحترم ويقدر الرؤية التي وضعها السعوديون»، واتفقا (الرئيس وشارون) على ان ذلك حقيقة جديدة في المحاولات الرامية لجلب السلام الى المنطقة.

وعما اذا كانت الادارة ما تزال تعتقد ان الطريق الى السلام يمر عبر الرئيس عرفات، خلافا لشارون الذي يصر على ضرورة اقصائه، قال المسؤول: ان الولايات المتحدة لن تحاول اختيار قيادة الشعب الفلسطيني، وان ما تقوم به هو الحديث عن المسؤوليات التي تترتب على اي قائد. وكرر القول انه لا بد من اجراء الاصلاحات على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها. وقال «ان الولايات المتحدة تعتقد ان الشعب الفلسطيني يستحق وجدير بقيادة حريصة على شؤونه ومصالحه وتعمل كل ما يمكن في سبيل خدمته وتحقيق آماله وتطلعاته.

وعن المسؤوليات التي تترتب على اسرائيل قال المسؤول، ان الرئيس بوش حددها في خطابه الشهير الذي القاه في الرابع من الشهر الماضي، وهي انهاء الاحتلال بشروط توفر الامن لاسرائيل بناء على القرارين 242 و338، وضرورة ان تتعامل اسرائيل مع الظروف الاقتصادية والانسانية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وضرورة التعامل مع موضوع المستوطنات وما ورد في الخطاب الذي لم يتغير عليه شيء، ومن ذلك قيام دولة فلسطينية. وقال المسؤول ان الرئيس تحدث عن ذلك مع شارون. وعما رد به شارون قال المسؤول: «ان شارون يعرف موقف الولايات المتحدة من كل ذلك».

وفي ضوء التفجير، واعلان الادارة التزامها بالعمل من اجل السلام، قال زبينغيو برجينسكي مستشار الامن القومي الاسبق تعليقا على الحالة الراهنة، ان التفجير يفرض على الولايات المتحدة ان تتدخل بكامل قوتها وثقلها بالمشاركة مع الاوروبيين للوصول الى حل، ويجب عدم ترك الامر لشارون وعرفات لانهما غير قادرين ولا يقدران على الوصول الى حل.