الجزائر: قياديان في «الإنقاذ» المحظورة يدعوان للتصويت إلى الأحزاب الإسلامية وينتقدان دعاة مقاطعة الانتخابات

TT

نصح قياديان في الجبهة الاسلامية للانقاذ الجزائريين الذين قرروا المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة بمنح أصواتهم لمرشحي الأحزاب الاسلامية، وانتقدا دعاة مقاطعة الاقتراع المقرر يوم 30 مايو (ايار) الجاري.

وشدد كل من علي جدّي وكمال قمازي، في بيان صحافي مشترك، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، على ان اجراء الانتخابات في الظروف المأساوية الحالية لا يقدم ولا يؤخر تماما مثل عدم اجرائها. وذكّرا بسبع انتخابات جرت في الجزائر منذ توقيف المسار الانتخابي في يناير (كانون الثاني) 1992 بعد الفوز الساحق للجبهة الاسلامية للانقاذ في الدور الأول من الانتخابات البرلمانية، ورغم ذلك فان «الشرعية ستظل عزيزة المنال ما لم تُؤت من ابوابها».

وأضاف موقعا البيان، وهما المحسوبان على التيار المتشدد في الحزب المحظور منذ عشر سنوات، انه «لا يحق لأحد أن يرضى باجراء كل هذا العدد من الانتخابات التي لا تقدّم مخرجا من الازمة، ولا تحترم ارادة الأمة، ولا تجري في كنف الأمن والحرية والعدل والوفاق». كما اوضحا ان تأجيل هذه الانتخابات، وهو مطلب عدد من أحزاب القطب الديمقراطي، «لا يختلف عن اجرائها اذا لم يكن من اجل تمكين القوى السياسية، الممثلة للشعب، من التحاور مع السلطة للتوصل إلى حل سياسي عادل وشامل». وفي معرض حديثهما عن الظروف التي ترافق الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية الشهر الجاري، قدّر جدّي وقمازي ان «في هذه المرة زادت الظروف سوءا على سوء»، حيث يأتي ذلك والجزائر تعيش على وقع «مجازر قتل الابرياء، وجرائم حرق المساجين احياء، والتطهير الانتخابي للقوائم المشاركة (في اشارة الى اقصاء الادارة عددا كبيرا من المرشحين تحت غطاء أحزاب معتمدة بحجة انهم أعضاء ناشطون سابقون في الجبهة الإسلامية للانقاذ او كانوا ضمن الجماعات المسلحة ثم استفادوا من العفو الرئاسي في إطار قانون الوئام المدني قبل سنتين)، والتهديد بقمع حملة المقاطعة» بعد بيان وزارة الداخلية الذي تذكّر فيه بالعقوبات المنصوص عليها في القانون ضد أي شخص يحاول عرقلة الانتخابات.

وفي موقف اعتبره مراقبون مفاجئا، فضل صاحبا البيان دعوة كل جزائري قرر المشاركة في الاقتراع القادم الى ان «يمنح صوته للقائمة التي يجد فيها من يراهم أولى بحراسة الدين والقيم، واقدر على الدفاع عن الحقوق والمصالح». وبرر قياديا الجبهة الاسلامية للانقاذ قرارهما هذا بكون السلطة ماضية في اتخاذ قرارات خطيرة وترهن ارادة الشعب وتُمرّر ذلك عبر برلمان موال تماما للسلطة، لذلك اعتقدا ان الافضل، في هذا الوضع، سيكون ربما عبر بروز معارضة فعّالة داخل الهيئة التشريعية تعمل على التخفيف او على عرقلة بعض مشاريع السلطة التي تشكل لدى الطبقة السياسية نقاط خلاف عميقة، من مثل إصلاح المنظومة التربوية.

ومع ذلك يبقى جدي وقمازي مصرين على ان حل الأزمة الشاملة في الجزائر لا يمكن ان يكون «الا اذا سارعت كل القوى الوطنية الى تنسيق الجهود لحمل السلطة على رفع حالة الطوارئ (السارية منذ 1992) واطلاق سراح المساجين السياسيين (وعلى رأسهم مسؤولا الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني وعلي بن حاج)، واظهار الحقيقة في قضية المفقودين، وكفالة كل ضحايا المحنة الوطنية واتخاذ كل الاجراءات المشروعة الكفيلة بحقن الدماء ورجوع الأمن وتهدئة الاحتجاجات. وبذلك تزول اسباب التوتّر، وتسد ذريعة تقييد الحريات، وينفتح الباب لانجاز اتفاق مصالحة وطنية، يكون ثمرة حوار شامل بين السلطة وكل القوى السياسية الوطنية دون استثناء، على ان يستمد هذا الاتفاق شرعية اقراره وتنفيذه من الارادة الشعبية الحرة المعبر عنها في استفتاء وطني».

ولم يغفل صاحبا البيان توجيه انتقاد الى دعاة مقاطعة الانتخابات بسبب ما يجري في منطقة القبائل، حيث اكدا انه «ليس من الانصاف ان يعترض بعضكم على اجراء الانتخابات اذا قاطعها تيار او منطقة (القبائل)، في حين يستسيغ ان تقصى منها قوة سياسية حية لا تزال تحتفظ بثقة الملايين من المواطنين»، في اشارة الى الجبهة الاسلامية للانقاذ.

يذكر ان حزبين إسلاميين، على الاقل، اعلنا منذ اشهر انهما يفتحان ابوابهما لمناضلين سابقين في الجبهة الاسلامية للإنقاذ وحتى للعناصر المستفيدة من العفو الرئاسي، ويتعلق الامر بحركة النهضة التي يقودها الدكتور لحبيب آدمي وحركة الاصلاح الوطني التي يرأسها عبد الله جاب الله. وقد رشحا في العديد من الولايات اسماء من الانقاذ، غير ان الادارة رفضت تلك القوائم بحجة ان تلك الاسماء تهدد الأمن العام وتشكل خطرا على البلد.