جدل بين فعاليات أمازيغية وحقوقية مغاربية حول دعوات استبدال اسم منطقة «المغرب العربي» بـ«شمال أفريقيا»

TT

هيمنت موجة من الجدل الصاخب على أعمال ندوة متوسطية حول موضوع «الشراكة الأوروبية المتوسطية والتعدد الثقافي وعالمية حقوق الإنسان» عقدت في اليومين الماضيين في الرباط، بسبب ما تضمنته توصية هيئات أمازيغية تنتمي للمغرب والجزائر، تقضي باستبدال اسم منطقة «المغرب العربي» بتسمية «شمال أفريقيا» باعتبارها تسمية جغرافية لا تتضمن حمولة إيديولوجية. وتضمنت توصيات مجموعة عمل ناقشت المسألة الأمازيغية ضمن الندوة التي نظمتها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، التأكيد على رفض عبارة «المغرب العربي» لاعتبارها «مستوحاة من قاموس استعماري يساهم في طمس الهوية الأمازيغية للمنطقة، مقابل التركيز على طابعها العربي».

الى ذلك، دعت توصية صادرة عن فعاليات امازيغية الاتحاد الأوروبي إلى تعليق اتفاقية الشراكة التي وقعها أخيرا مع الجزائر، واشتراط استئناف العمل بها «بإيقاف اضطهاد السلطات الجزائرية للقبائل والاستجابة لمطالب الهيئات القبائلية». وانتقدت التوصية ما أسمته بـ«الممارسات القمعية التي ترتكبها السلطات المغربية ضد فعاليات الجمعيات الأمازيغية ومظاهراتها وأنشطتها والتضييق على مناضليها». وأضافت التوصية أن على «الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر صرامة إزاء انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب من قبل سلطات بلدان شمال افريقيا».

وطالبت الفعاليات الأمازيغية بـ«الاعتراف دستوريا بالحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ وإيقاف كافة مظاهر التمييز ضدهم». وأعاد النقاش حول تسمية المنطقة المغاربية جدلا قديما شهدته المنطقة إثر استقلال دولها وبدايات جهود بناء الوحدة المغاربية وظهور مفهوم «المغرب الكبير» كرد فعل على مفهوم «المغرب العربي».

ودعا نشطاء من الجمعية والمنظمة المغربيتين لحقوق الانسان، الى تفعيل حوار عقلاني هادئ حول مسألة الحقوق الثقافية واللغوية وعدم المبالغة في تصوير أوضاع المنطقة وكيفية تعامل الدولة والمجتمع مع المسألة الأمازيغية. وقال متحدث باسم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن «الهيئات الدولية والمراقبين يعرفون جيدا مصداقية نضال نشطاء الجمعية، ويتعين على الفعاليات الأمازيغية أن تدرك أنه ليس من مصلحتها وضع أنشطة الجمعية في سياق وكأنه مدافع عن سلوك الدولة المغربية»، مشيرا إلى وجود عملية «إسقاط تقوم بها الجمعيات الامازيغية المغربية لأوضاع الجزائر على المغرب».

وقال الباحث والناشط الحقوقي المغربي، عبد الغني أبو العزم، إن «إنشاء معهد وطني للغة الأمازيغية يشكل تحولا نوعيا في الوعي السياسي المغربي»، معتبرا اياها خطوة في سبيل مراجعة شاملة للميثاق الوطني للتربية والتعليم.

ودعا أبو العزم خلال مداخلته في الندوة الى «الاعتراف بالمشروع الثقافي الأمازيغي واعتبار اللغة الأمازيغية لغة وطنية وإدماجها في برامج التعليم وتكوين الاطر لبلورة المشروع الأمازيغي تطبيقا وممارسة». ودعا الباحث المغربي إلى الاعتراف بالحقوق الثقافية وتعدد مظاهر الخصوصية الثقافية المحلية، في إطار وحدة الكيان المجتمعي المغربي دون إقصاء أو هيمنة، وفي ظل احترام قيم حقوق الانسان العالمية.

وبدت الندوة في بعض لحظاتها الساخنة، وكأنها تكرر الأجواء التي أحاطت بمناقشة موضوع الأكراد في اليوم الأول للندوة، عندما تحدث نشطاء من منظمات كردية في العراق وسورية وتركيا عن «سياسة إبادة تعرضت لها قرى ومدن ومظاهر الهوية الكردية». ورأى نشطاء حقوقيون مغاربيون أن هذه النزعة «تحركها أهداف سياسية وتتجاوز المطالبة بحقوق المواطنة وتعتبرخروجا عن سياق معطيات المجتمعات المغاربية، وخصوصا المغرب الذي شهد عمليات انصهار تاريخي بين العنصرين الأمازيغي والعربي». وجاءت التوصية الختامية للندوة بمثابة مسعى للتوفيق بين الآراء المتعارضة، وبمثابة أرضية مشتركة يلتقي في إطارها نشطاء حقوق الإنسان والفعاليات الأمازيغية، من خلال الدعوة إلى تشكيل لجنة متابعة مهمتها تشجيع الحوار حول المسألة الأمازيغية.

وأبرزت التوصية أهمية «مواصلة الحوار المثمر والإيجابي بين نشطاء حقوق الإنسان والفعاليات الأمازيغية في المغرب، واعتباره حوارا ضروريا من أجل التقدم في بلورة استراتيجيات متكاملة تهدف إلى إعادة الاعتبار للمسألة الأمازيغية ورفع التهميش الذي تعاني منه في أفق بناء مجتمع المساواة والمواطنة الذي تكفله المواثيق الدولية».

ودعا المشاركون في الندوة إلى الشروع في حوار وطني حول المسألة الأمازيغية، معتبرين أن أي تأخير في تحقيقه، ومهما كانت المبررات، لن يساهم في بناء مجتمع ديمقراطي متعدد وموحد وقائم على احترام قيم الديمقراطية والمواطنة والمساواة.

كما شددت التوصية على ضرورة احترام الحقوق الثقافية واللغوية في إطار دولة الحق والقانون، واحترام المواثيق الدولية لحقوق الانسان والحقوق الاجتماعية وااقتصادية، وتفعيل آليات دولية ودورالمجتمع المدني من أجل حماية التعدد الثقافي في مجتمعات المنطقة المتوسطية. وناقشت الندوة ايضا اوضاع حقوق الانسان في العراق، حيث جرى بحث الاوضاع الحقوقية داخل العراق وحقوق الانسان بشكل عام والحقوق الثقافية بشكل خاص.

وتحدث امين عام منظمة التحالف الدولي للعدالة بختيار امين وادريس اليازدي نائب رئىس الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان وصفية طالب السهيل، مسؤولة العالم العربي والاسلامي في منظمة التحالف الدولي للعدالة وويليام وردة الاشوري العراقي جاء من شمال العراق للمشاركة في الندوة.