المجموعة المغربية حول الدراسات المتوسطية تقترح إحداث شبكة إقليمية لإعداد تصورات حول السلام في الشرق الأوسط

TT

دعا حبيب المالكي رئيس المجموعة المغربية للدراسات المتوسطية، ووزير الزراعة والتنمية القروية السابق، إلى إنشاء شبكة تضم مراكز الدراسات والخبراء المتخصصة في دول منطقة حوض البحر الأبيض، يكون هدفها بلورة أفكار وتصورات حول السلام والاستقرار في المنطقة المتوسطية، وفي مقدمتها بحث تصورات لإنهاء نزاع الشرق الأوسط وتسويته تسوية عادلة وشاملة. واقترح المالكي أن يعقد أول لقاء لشبكة مراكز الدراسات والأبحاث المتوسطية في غضون الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي بإحدى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط. وفي كلمة القاها مساء أمس الأول في ختام ندوة «مسارالشراكة الأوروبية ـ المتوسطية وأزمة الشرق الأوسط» التي عقدتها مجموعة الدراسات من أجل البحر الأبيض المتوسط بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية في لشبونة، قال المالكي إن مسار الشراكة الأورو ـ متوسطي لم يظهر منذ إطلاقه نجاعة في المساهمة في تسوية نزاع الشرق الأوسط، وإن الأزمة الأخيرة في الأراضي الفلسطينية أظهرت عجز الدور الأوروبي ـ المتوسطي في طرح بدائل ناجعة لإيقاف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وحل الأزمة.

وأوضح المالكي أن الأزمة الاخيرة أظهرت عدة معطيات ونتائج يتعين أن تأخذ بعين الاعتبار لدى صانعي القرار السياسي، مستبعدا أن يتم التوصل إلى تسوية شاملة لأزمة الشرق الأوسط في المدى القصيرأو المتوسط ، مشيرا إلى ثلاثة مؤشرات دالة على صعوبة التوصل إلي اتفاقيات سلام في ظل حكومة أرييل شارون، أولها تصويت الليكود ضد قيام الدولة الفلسطينية، وثانيها حجم الدمار الشامل الذي ألحقته إسرائيل بالسلطة والشعب الفلسطيني، وثالثها غياب دور أميركي أو أوروبي ضاغط علي إسرائيل.

وأوضح المالكي أن إسرائيل توظف خلفيات ومعطيات موروثة عن الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة ذات صلة بميزان القوى العالمي الذي تهيمن فيه حاليا الولايات المتحدة، وذلك لكسب حربها ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن إسرائيل تسعى لتوظيف المعطيات الجغرافية والديمغرافية لفرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني ورفض أي تنازلات حول العنصرين الديمغرافي والجغرافي، موضحا أن إسرائيل تمكنت خلال العقود الثلاثة الماضية من السيطرة على 80 في المائة من أراضي فلسطين التاريخية مقابل سيطرتها على نسبة 20 في المائة من الأراضي الفلسطينية قبل حرب سنة .1967 ويشكل التفوق الديمغرافي الإسرائيلي اليوم بنسبة 100 في المائة على تعدد السكان الفلسطينيين الذي لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، عنصرا توظفه إسرائيل في هذا السياق.

لكن المالكي لاحظ أن الحرب الأخيرة التي فرضها شارون على الشعب الفلسطيني، موظفا الأجواء التي بعثتها أحداث 11 سبتمبر (أيلول ) الماضي، أدت وستؤدي إلى نتائج لا تخدم أمن إسرائيل، كما ستساهم في تفكيك المجتمع الإسرائيلي، مضيفا أن الدولة الإسرائيلية أظهرت أنها دولة أصولية محاربة وأنه لا يكفي انتظام الانتخابات بها للحديث عن ديمقراطيتها.

ودعا المالكي الدول العربية للتفكير في المستقبل وإيجاد البدائل وفي مقدمتها تحديث الأنظمة العربية وتحقيق الديمقراطية والتنمية الاقتصادية. كما دعا إلى التفكير في إقامة حوار موضوعي مع التيار المؤيد للسلام في داخل المجتمع الاسرائيلي وعدم تجاهله، وإدماجه في مسلسل الحوار العربي ـ الأوروبي.

واقترح المالكي التوجه إلى دول الشمال في أوروبا والولايات المتحدة لحثها على القيام بمراجعة شاملة لمرجعياتها العلمية والأكاديمية وتصوراتها الثقافية إزاء إسرائيل والعالم العربي، معتبرا أن دور المثقفين والنخب سيكون محوريا في هذا الاتجاه.

ومن جهته، دعا الفارو فاسكونسيلوس، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في برشلونة، إلى نهج إستراتيجية عربية ـ أوروبية جديدة بشكل يوازي مسار الشراكة الأوروبية المتوسطية التي تظل هدفا مستقبليا. وتضمنت أفكار الخبير الأوروبي حول الاستراتيجية الأوروبية ـ العربية مرتكزات من خمسة عناصر، أولها إضفاء الطابع الدولي للقضية الفلسطينية بهدف توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الذي يوجد في حالة غير متوازنة مع إسرائيل المتفوقة استراتيجيا. وثانيها توخي تدابير أوروبية ناجعة من قبيل تنفيذ عقوبات على إسرائيل لإعطاء مصداقية للدور الأوروبي في الشرق الأوسط.

لكن الخبير الأوروبي لاحظ أن أوروبا لا يمكنها تطبيق مثل تلك العقوبات دون التزام عملي من الدول العربية بتطبيقها. وثالثها تفعيل قواعد حقوق الإنسان بشكل شامل بما فيه نبذ الأعمال الإرهابية التي تقوم بها بعض المجموعات الفلسطينية ضد مدنيين إسرائيليين. ورابعها دعوة الولايات المتحدة لمراجعة منظورها للعلاقات الدولية، وهو المنظور الذي يحركها منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول ) الماضي، لأن قضية الإرهاب لا يمكن أن تختزل مجمل قضايا ومشاكل العالم المتعددة والمعقدة. وخامسها تفعيل جهود أوروبية وعربية من أجل إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية، والاتفاق عربيا وأوروبيا على مسألة تدعيم شرعية الرئيس ياسر عرفات، وضرورة مشاركته في المؤتمر الدولي للسلام، لا سيما أن صورة عرفات تعرضت لشيء من الاهتزاز خلال مؤتمر قمة بيروت الأخير وتردد عدد من الأوساط الأوروبية في تدعيمه.

وقال ألفارو أن الدول الأوروبية مدعوة للقيام بجهود ومساعدات فعالة لتدعيم الدول التي تبذل خطوات نحو الديمقراطية مثل المغرب الذي قطع أشواطا مهمة في هذا السياق، وأضاف أن تحقيق الشراكة الأوروبية ـ المغاربية هدف في المتناول قبل تحقيق الشراكة الأوروبية ـ المتوسطية.