كارتر : اتهامات باول لكوبا بالإرهاب البايولوجي بأنها أكاذيب «بحجم الأولمبياد»

TT

اعترف الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بان المسؤولين الأميركيين أخبروه بأنه لا يوجد أي دليل على أن كوبا تصدر تقنية يمكن أن تستخدم في تصنيع أسلحة الدمار الشامل. وادلى كارتربهذا التصريح أثناء زيارة قام بها مساء اول من امس إلى مختبر للتجارب البايولوجية ـ التكنولوجية في العاصمة الكوبية بدعوة من الرئيس الكوبي فيدل كاسترو بعد أن زعمت الولايات المتحدة بأن كوبا تستخدم الموقع لتطوير أسلحة بايولوجية وكذلك فإنها نقلت التقنية إلى ما أسمته بـ «دول مارقة». ومساء اول من امس ايضا جدد وزير الخارجية الاميركي كولن باول اتهامات بلاده لكوبا بانها قادرة على انتاج اسلحة بيولوجية وذلك في نفس الوقت الذي كان جيمي كارتر يزور فيه المنشآت العلمية للجزيرة. وقال باول: «نعتقد ان كوبا لها القدرة على اجراء ابحاث في مجال الهجمات البايولوجية».

وقال كارتر بدوره انه يرغب «في التعليق على التصريحات التي تتهم كوبا بالارهاب البايولوجي لان هذه الاتهامات وجهت فعلا، وربما ليس من باب المصادفة، ان تكون قد وجهت قبل زيارتي الى كوبا مباشرة». واضاف انه اجرى قبل توجهه الى كوبا «محادثات مكثفة مع مسؤولين في وزارة الخارجية واجهزة المخابرات الاميركية، وسالتهم مرارا عما اذا كان لديهم ادلة تثبت ان كوبا تقوم بتزويد دول اخرى بمعلومات يمكن استخدامها لغايات ارهابية. وجاء جواب خبرائنا بالنفي».

لكن باول علق قائلا : «لا ادري ما هي التقارير التي قدمت له قبل مغادرته.. وانا متاكد من اننا كنا على استعداد لتزويده بما يريده من المعلومات».

وكارتر أبرز شخصية سياسية أميركية تزور كوبا منذ وصول كاسترو خصم واشنطن العنيد، إلى السلطة عام 1959. وقد وضعت التصريحات الرسمية الأميركية كوبا بقوة في قائمة ما تسميه الولايات المتحدة بأنه «محور الشر»، وهي الدول التي تقول واشنطن إنها ترعى الإرهاب. غير أن كارتر أدان الاتهامات الأميركية وقال إنها «أكاذيب بحجم الأولمبياد» وأصر على أن المختبر ينتج لقاحات وأدوية. وقد حظي كارتر في كوبا باستقبال حار كاستقبال رؤساء الدول. كما امتدحه كاسترو لجهوده أثناء توليه منصب الرئاسة الأميركية قبل عشرين عاما في ردم الهوة بين البلدين. وقد دعا المتحدث باسم البيت الأبيض، آري فيلتشر، الرئيس الكوبي الى أن يسمح للمواطنين الكوبيين العاديين بحرية الحركة التي سمح بها لكارتر. يذكر أن كاسترو طمأن كارتر بأن بإمكانه أن يلتقي بأي منشق كوبي يشاء الالتقاء به. وقد تحدث كارتر بالفعل إلى المعارض الكوبي المخضرم أليزاردو سانشيز، والمناضل من أجل الحقوق المدنية أوزولدو بايا لأكثر من ساعة. وبحث الطرفان أمر السجناء السياسيين في كوبا ووضع حقوق الإنسان واحتمالات إحداث تغيير سلمي في النظام في عهد كاسترو. وقال سانشيز بعد لقائه مع كارتر «إن الوضع في كوبا سوف يتغير إلى الأبد ولكن لا أدري متى». وكان كارتر قد قال إنه سيثير مسائل حقوق الإنسان والسلام والديمقراطية وتخفيف المعاناة عن الشعب الكوبي أثناء زيارته التي تنتهي الجمعة المقبل. وقال كاسترو إنه سيسمح بخطاب تاريخي للرئيس الأميركي الأسبق إلى الشعب الكوبي عبر وسائل الإعلام الحكومية. ومن المقرر أن يلتقي كارتر غدا (الخميس) مع أبرز منشق كوبي وهو فلاديميرو روكا، الذي أطلق سراحه الأسبوع الماضي بعد أن أمضى خمس سنوات في السجن. ويعارض الرئيس الأميركي السابق العقوبات التي تفرضها بلاده على كوبا وقد سعى إلى إحداث تقارب بين البلدين أثناء رئاسته لأميركا في الفترة بين 1976-1981. وفي عهده أقيمت العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، وتمكن من إطلاق سراح آلاف السجناء السياسيين عبر التفاوض وخفف من الحظر الأميركي على سفر الأميركيين إلى كوبا. لكن الإدارة الحالية تريد أن تشدد المقاطعة الاقتصادية لكوبا التي فرضت لأول مرة عام 1961. وبعد جولة في كوبا شملت مركز الهندسة والتكنولوجيا الحيوية واكاديمية للعمل الاجتماعي ومعهد الطب لاميركا اللاتينية، قال كارتر لعدد من طلاب الطب ان «النظام الصحي في كوبا يثير الاعجاب».

وفي حرم احد المعاهد الطبية التي زارها كارتر، القى كاسترو (75 عاما) خطابا مرتجلا استمر حوالي ساعة دافع فيه عن مفهومه للديمقراطية. وقال كاسترو ان مفهوم الديمقراطية ظهر في اليونان القديمة حيث تمتع عدد قليل جدا من الناس بحقوق من هذا النوع حرم منها كثيرون والعبيد. وقارن وضع هؤلاء بعدد من الدول التي تشهد تفاوتا اجتماعيا هائلا بما في ذلك بعض بلدان اميركا اللاتينية.

وقال كاسترو: «نحن نتطلع الى ما هو انبل من ذلك ونبحث عن العدل»، مؤكدا ان كوبا «تقترب الى هذا المستوى وتحقيق هذا الحلم بالعدل والحرية الحقيقية والديمقراطية الحقيقية».