بيروت: الأسرى السابقون ينشئون «بيتاً» لتحقيق الذات في زمن التخلي الرسمي عنهم

TT

في الذكرى الثانية لاقفال معتقل الخيام الذي قبع فيه آلاف اللبنانيين ابان فترة الاحتلال الاسرائيلي للجنوب اللبناني، تداعى الاسرى السابقون الى انشاء مركز يلتفون فيه لـ«تحقيق الذات الضائعة في زمن التخلي الرسمي عن المعتقلين» حسب تعبيرهم اطلق عليه اسم «بيت الاسير».

فتحت شعار «هو بيتكم جميعاً» دعت لجنة المتابعة لقضية المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية ومركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب لافتتاح «بيت الاسير» الاحد المقبل في بلدة كفرشوبا الحدودية. وانطلقت فكرة انشاء البيت، عندما قرر 83 اسيراً محرراً انشاء ملتقى للاسرى يجتمعون فيه ليمارسوا كل ما حرموا منه خلال فترة اعتقالهم، وفي محاولة لتعلم حرف ومهن تمكّن هؤلاء من الانخراط مجدداً في مجتمعهم، بعدما لاقوا صعوبة في الاندماج بفعل الظروف التي عاشوها في المعتقل، وبفعل السنوات الطويلة التي اقتطفت زهرة شبابهم، فمنهم من كان تلميذاً على مقاعد الدراسة عندما اعتقل، وآخر خرج من المعتقل ليجد نفسه في نفق مظلم، فظروف الحياة اختلفت و«الصندوق الابيض الصغير» (اي الكومبيوتر) الذي اصبح سمة العصر لم يكن موجوداً بهذا الانتشار الواسع عندما اعتقل.

المشرف على المركز، احمد غانم، وهو اسير سابق، قال لـ«الشرق الأوسط» ان هدف انشاء «بيت الاسير» هو «تحقيق الذات الضائعة في زمن التخلي الرسمي عن المعتقلين، ولذلك فأن مركزنا سيهتم ويضع في اولوياته تحقيق آمال الاسرى وطموحاتهم التي حرموا منها خلال الاعتقال، ولذلك ايضاً سيسعى البيت الى دمج الاسير في الحياة الاجتماعية ومواكبة التطور التكنولوجي لمساعدته في ميادين العمل والحياة اليومية بعدما ضاقت به السبل، كذلك متابعة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية للاسرى المحررين بعد الافراج عنهم، وتنمية مهاراتهم». ويوضح غانم ان المركز «سيأخذ على عاتقه الملاحقة القضائية محلياً وعالمياً لمرتكبي اعمال التعذيب في المعتقلات، وتنظيم ورش عمل حول حقوق الانسان ومناهضة التعذيب وعملية التأهيل النفسي».

ويتضمن «بيت الاسير اللبناني» الذي يموّل عبر مبادرات فردية وبعض المؤسسات الدولية المهتمة، عدة اجنحة بينها مكتبة وسيتاح لرواد هذا الملتقى (سواء كانوا من الاسرى المحررين او مواطنين عاديين) المطالعة في المكتبة التي زودت بعشرات الكتب والدراسات، لاسيما المتعلق منها بحقوق الانسان والانتهاكات الاسرائيلية. كذلك يوجد جناح للكومبيوتر حيث يعتزم القيمون على «البيت» تنظيم دورات تدريبية على تعلم استخدام الكومبيوتر والانترنت والرسم وتنمية المهارات الفنية. وهناك قسم لتعلم الموسيقى والاشغال اليدوية كما سيصار الى اعادة تصنيع الاشغال اليدوية التي صنعها المعتقلون داخل المعتقلات.

وبينما ينكب الجميع على وضع اللمسات الاخيرة على المركز في ورشة متجانسة، او كما يسميها علي، الذي امضى سنوات في المعتقل «جمع الشمل» تدخل احدى المواطنات المعروفة باسم «الحاجة» ـ وهي ايضا معتقلة سابقة ـ لتزين غرف المركز بصور الاسرى اللبنانيين الذين ما زالوا في الزنازين الاسرائيلية، ومنهم الشيخ عبد الكريم عبيد وابو علي الديراني وانور ياسين وسمير القنطار، ولترفع ملصقات عن الحرية، بينها ملصق كتب عليه «لا عتمة السجن باقية ولا زرد السلاسل».

أخيرا، يؤكد القيمون ان هذا «الملتقى سيكون احدى علامات الجمع لكل المحررين بعيداً عن انتماءاتهم الطائفية والحزبية ولن يكون علامة طرح». كما يؤكد هؤلاء ان المحرر «ليس بحاجة الى عطف وهو ليس متسولاً بل كل ما ينقصه هو ان ترى الدولة قضيته كقضية وطنية من اجلها ادخله الاسرائيلي الى المعتقل».