علي الأزرق النائب من أصل مغربي في البرلمان الهولندي: الذين صوتوا لحزب «فورتاين» لديهم انتقادات للأجانب وللمغاربة بالخصوص وهي في محلها

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يمثل الشعب الهولندي بدون تمييز عرقي أو ديني أو لغوي

TT

من المفارقات التي جاءت بها الانتخابات البرلمانية التي جرت في هولندا الاربعاء الماضي أنه في الوقت الذي حصل فيه حزب اليمين المتطرف الذي كان يتزعمه بيم فورتاين الذي قتل عشية الانتخابات على 24 مقعدا في البرلمان الجديد، فاز اربعة نواب من اصول مغربية بمقاعد في البرلمان نفسه مرشحين عن اربعة احزاب.

ويتعلق الامر بالنواب علي الازرق من الحزب الاشتراكي (يسار) وخديجة عريب من حزب العمل (يسار الوسط) ونعيسة ازوغ من حزب اليسار الاخضر، وفيروز زروال من الحزب اليميني المتطرف.

وجاء فوز زروال ليزيد من حدة المفارقة في الانتخابات الهولندية. «الشرق الأوسط» اتصلت بالنائب علي الازرق (53 سنة) الذي احتل احد مقاعد العاصمة امستردام فكان معه الحوار الهاتفي التالي.

* ما هي الظروف التي قادتك للهجرة الى هولندا؟

ـ جئت الى هولندا عام 1973 في اطار الاتفاقيات الثنائية بين المغرب وهولندا والخاصة بجلب اليد العاملة. عملت لمدة سنة في مصنع للسيارات، وتقلبت في عدة اعمال داخل مطاعم ومعامل حتى اتقنت اللغة الهولندية. مستواي التعليمي عندما غادرت مدينة الحسيمة (شمال المغرب) كان لا يتجاوز الثانوية العامة (الباكالوريا)، عملت بعد ذلك كمساعد اجتماعي للجاليات الاجنبية في مدينة روتردام. وفي عام 1983، التحقت بالاذاعة المحلية الهولندية قسم اللهجات، وعملت صحافيا في قسم اللهجة الامازيغية حتى وصلت الى منصب رئيس التحرير، واستمر عملي في المجال الصحافي 18 سنة، وهو ما نمى عندي الميل للعمل في المجال السياسي. وانضممت الى الحزب الاشتراكي الهولندي. ومع بداية العام الجاري طلب مني الحزب ان كان بالامكان ترشيح نفسي ووافقت، وكانت النتيجة التي تعرفها.

* وما هي اسباب اختيارك هذا الحزب؟

ـ اخترت الانضمام للحزب الاشتراكي نظرا لكونه يعبر عن قناعاتي السياسية. فهو أقرب لتصوراتي بخصوص وضع الاقليات وكيفية تنظيم المجتمع.

كما أن له مواقف في السياسة الخارجية ايجابية فيما يخص القضية الفلسطينية، وهو ضد الحصار على العراق، ويعتبر ان الحصار ليس وسيلة لتغيير النظام العراقي وانما وسيلة لتجويع الشعب. وكان الحزب الوحيد الذي عارض الغزو الاميركي لافغانستان. اما في ما يتعلق بسياسته الداخلية، فهو يعتبر كل افراد الجالية الاجنبية المقيمة بصفة شرعية في هولندا مواطنين سواسية مع الهولنديين، يتمتعون بنفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.

* وكيف جاء ترتيبه خلال الانتخابات الاخيرة؟

ـ حصل على تسعة مقاعد بعد ان كانت له خمسة مقاعد في البرلمان السابق من بين 150 مقعدا. فالحزب يعتبر مثل حركة احتجاجية داخل البانوراما السياسية الهولندية، فهو ليس بالحزب الكبير، لكن بالرغم من قلة مقاعده في البرلمان السابق استطاع ان يحقق العديد من المكاسب التي يطرحها داخل الاجندة السياسية التي يتبناها.

* كم هو عدد البرلمانيين من اصول عربية الذين حصلوا على مقاعد في البرلمان الحالي؟

ـ هناك اربعة نواب من اصول عربية ومغربية بالتحديد ينتمون الى احزاب مختلفة، ثلاث نساء وانا. ومن بين هؤلاء النواب اخت ترشحت ضمن لائحة اليمين المتطرف لائحة «بيم فورتاين».

* كم تمثل كتلة الناخبين من الجالية العربية المغربية بالخصوص في هولندا؟

ـ المشاركة في الانتخابات محصورة بالاشخاص الذين يحملون الجنسية الهولندية، وشخصيا لا اعرف عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية من اصول عربية او مغربية. لكن عدد افراد الجالية المغربية في هولندا بصفة عامة يناهز 280 ألفاً ويحتلون الدرجة الثانية بعد الجالية التركية التي يقدر عدد افرادها بأكثر من 300 ألف. لكن ليس كل هؤلاء يحملون الجنسية الهولندية.

* ما هو المطلوب منكم الآن كبرلمانيين من اصول مهاجرة داخل البرلمان الجديد؟

ـ لتوضيح الصورة، فأنا برلماني هولندي من اصول مغربية، وليس معنى هذا اني امثل الجالية المغربية داخل هولندا. فانا كبرلماني مفترض انني امثل افراد الشعب الهولندي بدون تمييز عرقي او ديني او لغوي. وما ادافع عنه هو الصالح العام. لكن هذا لا ينفي ان وضعية فئة ما من الشعب الهولندي تحتاج الى عناية اكثر من فئة اخرى.

ما هو مطلوب منا بالدرجة الاولى، هو العناية بملفات تخص الرعاية الصحية والاجتماعية للفئات المحتاجة الى مثل هذه الخدمات، بالاضافة الى العمل على اندماج اكبر بين فئات المجتمع الهولندي. وبالنسبة لي فانا سأعمل ضمن تصور الحزب الاشتراكي للوصول الى مجتمع منسجم وموحد.

* الا ترى ان هناك مفارقة في ان ترى حزبا يمينيا يوصف بالتطرف يحصل على المرتبة الثانية في الانتخابات الاخيرة وفي نفس الوقت هناك اربعة نواب من اصول عربية يدخلون الى البرلمان؟

ـ هذا يبرهن على مدى تعدد وتنوع المجتمع الهولندي، فهو لا يمثل كتلة واحدة، كما ان المليون شخص الذين صوتوا لصالح الحزب اليميني المتطرف، ليسوا كلهم متطرفين. الناس الذين منحوا اصواتهم لهذا الحزب لديهم انتقادات للاجانب وللمغاربة بالخصوص، وهي انتقادات في محلها، لكن هذا لا يعني انهم كلهم متطرفون.

* كيف تنظر الى تنامي الاحزاب اليمينية في اوروبا، الا يشكل هذا ناقوس خطر للجاليات المقيمة فيها؟

ـ وضع هولندا وضع خاص يختلف عما هو حاصل في فرنسا. ما الذي دفع بمليون شخص لمنح اصواتهم لحزب يميني متطرف؟ اعتقد ان السبب يكمن في تراكم العديد من المشاكل عبر عقدين من الزمن، نتجت عن عدم قدرة المهاجرين على الاندماج داخل المجتمع الهولندي فهناك احياء بكاملها لم يعد يقطنها الهولنديون، وتحولت الى مستوطنات داخل هولندا. وهذه الاحياء التي يقطنها المهاجرون اصبحت تتخذ ملامح احياء في العالم الثالث، لدرجة ان بعض الهولنديين عندما يمرون منها لا يعرفون ان كان الامر يتعلق بالفعل ببلدهم. هذا بالاضافة الى اعتداءات من الطرفين الهولندي والاجانب، مما ادى الى تفاقم امراض مثل العنصرية. لكن الوضع في هولندا لم يصل بعد الى حد اليأس. وسنعمل خلال السنوات الاربع المقبلة على خلق جو من التعايش المبني على الاحترام المتبادل بين الهولنديين والاقليات.