معركة تقاسم السلطة بين الفلسطينيين ستحدد فرص السلام مع إسرائيل

قانون السلطة القضائية الجديد يمنع التدخل في قرارات المحاكم * موقف حذر لـ«حماس» من الاصلاحات

TT

فعل الزعيم الفلسطيني ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات كل ما هو ممكن خلال السنوات الست السابقة للحيلولة دون تمكن السلطة التشريعية الوليدة من فصل السلطات واستقلال النظام القضائي. فقد تجاهل عرفات المجلس التشريعي الفلسطيني ووبخه وحاول اعاقة تصديقه على مشروعات القوانين المطروحة، لكنه وقع الاسبوع الماضي على مشروع قانون السلطة القضائية وذلك قبل ان يلقي خطابا وعد فيه باجراء انتخابات.

ويعتقد محامون يعملون في مجال حقوق الانسان ان هذا القانون سيضعف من الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الزعيم الفلسطيني، الذي لم يحدد في واقع الامر طبيعة الاصلاحات التي يؤيدها، بل قال فقط ان «كل الجوانب ذات الصلة بحياة الفلسطينيين» ستخضع لعملية اعادة نظر. كما من المقرر ان يكون قد التقى عرفات يوم اول من امس لجنة انتخابية بغرض مناقشة الانتخابات المحتملة، مشيرا الى ان عملية الاقتراع ستجري فقط عند انسحاب القوات الاسرائيلية من جميع الاراضي الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني. والجدير بالذكر ان الانتخابات الوحيدة اجريت قبل ست سنوات للمجلس التشريعي الفلسطيني ورئاسة السلطة الفلسطينية. ويعتقد المراقبون ان التوجه الاخير صوب الاصلاحات يعزى لعملية اعادة نظر في مجمل الاوضاع بفعل الصدمة التي احدثها الهجوم الاسرائيلي على الضفة الغربية الشهر الماضي، كما يعتقد ايضا ان موقف عرفات ازاء الاصلاحات التي اعلن عنها في الآونة الاخيرة نابع من ضغوط اميركية باتجاه التغيير. ويقول نبيل كوكالي، مدير «المركز الفلسطيني للرأي العام»، ان عرفات يواجه ازمة داخلية وخارجية وانه يعتقد ان الحديث عن الانتخابات سيخفف من صعوبة الوضع الراهن. وينظر كوكالي ومحللون آخرون الى اجراء الانتخابات كمؤشر رئيسي على مدى جدية عرفات في معالجة مطالب التغيير. كما يؤكد كوكالي ان الشارع الفلسطيني ظل يطالب بقوة منذ بدء الحكم الذاتي عام 1994 باجراء اصلاحات. ويضيف كذلك ان الهجوم الاسرائيلي الاخير تسبب في مقتل الكثير من الفلسطينيين وان الفلسطينيين ادركوا انهم «لوحدهم في هذا العالم». ويمضي كوكالي قائلا: «فقدنا الكثير، فالاقتصاد الفلسطيني تعرض للدمار وجرح الآلاف وباتت هناك صعوبة في التحرك، كما ان عملية السلام توقفت. ليس ثمة امل امام الفلسطينيين، ولذا فعلينا التفكير والتأمل في ما حدث».

* خطوة أولى

* قانون النظام القضائي الجديد يحظر على عرفات وقوات الامن التدخل في قرارات المحاكم مثل استمرار حبس الاشخاص الذين تصدر المحاكم قرارا باطلاق سراحهم. وتقول امنية معبد، من «منظمة الحق لحقوق الانسان»، ان تطبيق القانون سيضع حدا لمحاكم امن الدولة المعروفة بالافتقار الى توفير الشروط العادلة للتقاضي واصدار الادانات والاحكام السريعة. وكان المشرعون الفلسطينيون المساندون للاصلاحات قد ظلوا يطالبون عرفات باصدار قرار واضح بإلغاء هذه المحاكم في اعلان منفصل. واضافت امنية معبد ان القانون يقتضي محاكمة المتورطين في الاعدامات التي جرت خارج نطاق القضاء بما في ذلك قتل المشتبه في تعاونهم مع اسرائيل الى جانب وقف العمل بالنظام القضائي القبلي الذي يتولى بموجبه كبار السن في القبائل البدوية مهمة القضاة. وتعقد أمنية معبد ان سيادة القانون تعتبر خطوة اولى في تنظيم المجتمع الفلسطيني، مؤكدة ان «وجود القانون يعني وجود النظام وغيابه يعني غياب النظام».

الضجة والاستقالات داخل حكومة عرفات والثقة غير المسبوقة وسط الاصلاحيين تعتبر مؤشرات اضافية على اتساع دائرة الرغبة في التغيير في اوساط المجتمع الفلسطيني، او نخبته السياسية على الاقل. بيد ان المحللين يعتقدون ان عرفات لا يزال يملك السلطة في وقف هذا التوجه وانه ربما يلجأ الى اجراء «اصلاحات تجميلية فقط» تهدف الى استمرار سيطرته. ومن المتوقع ان يؤدي الصراع الراهن الى تحديد ما إن ستكون الدولة الفلسطينية المرتقبة مسؤولة امام شعبها؟ واذا اخذنا في الاعتبار الآراء والتصريحات الرسمية الاسرائيلية في ظاهرها حول الحاجة الى ديمقراطية فلسطينية وشفافية، فإن معركة تقاسم السلطة على الجانب الفلسطيني سيكون لها اثرها على فرص السلام مع اسرائيل. وتحدث محمد حوراني، ممثل حركة «فتح» في «المجلس التشريعي الفلسطيني» وأحد رموز المطالبة بالتغيير، حول الخطوط العامة للمطالب المتعلقة بالتغيير التي سلمت لعرفات. وقال حوراني انهم يريدون خزانة عامة تكون فيها حركة الدخل والإنفاق خاضعة تماما لقانون الميزانية، مؤكدا ان الشفافية ضرورة لا بد منها. * حذر «حماس»

* من ابرز القضايا في الوقت الراهن توقيع عرفات خلال عشرة ايام على «القانون الاساسي» الذي يوضح جوانب الفصل بين السلطات واجراء انتخابات المجلس التشريعي والانتخابات البلدية قبل ابريل (نيسان) المقبل، اما عملية تحديد حجم الحكومة الفلسطينية، فمن المقرر ان تجرى خلال فترة 45 يوما. وقال حوراني ان عرفات ظل يحاول تجنب هذه المسائل، مؤكدا ان حركة «فتح» تواجهه الآن بكل هذه القضايا. وغابت حركة «حماس» عن حركة التوجه صوب الاصلاحات، وقال محمود الزهار، احد قادة الحركة، انهم لا يعتقدون انه ستكون هناك اصلاحات او تطبيع للنظام الديمقراطي، مؤكدا انه لا احد يصدق «الدعاية حول الاصلاحات». كما ابدى الزهار شكوكه ازاء نزاهة أي انتخابات تعقد تحت اشراف السلطة الفلسطينية، مشيرا الى ان اللجنة المركزية للانتخابات «تلاعبت كثيرا بنتائج الانتخابات في السابق».

*خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»