اغتيال النجل الأكبر لزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «القيادة العامة» في بيروت

شقيق جهاد جبريل يتهم «الموساد» ويشكو من «ثغرات أمنية» * عبوة ناسفة مزقت جسد مسؤول العمليات العسكرية عندما هم بالانطلاق بسيارته

TT

قتل جهاد جبريل، الابن البكر للامين العام لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» ،احمد جبريل، في تفجير عبوة ناسفة بسيارته في بيروت قبل ظهر امس. وجهاد (38 عاماً) عضو في اللجنة المركزية للجبهة ومسؤولها العسكري في لبنان والضفة الغربية. وهو يوصف بأنه اليد اليمنى لوالده ويتولى الاشراف على عمليات الجبهة ومخيمات التدريب التابعة لها.

وكان جهاد يهم بالانطلاق بسيارته من موقف سيارات في شارع الماما في محلة المزرعة في بيروت قرب ثكنة لقوى الامن الداخلي عندما انفجرت فيها عبوة قدرتها الجهات الامنية بكيلوغرامين من المواد المتفجرة، فمزقت جثته اشلاء قذف بعضها خارج السيارة التي اصيبت باضرار جسيمة، لكن تأثير العبوة لم يتعد ذلك ما خلا تضرر بعض السيارات والابنية المجاورة.

وفور وقوع الانفجار، سارعت وحدات امنية لبنانية الى المنطقة وطوقت مكان الانفجار. وباشر المحققون استقصاء المعلومات، فيما رفعت عناصر من جهاز الدفاع المدني الاشلاء التي عاينها الطبيب الشرعي. واذ تعذر بادئ الامر تحديد هوية القتيل تبين ان السيارة، وهي من طراز «بيجو 505» مسجلة باسم خليل ابراهيم حقي الذي باعها الى الفلسطيني حسن محمد عبد اللطيف بموجب وكالة رسمية غير مسجلة في دوائر وزارة الداخلية. وقد باعها الاخير الى رشيد كامل كعوش.

ولاحقاً عثر المحققون على بطاقة هوية سورية تعود الى جهاد احمد جبريل ومذكور فيها انه من مواليد دمشق 1964 واسم والدته نهى، فعرفت هوية القتيل واستدعي على الفور المسؤول في «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» ابو رشدي الذي تعرف الى الجثة، ثم حضر شقيقه خالد وبعض اقاربه.

وانتقل الى مكان الانفجار قاضي التحقيق الاول في بيروت حاتم ماضي والمدعي العام في بيروت جوزف معماري واجريا كشفاً على السيارة. وقرر القاضي معماري ختم التحقيق واحالة ملف الجريمة الى النيابة العامة العسكرية لاستكماله باعتبار الحادث «عملاً ارهابياً نظراً لمكانة وموقع الشخص المستهدف».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر قضائي مسؤول ان التحقيقات تركزت على معرفة زنة العبوة ومكان وضعها وطريقة تفجيرها. كما استمع قاضي التحقيق الى بعض اقارب القتيل وأحد العاملين في موقف السيارات الذي اوقفت فيه السيارة.

وعلم من مصادر لبنانية ان القوى الامنية اوقفت كعوش على ذمة التحقيق. وذكرت المعلومات ان جهاد جبريل كان في دمشق وعاد منها مساء اول من امس وان السيارة كانت متوقفة منذ اربعة ايام.

واكد ابو رشدي في اتصال مع «الشرق الأوسط» خلال متابعته ونجل احمد جبريل الآخر، خالد، عملية سحب الجثة، ان اسرائيل هي المسؤولة عن عملية الاغتيال «لانها المستفيد الاول والاخير من اغتيال المجاهدين».

وهذا ما شدد عليه خالد جبريل الذي تحدث بصوت يغلب عليه التأثر، متهماً «الموساد» الاسرائيلي بتنفيذ العملية. واشار الى ان شقيقه كان المسؤول الاول عن العمليات ضد الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة، معتبراً اغتياله «احدى محاولات قمع الانتفاضة». ورجح وجود بعض الفجوات الامنية التي استطاع من خلالها «الموساد» النفاذ وتنفيذ العملية.

واكد ابو رشدي في تصريح ادلى به بعد معاينة المكان ان السيارة التي انفجرت تعود الى جهاد احمد جبريل. واعتبر «ان اي تفجير يحصل في لبنان لأي مناضل فلسطيني او عربي او لبناني يكون وراءه الموساد الاسرائيلي». ورداً على سؤال عما سيكون رد الجبهة، اجاب «ردنا معروف، وهو استمرار المقاومة والانتفاضة حتى ازالة الاحتلال».

واكد مسؤولون في «القيادة العامة» ان جهاد جبريل الذي هو عضو اللجنة المركزية للجبهة كان مسؤول العمليات العسكرية في الاراضي الفلسطينية والخارج، وكان يدرس في الوقت نفسه في كلية الحقوق ـ الجامعة العربية في بيروت وانه كان متوجهاً الى الجامعة عند وقوع جريمة اغتياله.

وحمّل مسؤولو الجبهة اسرائيل مسؤولية الجريمة «اذ لها سوابق كثيرة». واتهم مفوض المنظمة الفلسطينية لحقوق الانسان في لبنان عبد السلام عقل «الموساد» بتدبير «الجريمة الجبانة» مؤكداً ان الجبهة «ستتولى الرد قريباً بشكل قاس وعميق». وقال: «ان هذه العملية لن تمر من دون عقاب. وسيكون الرد بمستوى الحدث. وان دماء جهاد احمد جبريل لن تذهب هدراً». ولفت الى ان «الامن في لبنان يحتاج الى مزيد من العمل، لان هناك اختراقات».

وتولت قوى الامن الداخلي لاحقاً سحب السيارة، فيما نقلت اشلاء الجثة بواسطة رجال الدفاع المدني الى مستشفى المقاصد، وسلمت لاحقاً الى مسؤولي الجبهة في بيروت الذين نقلوها الى مخيم برج البراجنة حيث اقيمت مراسم العزاء. وسينقل جبريل اليوم من مخيم البرج الى دمشق ليوارى الثرى هناك.

وأدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان عملية الاغتيال التي استهدفت جبريل. واعتبرت انها تستهدف «ضرب مسيرة الامن والاستقرار اللذين ينعم بهما لبنان». ودعت الجبهة القوى الفلسطينية واللبنانية الى «توحيد صفوفها وزجها في معركة دعم الانتفاضة والمقاومة وتفويت الفرصة على العدو الاسرائيلي الذي يستهدف ضرب كل مواقع الصمود والمقاومة في فلسطين ولبنان وسورية وفي كل بقاع الوطن العربي».

ونعى «حزب الله» في بيان اصدره امس جبريل «الذي نذر نفسه للمقاومة ضد الاحتلال»، ورأى «البصمات الصهيونية واضحة في هذا الاغتيال الآثم الذي يشكل تطوراً سياسياً وامنياً بالغ الخطورة بما يؤشر الى عودة المحاولات الصهيونية مجدداً لزعزعة الاستقرار الامني في لبنان بعدما اندحر العدو عن ارضنا ذليلاً خاسئاً ليطل بأساليب ووسائل اخرى. وهو ما يحتاج الى يقظة لبنانية وفلسطينية لقطع هذه اليد الغادرة». وادان الحزب «الجريمة النكراء» مؤكداً أنها «لن تثني شعبنا الفلسطيني المقاوم عن مواصلة جهاده وانتفاضته، انما ستزيده اصراراً على المقاومة حتى دحر الاحتلال واستعادة حقوقه كاملة».