ارتفاع أصوات إسرائيلية قوية تتهم شارون بالفشل عقب عملية نتانيا والعفولة

TT

عادت وارتفعت خلال اليومين الماضيين، اصوات قوية في اسرائيل تتحدث عن فشل «العمليات العسكرية الجنونية» التي شنها جيش ارييل شارون على الفلسطينيين واسفرت عن ارتكاب جرائم حرب مذهلة ودمار هائل. وقالت ان هذه العمليات فشلت فشلا ذريعا في تحقيق اهدافها. وما زال بمقدور الفلسطينيين ارسال الفدائيين الى قلب اسرائيل لتنفيذ التفجيرات الفتاكة.

وحسب مصادر اعلامية مطلعة، فان هذه الاصوات ترتفع داخل الجيش وكذلك داخل الاحزاب الحاكمة وفي صفوف المستشارين. ويقولون ان بعض هذه الاصوات تردد عمليا ما يقال داخل اروقة البيت الابيض والبنتاغون في الولايات المتحدة الاميركية. الا ان صوتها ارتفع في اليومين الاخيرين في اعقاب تمكن فدائي من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من تجاوز الحواجز العسكرية العديدة جدا والاطواق الاسرائيلية على اختلافها ويصل الى قلب مدينة نتانيا، اول من امس ليفجر نفسه ويقتل 3 اسرائيليين ويجرح 66اخرين وفي عقب عملية امس، حينما قام شاب فلسطيني بتفجير نفسه في موقف للحافلات امام رجال شرطة اسرائيليين (كان ينوي تفجير نفسه داخل حافلة ركاب في طريقها الى العفولة او في مدينة العفولة نفسها). وذكر خبراء المتفجرات انه لو تمكن من تفجير نفسه في الباص او في مجمع تجاري، لوصل عدد الضحايا الى العشرات.

ولا ينتمي اصحاب تلك الاصوات الى معسكر واحد. فمنهم من يعارض الحرب ويؤمن باستئناف الحوار والعملية السلمية، ومنهم ايضا اوساط متطرفة تريد لشارون ان يشن حربا شاملة يجتاح فيها ايضا قطاع غزة ويحتل مدن الضفة الغربية لفترة اطول ويتخلص من عرفات ومن كل اثر للسلطة الفلسطينية ويجري «عملية تطهير للمناطق الفلسطينية من الارهاب».

لكن شارون، رفض هذين التوجهين خلال جلسة تشاور عقدها الليلة قبل الماضية. وقال انه سيواصل حاليا سياسة توجيه «الضربات الموضعية» في المدن الفلسطينية ، حيث يرسل قوات الاحتلال الى مواقع عدة داخل المدن في كل وقت يشاء وينفذ الاعتقالات او الاغتيالات. واكد ان هذه الطريقة تثبت نجاعتها، «اذ ادت حتى الان الى اجهاض 22 عملية انتحارية كان اصحابها يجرون آخر الاستعداد للانطلاق لتنفيذها داخل اسرائيل». واضاف ان لهذه الطريقة فوائد جمة على الساحة الدولية، حيث ان العالم يضغط على الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، ويتفهم المطلب الاسرائيلي بعزله «بينما اذا قمنا بعملية اجتياح كبرى مثل عملية «السور الواقي». فسيتركز الجهد الدولي على توجيه الضغوط الى اسرائيل».

وكانت مصادر سياسية في ديوان شارون قد كشفت مضمون محادثة هاتفية جرت بين شارون ووزير الخارجية الاميركي، كولين باول، بعد ان قرر المجلس المركزي لليكود رفض قيام الدولة الفلسطينية، فجر يوم الاثنين الماضي، وفيها طلب شارون ان تفرض الولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية اصلاحات يبعد بموجبها عرفات عن اي مركز تأثير. وقال: يجب مضاعفة الضغوط واجراء الاصلاحات فوراً في جميع المجالات. والا فانها لن تتم. فأجابه باول: «نحن نعمل. وهناك اشارات ايجابية من اوساط فلسطينية. نحن نضغط عليهم لكننا نعطيهم الشعور بانهم هم الذين يفعلون ذلك بأنفسهم. في القريب سوف نرسل (رئيس جهاز المخابرات المركزية الاميركية «سي اي ايه») جورج تينيت ليعالج موضوع اجهزة الامن».

ورد شارون: «هذا مهم. لكن اعلموا انكم اذا حسبتم ان عرفات سيجري الاصلاحات، فانكم تضيعون الوقت. فالطريقة الوحيدة لتحريك الفلسطينيين هي وقف الدعم للسلطة الفلسطينية». لكن باول لم يرد على هذه الجملة. وانهى المكالمة. ثم قامت دائرة البحث في وزارته باصدار وثيقة قالت فيها انه لم يثبت بعد ان عرفات شخصيا متورط بالعمليات الارهابية.

يذكر ان اسرائيل نفسها لم تحمل عرفات مسؤولية العمليتين الاخيرتين بشكل رسمي. واتهمت الجبهة الشعبية بالعملية الاولى وامينها العام، احمد سعدات، شخصيا زاعمة انه نظم العملية من داخل سجنه في اريحا. لذلك توجهت الى الولايات المتحدة وبريطانيا طالبة ان يشدد سجانوه القيود عليه ويوقفوا الزيارات غير المحدودة التي تنظم له يوميا.

من جهة ثانية صدرت عن الرئيس ا لاسرائيلي موشيه قصاب امس تصريحات معادية للرئيس الفلسطيني، قال فيها ان عزله اصبح ضرورة حيوية للحفاظ على الامن العالمي. وقال: «نحن من جهتنا لا نستطيع طرده الى الخارج. ولكن، على دول العالم ان توقف دعمها له وان تسعى هي لطرده وعزله ووقف اي تأثير له على حياة الفلسطينيين في المنطقة».

حالة استنفار قصوى في اسرائيل، لمواجهة خطر تنفيذ عمليات انتحارية متوقعة. ونشرت قوات كبيرة على الحدود ما بين الضفة الغربية واسرائيل. ونصبت مئات حواجز الشرطة على الطرقات وعلى مداخل المدن، فضلا عن تعزيز تواجه الشرطة داخل المدن.

وأمر وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، ببدء بناء حواجز فصل تام على طول الحدود ما بين الضفة واسرائيل (364 كيلومترا)، ليكون حاجزا عسكريا (أي غير سياسي).