سالم صالح: أسعى إلى إغلاق ملف قائمة الـ 16 وأدعو الدول الشقيقة والصديقة لحل قضية النازحين اليمنيين

عضو مجلس الرئاسة اليمني السابق لـ«الشرق الأوسط»: عودتي ليست في إطار صفقة وأدعو إلى حوار وطني وتجاوز «خطاب الفتنة»

TT

بعد غياب دام اكثر من سبعة اعوام عن العمل السياسي بفعل حالة النزوح التي عاشها متنقلا بين عدد من العواصم العربية كغيره من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني عقب حرب 94 التي شهدها اليمن، عاد سالم صالح محمد عضو مجلس الرئاسة اليمني السابق والامين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني سابقا بقوة الى واجهة الاخبار، اولا عندما قرر العودة الى بلاده ولكن على الطائرة الرئاسية بصحبة الرئيس علي عبد الله صالح عقب زيارة خاطفة الى دولة الامارات قبل اكثر من شهرين ولقيت عودته صدى واسعا بين الاحزاب السياسية التي اعتبرتها خطوة نحو اغلاق ملف حرب 94، تم ثانيا عندما تناقلت بعض الصحف خبر لقائه بنائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان بصحبة السفير اليمني هناك ضيف الله شميلة، اذ اعتبرها بعض المراقبين بداية رسمية غير معلنة لدور ربما يكون قد رسمه الرئيس صالح لاكثر رموز الحزب الاشتراكي قبولا السلطة في صنعاء. ويسعى سالم صالح محمد كما يقول بعض المراقبين جاهدا الى استغلال هذه الفرصة للبحث في سبل لاغلاق ملف النازحين في الخارج خاصة زملاءه في قيادة الاشتراكي الذين وردت اسماؤهم ضمن ما يعرف بقائمة الـ 16. سالم صالح الذي يحمل افكارا للقيادة اليمنية حول سبل اغلاق هذا الملف على خلفية لقاءات اجراها مع عدد من اعضاء حزبه الموجودين حاليا في بعض دول الخليج، فضل التحدث الى «الشرق الأوسط» قبل ان يعود الى صنعاء الاسبوع المقبل.

* خلال زيارتكم التي تقومون بها الى دولة الامارات العربية ولقائكم بالشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس الوزراء برفقة السفير اليمني ضيف الله شميلة.. هل يفهم من ذلك انكم تعودون تدريجيا الى واجهة العمل السياسي اليمني؟ ـ ليست العلاقات السياسية الحميمة بين اليمن والامارات العربية هي وحدها التي ميزت العلاقات، فالتاريخ والجغرافيا والدين وقرابة الدم والوشائج الاخوية هي التي تجمع بين الشعبين والقيادتين، وفي هذا الاطار تأتي مواقف العطاء الدائمة التي يقدمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وحكومة الامارات للشعب اليمني منذ ان اسهم في اعادة بناء سد مأرب التاريخي مع كافة المساعدات الاخرى، تجعلنا نعبر كلما سنحت لنا الفرصة عن تقديم مشاعر الشكر والامتنان لهذه المواقف، ولقد التقينا بالشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس الوزراء لنعبر له عن امتنان الشعب اليمني على ذلك، وشكرنا لتوجيهات رئيس الدولة بشأن بناء سدود وحواجز للمياه في اليمن واستكمال شبكة الري في وادي مأرب وايضا مساعدة برنامج الدول المانحة لمشروع مكافحة الفقر في اليمن، كما شكرنا اجراءات الامارات لاستكمال قرارات قمة مسقط بشأن معاملة الجالية اليمنية اسوة برعايا دول الخليج العربي وهو ما قامت به مشكورة المملكة العربية السعودية والكويت تجاه ابنائنا في جانب الصحة والتعليم.

لقد كان هذا هو الهدف من المقابلة التي نشكر الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان والشيخ مبارك بن محمدآل نهيان والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي على اتاحة الفرصة لمقابلتهم، وهذا ما طرحناه بحضور السفير اليمني ضيف الله شميلة الذي يبذل جهوده المخلصة في متابعة هذه القضايا الاستراتيجية التي تخدم تقدم وتطور العلاقات الثنائية لما لها من مردود ايجابي على صعيد التنمية في اليمن.

* بين الحين والاخر تتردد معلومات عن رغبة الدول التي تقيم فيها قيادات حزبكم في عودتهم الى اليمن.. هل لمستم ذلك خلال لقاءاتكم بالمسؤولين هناك؟

ـ كل ما لمسناه من الجميع (حتى من القيادة اليمنية) هو الرغبة في العودة الى الوطن معززين مكرمين وحتى تحل مشاكلهم فانهم محل ترحاب وتقدير في وطنهم الكبير بغض النظر عن المسميات ولم نلمس غير الرعاية الكريمة لهم ولاسرهم ليس بصفتهم قيادات سابقة فحسب بل بصفتهم اخوة واشقاء وجدوا انفسهم بين اخوتهم واشقائهم وهذا ليس بغريب على علاقاتنا وتداخلنا الجغرافي والديني والتاريخي عبر التاريخ القديم والحديث.

* اجريت اتصالات بالرئيس علي عبد الله صالح عقب عودتك معه بالطائرة الرئاسية الى اليمن منهيا بذلك ثمانية اعوام من البقاء في الخارج عقب حرب 94، هل يعني ذلك بداية النهاية لبقية السياسيين النازحين في عدد من الاقطار العربية؟

ـ نحن نأمل بل ونسعى ان تكون عودتنا بداية حقيقية (لاغلاق الصفحة) حسب تعبير الاخ الرئيس، ومن خلال اغلاق هذه الصفحة نكون قد وضعنا اسسا جديدة لتجاوز اخطاء الماضي. واشعر ـ ولعل الكثيرين يشاطرونني هذا الرأي ـ باننا في هذه المرحلة بحاجة ماسة الى تجاوز واغلاق (خطاب الفتنة) والنظر بجدية ومسؤولية عالية الى ما يجب ان نعمله من اجل النهوض بمستوى الانسان اليمني الذي عانى وما زال يعاني من تخلف السياسات والازمات والصراعات الدورية التي مررنا بها والتي ادت الى الوضع الذي نعيشه.

علينا اليوم ان نفكر بما ينسجم وطموحات الانسان الذي هو بحاجة ماسة وفعلية الى تحسين مستواه المعيشي لكي يعيش بكرامة في وطنه بعيدا عن الاغتراب، خصوصاً اننا في عالم يشهد تحولات عالمية كبيرة لم يعد فيها هامش غير هامش واحد هو توحيد الجهود الوطنية لصنع فعل وطني موحد بعيدا عن التعصب والتشنج الفكري او الحزبي او القبلي. وعلينا ان نقر وان نعترف انه لا خيار لدينا سوى ان نعترف ببعضنا البعض وان نتقبل بعضنا البعض على قاعدة التسامح والسمو والارتفاع لكي نستطيع المساعدة على اعادة بناء ما دمر على الارض وفي النفوس ونصنع الحلم الذي ينشده كل اليمنيين في وطنهم، ولعل اهم احلامي السياسية والوطنية الكبيرة بعد تحقيق الوحدة اليمنية هو ان ارى كل اليمنيين المنتشرين في مشارق الارض ومغاربها بحثاً عن المعيشة الكريمة يعودون الى الوطن ليسهموا في بنائه وتعميره، وهذا الامر ينبغي ان يحظى ـ في اطار برنامج القيادة السياسية ـ باولوية استراتيجية ولهذا الغرض يجب ان نسعى لتوفير كافة الظروف السياسية ـ تحديداً في (اطار برنامج وطني شامل) لتحقيق هذه العودة للجميع وبالطبع فان هذا الامر اذا ما تحقق فاننا نستطيع حينها ان نقول اننا انجزنا عملا وطنيا عظيما.

* هناك معلومات مفادها انكم تلعبون دور الوسيط بين السلطة في اليمن واعضاء حزبكم النازحين في الخارج من اجل ترتيب عودتهم؟

ـ سبق ان صرحت في مناسبات عده بان عودتي لا تأتي في اطار الصفقات ونحن ننظر اليها بتفاؤل كبير واستبشرها كل الحريصين على تعزيز الوحدة الوطنية في الداخل والخارج، واكرر هنا مجددا اننا سنسعى وبكل حرص ومسؤولية من اجل تعزيز وحدة الوطن من خلال سعينا الدؤوب مع كل المخلصين في السلطة وخارجها وتحديداً مع الاخ الرئيس نحو اغلاق ملفات الماضي بكل ما تحمله من مآس ووضع اسس جديدة نستطيع من خلالها ان نتجاوز الاختلالات الشديدة التي خلفتها الصراعات السابقة وهذ الامر ليس بالامر الهين كما تعلمون، اذ يحتاج منا الى صبر شديد والى جهود كبيرة وانا هنا لست بصدد التفاصيل فكلها هوامش في نظري بخاصة اذا وصلنا جميعا الى قناعة باننا ملزمون جميعا باعادة النظر بمسؤولية وبجدية فيما حصل وان علينا ان نعمل من اجل انهاء دوامة الصراع وهذا الامر يحتاج الى جهود الجميع، وارى بهذا الصدد انه لا بد ان نعمل من اجل تهيئة الظروف لاعادة الثقة تجاه بعضنا البعض والعمل بدون ضجيج وبدون شروط من اي طرف باتجاه ادارة حوار وطني مسؤول تكون اهم عناوينه مستلزمات ومتطلبات المرحلة القادمة التي تسهم في احداث تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة في البلد تمكن كل اليمنيين من العيش برفاه في وطنهم.

وحول جولتنا الحالية فهي في الواقع تأتي في اطار ترتيب عودتي الى الداخل وموضوع النازحين هو واحد من اهتماماتي وبهذه المناسبة نود لفت انتباه اصحاب القرار الى امر هام وهو ان هؤلاء النازحين هم جزء من ضحايا الصراعات الاقليمية والدولية التي شهدتها الساحة اليمنية منذ منتصف القرن السابق وحتى التوقيع على المعاهدة اليمنية ـ السعودية والمعاهدة اليمنية ـ العمانية وواقع الحال يشير الى ان الحكومة اليمنية لا تساعدها ظروفها الحالية على حل مشاكلهم بشكل امثل لهذا نناشد الاشقاء والاصدقاء المعنيين بالاوضاع السابقة باليمن ان يقدموا العون والمساعدة من خلال وضع برنامج مساعدة يؤدي الى حل معاناة هؤلاء النازحين جميعا ويوفر لهم الظروف الانسانية المناسبة لعودتهم الى وطنهم ليعيشوا فيه معززين ومكرمين.

* ما هي مقترحات السلطة وما هي مطالب النازحين من اجل اغلاق ملف حرب 94؟

ـ لم اسمع اية مقترحات ولا مطالب لانني لم احمل صفة الوسيط وسبق ان صرحت بانني تحدثت مع الاخ الرئيس في اول لقاء لي معه عن اخواني الموجودين في الخارج باعتبار ان هذه واحدة من القضايا التي يجب حسمها ولا اخفي هنا ان الاخ الرئيس ابدى تفهماً شديداً وعبر بحرص وبمسؤولية عن ضرورة عودة هؤلاء الاخوة وهذا التفهم في نظري نعتبره تحولاً كبيراً نرحب به ونشجعه يجعلنا في موقع الحرص على تطوير هذا الاتجاه بما يؤدي الى حسم هذا الامر نهائياً بدون اية تعقيدات.. والمسألة مسألة وقت حسب تقديري.

* بعض اطراف السلطة تجاهر علنا برفضها عودة من شملتهم قائمة الـ16.. بعد لقائكم بالقيادة في اليمن هل وجدتم مسألة اغلاق ملف حرب 94 رغبة ام قراراً؟

ـ هناك مقولة تقول «انه بالصبر تلتئم الجراح ومع الوقت تظهر الحقيقة» ويقينا فان كل عاقل يدرك ان الحروب لا تخلف سوى الدمار والندوب والجراح والآلام والدماء، ومن راهن على الحرب يومها فانه اليوم يرى كم تتسع دائرة المعاناة التي يئن منها الجميع وليس احد بمفرده والعقلاء وحدهم هم الذين يتفكرون بالاخطاء وبالدروس والعبر. لقد راهنا على الحوار وعلى الاعتراف المتبادل والاحترام تجاه بعضنا البعض وما زلنا نراهن على ذلك اذ لا سبيل لدينا غير ذلك فطريق الحرب قد جربناه ورأينا نتائجه والبديل هو استمرار دوامة الصراع واي شطط من اي طرف في السلطة او المعارضة لا يعني سوى تغذية (شجرة الصراع الدامية) وهذا الامر لا يشرفنا ان نتسابق عليه، وشرف عظيم لكل منا هو ان يجاهر بمشروعه الوطني الذي يحقق الاحلام الجميلة لكل ابناء الوطن اذ لا فخر لنا ان نعيش وان نحكم في هذا الزمن وهناك الملايين من ابناء الوطن ما زالت الهجرة والغربة ملاذهم وحلمهم بدلاً من ان يكون الوطن هو حلمهم وموقع معيشتهم.. لذا علينا ان نتبارى من اجل خير الناس وليس عيبا ان نختلف ولكن العيب هو ان ندمر.

وانطلاقاً من رؤيتنا السابقة في ضروة الحوار بعيداً عن الحروب فاننا ما زلنا نراهن على ضرورة استمرار الحوار وان وجد اختلاف ففي اطار الحوار، ومن هنا فان موضوع الـ16يجب ان يأتي في اطار النظرة الاستراتيجية الى ضرورة اغلاق ملف الصراعات بكل اشكالها وفتح صفحة جديدة لا تنظر الى الصراعات والمتضررين منها فقط بل تنظر برؤية اشمل الى الجميع.

ما يهمنا هو ما وجدته من تفهم لدى الاخ الرئيس ولدى العديد من القيادات وانهم يحملون نفس الافكار والرؤى وكلها تصب باتجاه ضرورة التوجه الى المستقبل بالاستفادة من اخطائنا في الماضي.. تلك الاخطاء المدمرة التي ما زالت آثارها جاثمة على النفوس، ومهما كابرنا فان واقع الحال يلزمنا بالتخلي عن هذه المراهنات المدمرة لانه مهما كانت درجة الاستفادة او العوائد لدى البعض منها الا انها في حكم المؤقت وغير قابلة للاستمرار.

* اذا اعلن الرئيس صالح قراره بعودة من شملتهم قائمة الـ16 واستثنى منها البعض، هل سيعود الباقون في الحال ام ان لهم مطالب اخرى؟

ـ قرار العفو هو امر سياسي يعود الى القيادة السياسية ويخضع لتقديرها للامور وفي تصوري فان هناك مؤشرات عديدة لنضوج هذا التوجه.. والمسألة مسألة وقت، اما امر العودة لاخواننا في قائمة الـ16 او غيرها فهو امر خاضع لتقدير كل شخص بمفرده للوضع العام والوضع الخاص وهناك بالطبع بعض التفاصيل والهوامش التي يمكن تجاوزها في حالة اتخاذ القرار السياسي من قبل السلطة او من قبل اي شخص ينوي العودة.

* هل الحزب الاشتراكي مع عودة جميع النازحين بمن فيهم علي سالم البيض ام ان حزبكم سيقبل بمن ستسمح له السلطة بالعودة؟

ـ الحزب اتخذ قرار العودة في اجتماع دمشق في عام 1994بعد الحرب مباشرة وهناك العديد من القيادات التي نزحت سبق ان عادت خلال السنوات المنصرمة. وبالنسبة للحزب فقد اعلن موقفه الواضح من هذه المسألة وفي تصوري وكما اسلفت لم تعد المسألة مسألة 1 او 4 او 16 فالمتغيرات الداخلية والخارجية تفرض علينا معالجات جديدة لا تخص مجموعة بعينها بل تشمل ابناء الوطن كله لان الوطن بحاجة الى كل ابنائه بدون استثناء ومن حق ابناء الوطن ان يعيشوا في وطنهم معززين مكرمين.

* بعد فترة غياب طويلة عن اليمن هل وجدت انه ما يزال هناك مكان لحزبكم «الحزب الاشتراكي اليمني» في السلطة؟

ـ لا شك ان الدمار الذي عم الوطن طال الحزب الاشتراكي، لان الحزب الحقيقي ليس يافطة او شعاراً او مقراً بل اناس من ابناء الشعب المخلصين الذين التقوا ووحدتهم فكرة واهداف وطنية على امتداد الوطن اليمني. والتدمير الذي سببته الحرب طال دائرة واسعة من ابناء الوطن من كل مكان هو امر مؤلم ومحزن، لهذا فان الامر ليس موقع الحزب في السلطة او خارجها بل امر الانسان الذي تعرض للتدمير، ومسؤوليتنا تقتضي اعادة الحياة الحقيقية للناس والحزب هو جزء مكون من هذه الحياة اذا ما نظرنا اليه باعتباره يمثل تجمعاً بشرياً وطنياً كبيراً وواسعاً على مستوى الوطن اليمني كله وهذا التجمع تعرض للشتات والتمزق بسبب الصراعات الدامية قبل الوحدة وبعدها، ومع ذلك فالحياة هي الاقوى والحزب بمؤتمره الرابع استطاع الوقوف على قدميه واعتقد ان المتغيرات الداخلية والخارجية ستمكنه من العودة الى الحياة السياسية بقوة في حال ادركت قيادته هذه المتغيرات وتفاعلت معها وبالذات مشاركته في الانتخابات القادمة.

* يمر اليمن الان بفترة عصيبة مع نشاط متزايد وملحوظ لمجموعة تطلق على نفسها «المتعاطفون مع تنظيم القاعدة» وضغوط اميركية على السلطة حتى لا تتحول البلاد الى ملاذ لاعضاء تنظيم القاعدة....، كيف تقيم الاوضاع هناك؟

ـ اتصور ان العالم كله يمر بفترة عصيبة وليس اليمن لوحده.. وهنا يحضرني قول لاحد الاصدقاء الاجانب «ما اشاهده اليوم هو انني اشاهد فيلم أخطاء». ليس خافيا على احد باننا كتبنا عن التطرف والارهاب منذ سنوات واكدنا على ضرورة مكافحة المنابع واهمها محاربة الفقر وتحقيق العدالة وانهاء اللجوء للقوة والعمل على تنمية الموارد الاقتصادية للبلدان الفقيرة ونشر التعليم وتطويره فيها وتحسين مستوى الناس العلمي والمعيشي والثقافي. الا انه بسبب سياسة التجاهل لحقوق الشعوب وهيمنة النظرة الاستخباراتية التي تفرخ جماعات او عصابات او ما شابه لتحقيق مآرب سياسية معينة، كل هذا الامر يأتي بلا شك في اطار المواقف السياسية الخاطئة التي اوصلت الامر الى ما وصلنا اليه اليوم والنتائج الماثلة امامنا كلها خير شاهد على فشل هذه النظرة وهذه السياسة التي انقلب فيها السحر على الساحر.

وبالنسبة لليمن فحسب علمي ومعرفتي فانه لا يوجد تنظيمات ارهابية متطرفة وان وجدت عناصر او مجموعات تم دعمها في وقت ما ووجهت لتنفيذ مهام معينة في اطار عملية الصراع التي دارت في اليمن قبل الحرب فان هذه المجموعات قد تم إعادة تأهيلها والاستفادة من قدراتها وامكانيتها من خلال دمجها في المؤسسات المختلفة. وهذا الامر يجب تشجيعه لانه بدلاً من استعداء هؤلاء ونبذهم فالافضل الاستفادة منهم ومد اليد اليهم بصفتهم من ابناء الوطن لهم حقوق وعليهم واجبات بغض النظر عن المعتقدات، بمعنى ان علينا ان نتيح لكل انسان الفرصة في اعادة تأهيله لخدمة الوطن وعلى ضوء عطاءاته وخدماته نقيم التزامه الوطني وعلينا في هذه الصدد ان نتجاوز التصنيفات الجاهزة والتي لا تخدم تعزيز الوحدة الوطنية واواصر علاقات الاحترام المتبادلة، وعلينا ان نمد ايدينا لبعضنا البعض بغض النظر عن مآسي الماضي وآلامه... ولمزيد من معالجة الامر نحو خلق ظروف سليمة لانهاء التطرف والارهاب في اليمن او خارجها فلا بد من التأكيد على ضرورة ان تولي الولايات المتحدة وحلفائها اهتماماً كبيراً بامر شعوبنا من خلال تقديم دعم حقيقي لمكافحة الفقر، والجهل، وتطوير وتشجيع ودعم المؤسسات التعليمية والتنموية والصحية وتحسين مستوى الناس المعيشي وبناء مؤسسات المجتمع المدني ودعمها وخلق الفرص لتطوير القدرات العلمية والمهنية للشباب وتوفير الظروف الملائمة لهم وتسخير قدراتهم في اوطانهم بدلا من التفكير بالهجرة.

كما انه لا يجوز ان تكيل الولايات المتحدة وغيرها بمكيالين وخصوصا في القضية الفلسطينية وبلدان الشرق الاوسط. ومن حيث المنطق فلو انه تم تخصيص عدد من المليارات لدعم الاتجاهات آنفة الذكر في هذه البلدان لتجنبت الدول الكبرى الخسائر المذهلة التي تعرضت لها ولتجنبت حجم الانفاق الهائل لمكافحة نتائج سياسات خاطئة هي في الاصل من صنعها.

* في حال عودة قيادات حزبكم في الخارج هل تنوون القيام باعادة رسم خارطة عمل جديدة للحزب الاشتراكي تواكب جميع المتغيرات الاقليمية والعربية والدولية؟

ـ الاحزاب الحية والحقيقية هي تلك التي تتجاوز المحن والشدائد والكوارث التي تتعرض لها الشعوب والاوطان، ومما لا شك فيه ان غياب عدد هائل من قيادات الحزب لسنوات طويلة خارج البلد وداخله قد اثر كثيرا على اداء الحزب وحضوره بل ودوره الوطني، ولعل نجاح الحزب وخروجه معافى من كل الازمات التي تعرض لها سابقا يعود الى قدرته على تبني قضايا الناس الحية وملامسته لهمومهم وتطلعاتهم ووضعها في اولويات برامجه السياسية واجراءاته وقراراته، وان شابها اخطاء هنا او هناك وهو امر طبيعي علينا الاعتراف به، الامر الذي جعله دائما حاضرا ودائما وقويا ومحل تقدير والتفاف الناس حوله، وبكل تأكيد فان مجمل المتغيرات التي حصلت داخليا وخارجيا تفرض بل تستوجب اعادة النظر في امور كثيرة تنظيمية تتواكب وتتلاءم مع ما جرى وسيجري، وفي تصوري فان اساس وضع خارطة جديدة هو ان لا يظل الحزب اسير الرؤى السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية السابقة تلك التي تشده دائما الى دائرة الصراعات مع نفسه ومع الاخرين، وعليه ان يبحث من واقع معاناة الحاضر عن تلك القواسم الوطنية المشتركة مع الغير والتي من خلالها يتم الاتفاق على رسم «برامج وطنية استراتيجية» هدفها الرئيسي ومحور اهتمامها «الانسان اليمني داخل الوطن وخارجه» وكل ما يرتبط بحياته من تعليم وصحة ومعيشة وثقافة وحرية وحقوق الخ...

يجب ان نرفع عن كاهل الناس المعاناة التي نراها اليوم ونسعى او قل نتنافس بشرف لتوفير افضل الظروف لحياة كريمة في هذا الوطن وللجميع.

* اين ترى موقع حزبكم في خارطة العمل السياسي بعد الانتخابات البرلمانية اذا جرت في موعدها المحدد في العام المقبل؟

ـ ليس مهما اين يكون موقعه والمهم في تصوري هو ان يستعيد دوره الوطني بالمشاركة مع الاحزاب الاخرى باعتبارها احزاباً وطنية لها دورها وحضورها في الواقع بعيدا عن تلك السياسات القائمة على قاعدة التهميش او الالغاء لان الوطن كما اسلفنا بحاجة الى الجميع «يمكن ان نختلف في اطار الحوار لسنوات ولكن لا يجوز ان نقتتل في دقائق لاتفه الاسباب».

يجب ان نفكر وبجدية ان الامر في اليمن لا يتحمل كثيرا امور الصراع والتعصب الحزبي او القبلي او المذهبي، وعلينا ان نفكر بصيغة تلائم وضعنا وهنا ادعو الى «حوار وطني تلتقي فيه كل الاحزاب والتنظيمات يتفق فيه على عدد من الاستراتيجيات الوطنية» ومن خلال ذلك يتم تحديد مساحة العمل الوطني للجميع وهوامش الاتفاق او الاختلاف وهوامش الحركة والفعل لكل حزب في اطار الحقوق والواجبات وان تعزز بهذا مسيرة البناء التي يقودها الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية للوصول الى تحقيق قدر كبير من التوازن والاستقرار السياسي، مما يؤدي الى احداث نهضة اقتصادية واجتماعية وتنموية شاملة في البلد يشارك فيها الجميع احزابا وتنظيمات... افراداً وجماعات، وهذا الامر سيمهد ايجابيا لاجراء انتخابات برلمانية تعكس وتمثل الاجماع الوطني القائم على «قاعدة الائتلاف وليس الاختلاف» ولا يهمنا التسميات اذا ما اتفقت الرؤى وصدقت النوايا.

* هل صحيح ان ما يسمى بالجناح المعتدل داخل حزبكم يسعى الى ترشيحكم في الموقع القيادي بدلا من علي عباد مقبل؟

ـ اولا: اعتقد ان الحزب لم يعد يحتمل المزيد من هذه التصنيفات او المسميات اذ انه وكما تعرفون عانى طويلا ولا يزال يعاني منها ويجب ان نحمل اليوم نفساً آخر ورؤية اخرى وخطاباً جديداً فاذا كنا اليوم نمد ايدينا للاخرين لتجاوز مآسي الماضي كقضية جوهرية للخروج من دوامات الصراع فالطبيعي هو ان نتعانق في الحزب ونكون اول من يؤمن بحق الاختلاف وضرورة الائتلاف والاختلاف في اطار الحوار وليس الصراع.

ثانيا: الامر التنظيمي يتوجب وحدة تنظيمية بعيدة عن المسميات السابقة تمكن الحزب من اعادة بنائه التنظيمي وتعيد له الروح التي افتقدها طيلة السنوات المنصرمة بسبب ما حصل من احداث، وبما ينسجم مع برنامج الحزب الذي يجب ان يتواكب مع الظروف والمتغيرات.. ورؤية الحزب لخارطة العمل السياسي القادمة.

ثالثا: شخصيا لم اكن يوما طامحا ولا مزاحما على المواقع القيادية والمهم بالنسبة لي هو ان نواصل المساهمة بدور وطني يؤدي الى تحقيق خير حقيقي للناس بغض النظر عن المناصب والمواقع القيادية والمسميات فكلنا زائلون ولن تبقى من ذكرى الناس سوى اعمالهم الطيبة.. وهنا لا يفوتني ان اسجل تقديري العميق للاخ علي صالح عباد مقبل الامين العام للحزب الذي يستحق التقدير من زاوية انه تحمل قيادة الحزب في احلك الظروف وتعرض هو شخصيا لمعاناة غير عادية واثبت جدارة وصلابة ونكران ذات واتمنى له من الاعماق الصحة والتوفيق.

=