اللجان النيابية في بيروت تناقش مشروع بيع الخليوي والحريري يشرح مبررات فسخ عقدي «ليبانسيل» و«سيليس»

TT

تعود اللجان النيابية المشتركة في البرلمان اللبناني الى الاجتماع مجدداً اليوم لاستكمال البحث في مشروع قانون يجيز للحكومة اللبنانية بيع رخصتي الهاتف الجوال في مزايدة عالمية عمومية لمدة عشرين سنة، كما يجيز لها اجراء مناقصة عمومية عالمية لادارة شركتي الهاتف الجوال الحاليتين لمدة عشر سنوات.

وكانت هذه اللجان اجتمعت لهذه الغاية امس برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضور رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ووزير الاتصالات جان لوي قرداحي ووزير المال فؤاد السنيورة ووزير الاقتصاد باسل فليحان ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون اضافة الى 60 نائباً.

وقد استهل بري الجلسة بمداخلة تحدث فيها عن الوضع الامني في ضوء حادثتي اغتيال جهاد جبريل والعثور على جثة المسؤول «القواتي» رمزي عيراني اول من امس في بيروت. وحذر من ان لبنان مستهدف قتصادياً وسياحياً وامنياً وقد بدأت الاشارات تصل منذ اغتيال النائب والوزير السابق ايلي حبيقة في يناير (كانون الثاني) الماضي. ووجه بعض الانتقادات الى «الادارة الامنية».

ثم تحدث عن موضوع تخصيص الهاتف الجوال، فأشار مرات عدة الى الخيارات الثلاثة المطروحة لهذه الغاية، وقال: «ان الذي يحكم بين هذه الخيارات ويحدد افضلها هو مجلس الوزراء». وكرر الاشارة الى هذا الأمر مرات عدة خلال حديثه.

بعد ذلك كرّت سبحة المداخلات النيابية فتساءل النائب بطرس حرب عن معنى التخصيص مشككاً بجدواها الاقتصادية والمالية، فيما قال النائب سليم سعادة انه لا يؤيد ولا يعارض العملية «ولكني اريد ان اعرف كيف ستستخدم الاموال؟». ثم طلب النائب نعمة الله ابي نصر تحديد سعر ادنى مقبول في دفتر شروط تخصيص الهاتف الجوال، فرد عليه عدد من الوزراء والنواب والوزير قرداحي مؤكدين ان لا مصلحة للدولة في تحديد «سعر مرجع» لانه يؤثر عليها.ونبه بعض النواب الى وجوب عدم حصول تناقض خصوصاً لجهة التخابر الدولي بين القانون الذي يجيز للدولة بيع رخصتي الهاتف وقانون الاتصالات الجديد اللذين يدرسهما مجلس النواب حالياً.

وهاجم النائب جورج قصارجي شركتي «سيليس» و«ليبانسيل» اللتين تشغلان الهاتف الخليوي حالياً. واتهمهما بالسرقة وتبديد اموال كبيرة للدولة، وكذلك فعل النائب محمد الصفدي.

واذ توقف النائب نبيل دو فريج عند اتهام بعض النواب لشركتي الخليوي بالسرقة، لفت في الوقت نفسه الى «ان العقد الموقع بينهما وبين الدولة يعطي وفق البند 34 منه لوزارة الاتصالات حق الدخول الى منشآت الشركتين وحساباتهما، فاذا كانت هناك سرقة كما قال بعض الزملاء ولم يقم وزير الاتصالات بواجباته فيعني ان هناك مشكلة».

ورد الوزير قرداحي قائلاً: «ليست هناك مشكلة فالوزارة تدخل الى حسابات الشركتين وتكشف عليها ووزارة المالية تقوم بذلك ايضاً. والشركتان متعاونتان في هذا الشأن، ولكن المشكلة معهما انهما لا تسمحان لنا بإجراء تدقيق تقني».

ورد عليه بري قائلاً: «هذا الكلام غير مقبول. انت وزير وعليك ان تتحمل مسؤولياتك، فلماذا لم تتخذ اجراءات وتحيل الموضوع الى مجلس الوزراء؟».

وخاطب بعض النواب الوزير قرداحي مستغربين كلامه، واعتبروه غير مقبول ومتسائلين كيف انه اتهم قبل مدة الشركات بمنع وزارة الاتصالات من الدخول الى حساباتها والآن يقول انها متعاونة مع الوزارة، وانها لا تتعاون من اجل اجراء كشف تقني.

وتحدث النائب روبير غانم فاقترح تحديد المهلة التي تنتهي في 31 اغسطس (آب) المقبل لانجاز المزايدة او المناقصة. وتكلم النائب محمد فنيش (كتلة «حزب الله») فسأل: «طالما ان الدولة ستحصل على ملياري دولار في السنوات الاربع المقبلة من الهاتف الخليوي، فلماذا جرى التخصيص؟».

وفي ختام الجلسة تحدث الحريري فقال: «هذا العقد الذي تقولون عنه انه عاطل اتحدى اي انسان في هذه الغرفة او خارجها ان يأتينا بعقد مثله في العالم كله». واضاف: «لم يكن هناك من مبرر لفسخ العقد مع الشركتين الحاليتين الا الآتي: هذا العقد صار سلاحاً في حملة شعواء ضدي، فاحدى الشركتين (ليبانسيل) جالسة عندي في البيت، في اشارة الى صهره نزار دلول الذي يملك وشقيقاه علي وزياد 86 في المائة من الاسهم في شركة ليبانسيل) والثانية جالسة على طاولة مجلس الوزراء (في اشارة الى الوزير نجيب ميقاتي). وساعة يقولون ان هذا القطاع يعطي عشرة مليارات من الدولارات وفي ساعة أخرى يقولون ان مليارات الدولارات تضيع على الدولة سنوياً، ولذلك لم يكن امامنا اي خيار الا فسخ العقد واجراء المزايدة العالمية حتى تعرف القيمة الفعلية لهذا القطاع وما يحققه من دخل».

بعد ذلك، بدأ المجتمعون مناقشة مشروع القانون بنداً بنداً، فأقروا المادة الاولى منه معدلة. وجاءت كالآتي: «اجيز للحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء منح رخصتين عن طريق مزايدة عمومية عالمية، يعلن عنها بواسطة وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية، لمدة اقصاها عشرون سنة لتقديم خدمات الهاتف الخليوي المحلي، بتقنياته المختلفة والمتطورة خلال تلك المدة والتي تشمل فقط نظامي «GSM» و«GPRS». كما اجيز للحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء اجراء مناقصة عمومية عالمية يعلن عنها بواسطة وسائل الاعلام ذاتها لادارة كل من شركتي الهاتف الخليوي الحاليتين لمدة اقصاها عشر سنوات «ويمكن ان تكون اقل».

تتم المزايدة والمناقصة العموميتان في آن واحد وفقاً للقانون رقم 228 تاريخ 31/5/2000 ـ تنظيم عمليات الخصخصة وتحديد شروطها ومجالات توظيفها.

وبعد الجلسة ادلى مقرر اللجان النائب مخايل ضاهر بالتصريح الآتي: «كانت جلسة اللجان اليوم مخصصة للبحث في مشروع قانون يجيز للحكومية منح رخصتين لتقديم خدمات الهاتف الخليوي، خصوصاً ان الشركتين الحاليتين تم فسخ العقد معهما. والآن، يراد منح شركتين جديدتين رخصتين على ان يتم ذلك بمزايدة عمومية عالمية، وقد اوضح رئيس الوزراء رفيق الحريري ان الهدف من تخصيص هذا القطاع هو تخفيض الدين العام، اذا وافقت الدولة على ذلك، وللدولة الحق في ان ترفض العرض اذا لم يكن مغرياً. وطرحت احتمالات عدة الاول: ما ان يتأتى من العرض مبلغ نقدي يشمل منح الرخصتين لمدة اقصاها عشرون سنة، ويمكن ان تكون اقل، وهذا المبلغ النقدي يوضع في حساب خاص مفتوح في مصرف لبنان، كما تم الاتفاق عليه في لجنة الادارة والعدل، وهذا الحساب من شأنه ادارة الدين العام، وخدمة تخفيض الدين العام، والآن اذا عرض على الدولة مبلغ معين نقداً تضعه في هذا الحساب لتخفيض قيمة وحجم الدين العام. والاحتمال الثاني: ان نبيع هاتين الرخصتين بمبلغ نقدي، والحصول على مساهمات من قيمة الفواتير، فتحصِّل الدولة بذلك مبلغاً نقدياً وآخر تحصل عليه سنوياً من المداخيل، ويمكن ان تسنّد هذه المداخيل، ويوضع ثمن هذا البيع في الحساب الخاص المفتوح في مصرف لبنان.

والاحتمال الثالث هو اجراء مناقصة عمومية علنية لادارة قطاع الهاتف في حال لم تتم الموافقة على نتيجة المزايدة العمومية.

وقال وزير المالية فؤاد السنيورة: «ان الجلسة كانت جيدة جداً، وتم التوافق على المزايدة العمومية لعملية التخصيص والمناقصة لادارة (الهاتف الخليوي) لمدة عشر سنوات كحد اقصى». ورداً على سؤال عما اذا كان هدف الخصخصة هو اطفاء خدمة الدين قال السنيورة: «لقد جرى توضيح. لكي لا يكون هناك اي لبس فموضوع التخصيص عملية مهمة جداً لمعالجة الاوضاع المالية، وكذلك فإن عملية التسنيد مهمة في هذا الشأن. ولكنهما ليسا الوحيدين لمعالجة المشاكل، فهناك اجراءات يجب ان تتخذها الحكومة اللبنانية، والمجلس النيابي وجميع المعنيين والمواطنين للسير في هذا المخطط الواضح، الآيل الى تخفيض الانفاق والى زيادة الواردات والى تفعيل حركة الاقتصاد، وعلينا جميعاً ان نتقي البلد اي علينا ان نوقف المشاحنات السياسية».