مسؤول «مؤسسة الثقافات الثلاث بالبحر الأبيض المتوسط»: في ندوة اشبيلية اعترف الجانب الإسباني بأن وسائل الإعلام لم تقدم دائما صورة موضوعية حول حقيقة أوضاع المغرب

TT

أكد الدكتور محمد ناجي مسؤول «مؤسسة الثقافات الثلاث بالبحر الأبيض المتوسط» في المغرب، أن لقاء الحوار بين الإعلاميين الإسبان والمغاربة الذي عقد أخيرا دورته الخامسة في اشبيلية «كان مناسبة لإعتراف متبادل بين إعلاميي البلدين بعدة أخطاء ومنزلقات ساهمت فيها وسائل الإعلام من الجانبين»، مبرزا أن «اللقاء أظهر توافقا بين الجانبين حول مراجعة عدة أنماط وطرق في تعامل صحافة البلدين مع القضايا الخلافية القائمة بين المغرب وإسبانيا، إضافة لمراجعة تعامل دوائر القرار مع وسائل الإعلام.

وقال ناجي لـ«الشرق الأوسط» ان «مؤسسة الثقافات الثلاث بالبحر الأبيض المتوسط» التي يرعاها العاهلان المغربي الملك محمد السادس والإسباني خوان كارلوس، ويوجد مقرها في اسبانيا، ستضاعف في المرحلة المقبلة من جهودها لإقامة جسور حوار دائمة وفعالة بين الإعلاميين وهيئات المجتمع المدني في البلدين، بهدف المساهمة في إزالة «سوء الفهم المتبادل والصور النمطية الموروثة عن تراكمات سلبية في علاقات البلدين».

وأضاف ناجي أنه «تم الاتفاق على تأسيس اطار ديناميكي ودائم للحوار بين الإعلاميين في البلدين، وعدم الاقتصار على لقاء. وسيتم إنشاء خلية دائمة للحوار، وعقد لقاء نصف سنوي للإعلاميين بدل لقاء سنوي»، مبرزا أن «مؤسسة الثقافات الثلاث بالبحر الأبيض المتوسط» يمكنها أن تساهم بحكم انفتاحها على مختلف الفعاليات ومن موقعها في المجتمع المدني، بدور مهم في تفعيل الحوار وتجسير الهوة بين البلدين.

وأكد الدكتور ناجي أن «حصيلة لقاء اشبيلية كانت ايجابية ومفيدة»، وقال إن المشاركة كانت متميزة من الجانبين، ومن أبرز الوجوه الإسبانية التي شاركت في اللقاء فيليبي غونزاليس، رئيس الحكومة الإسبانية السابق، وكوستافو اريستيغي الناطق باسم الحزب الشعبي الحاكم في البرلمان الإسباني، وميغيل أكيلار أمين عام جمعية الصحافيين الأوروبيين بإسبانيا المساهمة في تنظيم اللقاء، ووجوه بارزة من الإعلاميين في كبريات المؤسسات الصحافية الإسبانية وعدد من الباحثين. ومن الجانب المغربي شارك الصديق معنينو، وكيل وزارة الاتصال، ووجوه إعلامية من مؤسسات صحافية مغربية من اتجاهات مختلفة إضافة لشخصيات أكاديمية.

وفي معرض رده على سؤال حول مدى تأثير أجواء التوتر القائم في علاقات البلدين، على مناقشات لقاء اشبيلية، أوضح ناجي قائلا «رغم أننا بدأنا الحوار بالقضايا المثارة في علاقات البلدين والخلافات القائمة حول عدد من الأمور وتداعياتها على ما تتداوله وسائل الإعلام الإسبانية والمغربية، فقد نفذ الحوار إلى بحث الأبعاد التاريخية والمنظور البعيد لمستقبل العلاقات»، مضيفا أن «المشاركين أكدوا أن عددا من الإشكاليات المثارة في فضاء علاقات البلدين ترتبط بأوضاع وخلفيات تاريخية وليست وليدة اليوم وبالتالي فإنه لا يتعين تحميل الظرفية الراهنة مسؤولية تراكمات تاريخية، كما أن ذلك يفترض قدرا من التفاؤل وعدم التشاؤم من مجريات العلاقات بين البلدين».

وقال ناجي «ان الحوار تصدره موضوع دور وسائل الإعلام في تشكيل صورة المغرب لدى الإسبان وصورة إسبانيا لدى المغاربة وكان هنالك اعتراف واضح من الجانب الإسباني بأن وسائل الإعلام الإسبانية لم تقدم دائما صورة موضوعية حول حقيقة أوضاع المغرب، وبأن عددا من الإنزلاقات حدثت في ما يتعلق بتناول بعض رموز المغرب وفي مقدمتها عاهل البلاد، كما ظهرت من حين لآخر في وسائل الإعلام الإسبانية تقييمات للتطور السياسي والاجتماعي في المغرب، لم تكن دائما مراعية لتطلعات المغرب وجهود قيادته نحو الحداثة والتطور».

واستطرد الدكتور ناجي قائلا إن «الحوار أظهر من ناحية أخرى أن المسؤولين المغاربة مطالبون بمراجعة طريقة تعاملهم مع وسائل الإعلام الأجنبية»، موضحا أن «الدوائر الرسمية المغربية مطالبة بتأمين تواصل شفاف وفعال مع وسائل الإعلام الإسبانية والانفتاح عليها لتوضيح عدد من القضايا التي تتداولها تلك المؤسسات الإعلامية».

وأشار الى ان «غياب تواصل الجانب المغربي مع الإعلام الإسباني وعدم تمكينه من الوصول للخبر غالبا ما أدى إلى فسح المجال للآخرين كي يبثوا نظرة سلبية عن أوضاع المغرب وقضاياه».

وفي رده على سؤال حول مسؤولية وسائل الإعلام في الأزمة التي وصلت اليها علاقات البلدين، قال الدكتور ناجي «صراحة وحسب ما لاحظناه في لقاء اشبيلية والنخبة الإسبانية التي تحاورنا معها، فإن لديهم قابلية واستعداد للقيام بدور إيجابي في تحسين وتطوير العلاقات وليس العكس، والمهم أن يحصل انفتاح وتفهم أكثر من قبل دوائر القرار في الجانبين لطبيعة المهمة الحساسة التي تضطلع بها وسائل الإعلام». وأضاف «يتعين أن لا نقع في عملية خلط في التعامل مع الحكومة الإسبانية ووسائل الإعلام الإسبانية لأنها غير مسؤولة عن مواقف وسلوك حكومة بلادها» مبرزا أن «أساس التعامل مع وسائل الإعلام يرتكز على النظرة الإيجابية بدلا من إطلاق أحكام مسبقة والتعامل بالشك والريبة والرفض».

ولاحظ ناجي أن «المشاركين الإسبان أبدوا ملاحظات حول ما تتداوله الصحافة المغربية حول إسبانيا، وطالبوا وسائل الإعلام المغربية بدورها بمراجعة طريقة تعاملها مع الشأن الإسباني وقضايا علاقات البلدين»، مبرزا أن «تغيير صورة المغرب في إسبانيا، يتطلب عدم القاء اللوم والعتاب فقط على وسائل الإعلام وانتقاد الآخرين، بل يجب علينا كمغاربة أن نكون موجودين بفعالية أكبر في حقول العمل الدبلوماسي والثقافي والمجتمع المدني عبر أدوار وفعاليات تقوم بها شخصيات ومؤسسات لها مصداقية وكفاءة في إدارة الحوار وإقامة جسور متينة مع الهيئات والنخب والفعاليات المؤثرة في المجتمع الإسباني».

=