بطرسبرغ تستعد للقمة الروسية الأميركية وسط تضارب الآراء حول الوثيقة الرئيسية

TT

فرغت مدينة بطرسبرغ الروسية من استعداداتها لاستضافة القمة الروسية ـ الاميركية التي تبدأ غدا (الخميس) بوصول الرئيس الاميركي جورج بوش وسط تضارب التعليقات حول اهمية ووزن «المعاهدة» المقرر توقيعها حول خفض التسليح. وتقول المصادر الرسمية ان هذه الوثيقة «المعاهدة» تأتي «في ثلاث صفحات»، ما يجعلها لا تقارن مع معاهدة «ستارت 1» التي سجلت في مئات الصفحات، عدا الملاحق التقنية التي تحدد نظام وجدول تقليص منظومات التسلح الاستراتيجي، واجراءات الرقابة، وسبل احصاء الرؤوس النووية.. الخ.

وأشارت الى ان «المعاهدة» الجديدة كان يجب ان تحمل اسم «ستارت 3» بعد توقيع معاهدة «ستارت 2» في مطلع التسعينات. الا ان رفض الكونغرس الاميركي التصديق عليها يجعلها اليوم خارج نطاق حسابات الطرفين.

وتشتمل الوثيقة الجديدة على مقدمة تتناول «المسؤولية التاريخية تجاه البشرية (!)» وتنص على «ان الجانبين الروسي والاميركي يملكان حق الاحتفاظ لنفسيهما مع حلول عام 2012 بـ1700 ـ 2200 رأس نووية بدلاً من 5000 ـ 6000 الموجودة لديهما.

وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» قال دميتري روجوزين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما: «ان الكثير من «تعبيرات» المعاهدة الجديدة يحمل الكثير من التأويلات، مما يجعلها فضفاضة قابلة للجدل فضلا عن انها تنص في الكثير من بنودها على انه يمكن للجانبين «مراعاة» ما نصت عليه معاهدة «ستارت 1»، وهي كلمة لا تحمل معنى الالزام، ناهيك من ان «ستارت 1» تنتهي عملياً في عام 2009». ويقول ناقدو المعاهدة انها لا ترتبط من بعيد او قريب مع المخططات الاميركية بشأن خروج واشنطن من معاهدة الحد من الانظمة المضادة للصواريخ التي وقعتها مع موسكو عام 1972. ومع ذلك قال روجوزين: «يجب التريث الى حين الانتهاء من مباحثات القمة، والنظر في مدى توافق هذه المعاهدة مع المصالح الوطنية للبلاد، بدلا من التسرع في اصدار الاحكام».

وفيما يتحدث المراقبون عن الجدل بين العسكريين الروس بهذا الشأن تقول مصادر وزارة الدفاع ان المعاهدة «ستكفل لروسيا التخلص من بعض الرؤوس النووية التي تشكل صيانتها عبئاً على ميزانية القوات المسلحة، فضلا عن ضرورة مراعاة توازن القوى في الساحة الدولية، مما يعني ضمنا ان الولايات المتحدة تتصدر هذه الساحة خصماً من رصيد وتاريخ الدولة الروسية».

وثمة من يقول ان في الوثائق الاخرى التي من المقرر توثيقها خلال قمة بوتين ـ بوش ما يكفل لروسيا ضمان امنها، حيث تضم قائمة هذه الوثائق الاعلان المشترك حول «الاستقرار الاستراتيجي».

ومن المقرر ايضاً الاعلان عن تشكيل لجنة استشارية تضم وزراء دفاع وخارجية البلدين للتعاون وتنسيق المواقف في ما يتعلق بمعاهدة الحد من الانظمة المضادة للصواريخ الموقعة مع موسكو عام 1972.

ويضم جدول اعمال اللقاء بحث العلاقات الثنائية التي تصطدم بتعديل فينيك ـ جاكسون، وهو يحظر منح روسيا وضعية الدولة الاولى بالرعاية تجاريا، رغم كل الوعود التي اغدقتها واشنطن عليها بالغاء هذا التعديل منذ اخر سنوات الاتحاد السوفياتي السابق، ومعلوم ان هذا التعديل اقر في السبعينات احتجاجاً على تقييد الهجرة اليهودية لاسرائيل، وما يسمى بانتهاك حقوق الانسان.

وتقول المصادر الروسية ان حجم التبادل التجاري بين روسيا والولايات المتحدة لا يزيد عن مستوى هذا التبادل بين الولايات المتحدة وكوستاريكا، حيث لا يشكل بالنسبة للولايات المتحدة سوى 1% (!). ومع ذلك يتوقع المراقبون المزيد من ضغط واشنطن على موسكو واستمرار تدخلها نظراً لاصرارها على مناقشة ما تسميه «حرية الصحافة» وانتهاك حقوق الاقليات الدينية والقومية.

وتشير المصادر كذلك الى احتمال صدور اعلان مشترك حول الشرق الاوسط يتناول نية الجانبين تجاه «مساعدة الاطراف المعنية» الى جانب الاعلان المشترك حول التعاون في مجال مكافحة الارهاب.

وكشف ايجور ايفانوف وزير الخارجية الروسي ان بلاده سوف تحاول استيضاح ابعاد الوجود العسكري الاجنبي في آسيا الوسطى لدى الولايات المتحدة. وقال الوزير الروسي ان هذا الموضوع لا يمكن الا ان يثير القلق، مشيراً الى تعاون البلدين في مجال مكافحة الارهاب الذي يعتبره واحداً من اهم مجالات التعاون بين البلدين. وقال: «ان التعاون مع واشنطن اسفر عن تصفية الاخطار التي كانت تهدد بلدان الكومنولث، من خلال سحق الارهابيين في افغانستان»، واعترف بان روسيا وحدها لم تكن تستطيع سحق هذا الخطر.