مصادر فرنسية: واشنطن تعارض ضمنا عودة مفتشي الأسلحة إلى العراق

TT

أفادت اوساط فرنسية واسعة الاطلاع في باريس امس ان التوجه الحالي للادارة الاميركية بخصوص الملف العراقي «يقوم على معارضة توجيه انذار محدد» الى بغداد حول عودة المفتشين الدوليين على الاسلحة العراقية المحظورة. وأكدت هذه الاوساط ان واشنطن تتخوف من ان يقبل العراق مثل هذا الانذار، وأن يسمح بعودة المفتشين، الامر الذي من شأنه ان يحرم واشنطن من حرية الحركة وان يضع عائقا دبلوماسيا بوجه قيامها بتوجيه ضربة عسكرية قاضية للحكم العراقي.

واعتبرت هذه الاوساط ان ما تسعى اليه ادارة الرئيس الاميركي، في المرحلة الراهنة، منع عودة المفتشين الدوليين بكل الطرق، ولكن من غير اعلان هذا الموقف الذي يتعارض مع معنى ما تحاول المجموعة الدولية الوصول الىه منذ خروج المفتشين نهاية عام 1998.

وفي ما خصّ الادارة الاميركية بالذات، فان هذه الاوساط ترى ان الملف العراقي موجود الآن بين يدي وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد، فيما تأثير وزير الخارجية كولن باول تضاءل كثيرا، رغم انه كان في الاساس المروّج لفكرة «العقوبات الذكية» وهي التي حوّلها مجلس الامن الى قرار صدر بالاجماع اخيرا ويحمل الرقم 1407.

وبحسب ما تقوله الاوساط الفرنسية المتابعة عن كثب لخفايا الملف العراقي، فان واشنطن «اعطت اشارات واضحة في الايام الاخيرة» حول عزمها على عرقلة عودة المفتشين وعلى رغبتها «في تعظيم الثمن السياسي» لهذه العودة، و«حرمان العراق من اية ضمانات يطلبها»، وابقاء «سيف العمليات العسكرية مسلطا عليه»، الامر الذي من شأنه ان يدفع العراق تلقائيا لرفض هذه العودة.

وتقول هذه الاوساط ان «الزمن يمر بسرعة» وكل يوم يمر «يجعل عودة المفتشين غير ذي معنى وتأثير على القرار الاميركي» القائم على الرغبة في التخلص نهائيا من الرئيس صدام حسين.

وتؤكد هذه الاوساط ان التخطيط الاميركي، في الوقت الحاضر، يجعل من الشتاء القادم الفترة المثالية للقيام بعمل عسكري واسع النطاق. وتحرص واشنطن، التي تنظر الى عودة المفتشين على «انه اكبر عائق دبلوماسي» لتنفيذ الضربة العسكرية واسقاط نظام صدام حسين، على التشكيك المسبق بفائدة عمليات التفتيش حتى قبل حصولها واستخدامها ذريعة تبرر العمل العسكري.

ومن المقرر ان يكون الملف العراقي من بين مواضع النقاش بين الرئيس الاميركي جورج بوش الذي سيزور باريس نهاية الاسبوع الجاري والرئيس جاك شيراك.

وأكدت هذه الاوساط ان العراق، وفق المعلومات المتوافرة بوسائل مختلفة «يعيد تسليح نفسه»، الامر الذي يزيد من رغبة الاميركيين في اختيار العمل العسكري ضده. وفي التحليل الامني، ترى هذه الاوساط ان هناك «فرصة اخيرة» يمكن للعراق الاستفادة منها بالقبول السريع بعودة المفتشين، مع اعتراف هذه الاوساط سلفا بأنها قد لا تكون كافية لتحاشي العمل العسكري واسع النطاق ضد بغداد.