خبراء طاقة ومتفجرات في إسرائيل: انفجار مجمع الوقود كان يمكن أن يؤدي إلى قتل الألوف

المحكمة تمنع إدارة المجمع من إدخال المزيد من الوقود حتى يبت في الاحتياطات الأمنية

TT

رغم حالة الذهول والصدمة التي اصابت المؤسستين السياسية والعسكرية في اسرائيل من جراء انفجار العبوة الناسفة في مجمع الوقود الضخم، فان خبراء الطاقة والمتفجرات يؤكدون ان هذه العملية اخطر بكثير من كل تصور. وانه لو وقع الانفجار، الذي يعتقد انه نجم عن عملية فدائية فلسطينية، بسيارة اخرى لكان ادى الى قتل 99 في المائة من المواطنين داخل الدائرة المحيطة بالمجمع بقطر 1200 متر. وبناء عليه، فان المؤسستين المذكورتين غارقتان في التحقيقات حول العملية وظروف وقوعها واية جهة تقف وراءها واية عمليات قادمة ستكون من بعدها.

وكانت بلدية رمات هشارون، التي يقع المجمع داخل تخومها، قد قررت اغلاق المجمع. فهرعت ادارته (شركة الوقود الاميركية ـ الاسرائيلية المدعوة «ياز غاز») الى المحكمة لابطال القرار، باعتبار انه سيؤدي الى نقص خطير في الوقود المستهلك من شأنه ان يشل حركة الاقتصاد ويخلق الفوضى العارمة ويعيد الازدهار الى السوق السوداء في الوقود كما حصل ابان حظر النفط العربي عام 1973. واقتنعت المحكمة بذلك، لكنها لم تقرر تشغيل المجمع كما في السابق. وقررت منع ادارته من ادخال الوقود اليه، والاكتفاء حاليا باخراج الوقود الى السوق، حتى تتضح الصورة وتتخذ الاجراءات الامنية والوقائية اللازمة.

يذكر ان الانفجار وقع فجر اول من امس، وتبين ان عبوة ناسفة الصقت بقاع سيارة شحن من السيارات التي تنقل الوقود من والى هذا المجمع. فاشتعلت النيران بها وتمكن رجال الاطفاء من اخمادها دون اي اصابات. وقال الخبراء، اثر التحقيقات الاولية، انه لو وقع الانفجار بسيارة اخرى من تلك التي كانت تحمل مادة البنزين او الغاز لوقعت كارثة حقيقية. فالانفجار وقع بسيارة تحمل المازوت «ديزل»، وهو مادة بطيئة الاشتعال. وفي حالة انفجار المادة المشتعلة، كانت النيران ستمتد بسرعة الى الخزانات الضخمة. وعندها تقع انفجارات وحرائق ستمتد الى حوالي كيلومترين في محيط هذا المجمع. فاذا اخذنا في الاعتبار، ان داخل هذه المساحة يوجد حي «رمات افيف ـ جد» البالغ عدد سكانه عشرين الفا ويوجد فيه اكبر الشوارع الرئيسية في اسرائيل واكثرها ازدحاما (ايلون ونمير وتل ابيب وحيفا وتل ابيب والشارون) ويوجد مقر امني يحتوي على اسلحة وذخيرة، فان مثل هذا الانفجار كان سيؤدي الى مقتل الوف الاسرائيليين.

وحسب هؤلاء الخبراء فان 99 في المائة من المواطنين الذين كانوا موجودين وقت الانفجار في دائرة قطرها 1200 متر كانوا سيموتون و50 في المائة من المواطنين في قطر 1200 ـ 1680 مترا هذا عدا عن الدمار. وفي قطر 1680 ـ 3000 متر كان سيحصل ضرر كبير للممتلكات دون اصابات. لكن الضرر كان سيلحق بالمباني المحيطة حتى قطر 8 كيلومترات.

وبناء على ذلك تتدفق الاحتجاجات والتقديرات والمعلومات والتحقيقات حول الموضوع بشكل يدل على وجود ارتباك على جميع المستويات والاصعدة. فسكان المنطقة يطالبون باغلاق المجمع ونقله الى مكان آخر، وقد اغلقوا المدارس، امس، احتجاجا. والقاضية التي نظرت في موضوع الاغلاق تذكرت انها كانت قبل سنتين قد اصدرت امرا يقضي باغلاق موقف السيارات الذي باتت فيه الشاحنة المفخخة ويعتقد ان العبوة الناسفة زرعت فيها عندما كانت واقفة فيه قبل ساعات من الانفجار. والصحافة ووسائل الاعلام خرجت باستنتاجات تقول انه منذ حرب اكتوبر (تشرين الاول) 1973 وحتى اليوم لم يحدث ان شهدت اسرائيل قضية فساد واهمال بمستوى هذه القضية، ووجهت اصابع الاتهام الى كل من يمت بصلة الى هذا المجمع، من الحكومة وحتى حارس البوابة. وكشفت المخابرات العامة انها كانت قد اصدرت تقريرا حذرت فيه من انفجار كهذا قبل ستة اشهر، وطلبت عددا من الاجراءات الامنية المشددة، التي لم ينفذ منها شيء. وحسب مصدر في المخابرات فانه لو نفذت تعليماتهم لما كان الانفجار قد وقع. واصدرت وزارة البيئة بيانا تقول فيه انها طالبت بدفن خزانات الوقود في باطن الارض منذ 10 سنوات، لكن احدا لم يكترث لطلبها. وكشف قادة الجبهة الداخلية في الجيش ان قواتهم اجرت مناورات في المنطقة قبل 3 أشهر وتمكنوا من ادخال شاحنة كهذه تحمل جسما مشبوها الى قلب المجمع، مما استدعى تغيير نظام الحراسة فيه، لكن شيئا لم يتغير.

وفوق كل هذا، تبين ان الشرطة تلقت انذارا يوم الاربعاء الماضي، اي قبل الانفجار بيوم واحد فقط، يقول ان شخصا مشبوها شوهد وهو يراقب بالمنظار ما يجري داخل هذا المجمع. فماذا فعلت الشرطة بهذه المعلومة؟ وهل اتخذت اية اجراءات بشأنها؟

تجدر الاشارة الى ان الاجهزة الامنية الاسرائيلية مصرة على ان هذه العملية تمت بأيد فلسطينية، مع ان اي تنظيم لم يأخذها على عاتقه. ولهذا فان السياسيين والعسكريين الاسرائيليين منكبون حاليا على دراسة ملابسات القضية ولفحص اي تنظيم يمكن ان يقدم على مثل هذه العملية الخطيرة وهل هي مبادرة منفردة تتم بالصدفة أم ان هناك جهة فلسطينية قررت ان ترفع مستوى عمليات التفجير لدرجة المساس باهداف اسرائيلية كبيرة ذات طابع استراتيجي خطير.

وفي كل الاحوال، هناك قلق يقارب الفزع في اسرائيل، من رفع مستوى العمليات الى هذه الدرجة الخطيرة. ولا يعرفون بعد كيف يجابهونه، باستثناء القرار الذي اتخذه وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، بتوسيع نطاق العمليات.