المحققون الأميركيون يبحثون احتمال انتماء «صاحب الحذاء المتفجر» لتنظيم غير «القاعدة»

مسؤولون في «إف. بي. آي» يشيرون إلى أن التحقيقات تشمل «حماس» و«حزب الله»

TT

كشف مسؤولون اميركيون انهم يجرون تحقيقات في ما اذا كانت محاولة البريطاني ريتشارد ريد تفجير طائرة جزءا من محاولة قامت بها جماعة اصولية متطرفة غير شبكة «القاعدة» التي يتزعمها اسامة بن لادن، لضرب اهداف في اميركا.

ومن ناحية اخرى قالت السلطات الاميركية في ملف قضائي ان ريد، «صاحب الحذاء المتفجر»، اعترف تقريبا باعداده لتنفيذ عمل ارهابي قبل يومين من صعوده على متن الطائرة الاميركية، التي كانت متجهة يوم 22 ديسمبر (كانون الاول) الماضي الى ميامي. وقد اعتقل بعد محاولته اشعال مواد متفجرة مخفية في حذائه.

فقد كتب ريد في «وصية» وجهها الى أمه بالبريد الالكتروني يوم 20 من الشهر ذاته، «ان ما اقوم به جزء من الحرب المتواصلة بين الاسلام والكفر. ولم افعل ذلك بسبب الجهل، كما لم افعله لمجرد انني ارغب في الموت، وانما لأنني أرى واجبا عليّ المساعدة في ازالة القوى الاميركية المستبدة من العالم الاسلامي، وان هذا هو الطريق الوحيد لتنفيذ ذلك ما دمنا لا نملك وسائل اخرى لمحاربتهم».

وتتهم وثائق المحكمة ايضا ريد بأن له شريكا واحدا في الجريمة، على الاقل، في محاولته تفجير الطائرة الاميركية المكتظة بالركاب، وهو شريك ساعد في اعداد الوسائل التفجيرية البلاستيكية البارعة والفعالة جدا.

غير ان تورط ريد المحتمل مع جماعة ارهابية غير القاعدة ـ او بالاقتران معها ـ هو الذي يثير فزع السلطات الاميركية.

فقد قالوا ان زيارات ريد الى قطاع غزة ومناطق اخرى خلال سفراته الواسعة، والنمط الخاص من المواد المتفجرة التي وجدت معه عند اعتقاله، وتعليقاته الخاصة، ومعلومات اخرى حصلوا عليها اثناء تحقيقهم، ان ذلك كله طرح اسئلة مهمة حول ما اذا كانت «القاعدة» او جماعة اخرى هي القوة الرئيسية التي تقف خلف مخطط هجوم ريد.

وقال مسؤول في المباحث الفيدرالية الاميركية، مشيرا الى المواد المتفجرة، وسفرات ريد الواسعة من دون وجود دخل منظور لديه، «ان السلطات واثقة» تماما بأنه جزء من منظمة ارهابية. ويمكن للمرء ان يفترض، منطقيا، ان «القاعدة» ليست الجماعة الوحيدة التي يجري التدقيق في امرها».

ولم يرد محامو ريد على المكالمات الهاتفية التي سعت الى الحصول منهم على تعليق اول من امس.

ويواجه ريد تسع تهم، بينها تهمة محاولة قتل طائم الطائرة والركاب الذين كان عددهم 197 شخصا.

وكان مسؤولو وزارة العدل الاميركية اتهموا ريد بكونه مجندا في شبكة بن لادن، قائلين في لائحة اتهامهم انه تلقى تدريبا في معسكرات «القاعدة» بأفغانستان. ويبدو، ايضا، انه احد افراد «القاعدة»، وقد ظهر اسمه في ملف بكومبيوتر ترك في بيت آمن من بيوت «القاعدة» بأفغانستان، وقد بيع هذا الملف الى صحيفة «وول ستريت جورنال» في وقت لاحق، ثم سلم الى مكتب المباحث الفيدرالي.

وقال روبرت مولر، مدير مكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) اخيرا، ان المكتب يعتقد ان «متخصصا بصنع التفجيرات في القاعدة» هو الذي اعد مواد الحذاء المتفجرة، وتقول وثائق المحكمة التي نشرت الخميس الماضي ان ريد، البالغ من العمر 28 عاما، قد استبعد من كونه مصدر الشعر البشري وبصمة راحة اليد التي وجدت على المواد المتفجرة.

ويكشف جواز سفر ريد البريطاني، ايضا، عن قيامه برحلتين الى باكستان عام 2001، مما يشير الى احتمال سعيه الى الالتحاق بمخيمات تدريب «القاعدة» في افغانستان المجاورة، كما تظهر الوثائق الجديدة.

غير ان مسؤولا في المباحث الفيدرالية الاميركية أكد، في مقابلة معه، ان السلطات تسعى، الآن، بجهد دؤوب، الى معرفة ما اذا كانت منظمتان اخريان هما «حماس» و«حزب الله» متورطتين، بشكل ما ايضا، الامر الذي يمكن (اذا ثبت) ان يكشف عن تحول دراماتيكي في برنامجي الجماعتين.

وتعتقد السلطات ان ريد قد يمثل، في ادنى تقدير، نمطا جديدا من ارهابي هجين، يتمتع بصلات مع «القاعدة»، وكذلك منظمات اخرى.

وقال مسؤولو المباحث الاميركية، ان مثل هذه الصلات، ايا كان الامر، يمكن ان توسع، الى حد كبير، التهديد الذي يتعرض له الاميركيون.

ومن الناحية التقليدية لم تسع «حماس» و«حزب الله» الى مهاجمة الاميركيين على أراضي الولايات المتحدة، او حتى على الطائرات الاميركية بل حددتا نشاطاتهما، في معظم الاحوال، بهجمات على اهداف اسرائيلية في المنطقة. كما ان «حزب الله» اختطف في الماضي اميركيين، ولكن ليس على الاراضي الاميركية ابدا، وليس لسنوات طويلة، كما قالت السلطات والخبراء.

وقال مسؤولون في ادارة بوش ان مكتب المباحث الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية لم يجدا صلات رسمية تنظيمية بين «القاعدة» وكل من «حماس» و«حزب الله»، غير ان الجماعات «تعاونت» مع بعضها البعض، بصورة غير رسمية، في السنوات الاخيرة.

وقال المسؤول ان «هناك، بالتأكيد، دليلا يشير الى وجود صلات واتصالات بينهم، فهذه منظمات متماثلة في نمط التفكير، تكن كراهية للولايات المتحدة، ولديها روافد نحو بحيرة اوسع من الموارد والناس. ولكنني لا اقول ان منظمات فلسطينية رافضة (مثل حماس) او «حزب الله» مرتبطة بـ«القاعدة» وتشن حربا ضدنا».

ومع ذلك فان المسؤول ـ شأن المسؤولين والخبراء الآخرين ـ قال ان ريد يمثل «ورقة مثيرة» بسبب رحلاته وصلاته.

وأكد متخصص في مكافحة الارهاب في وزارة العدل الاميركية تقاعد اخيرا ان التحقيق مع ريد قد اتسع ليشمل منظمات اخرى، خصوصا «حماس» و«حزب الله». ومما يتسم بأهمية خاصة، حسب قوله، رحلات ريد الى غزة، المنطقة المعروفة بهيمنة «حماس» عليها، وامتلاكه مواد متفجرة فعالة تعرف بـ«ترياسيتون تريبيروكسيد»، استخدمت على وجه التحديد، تقريبا، من قبل الجناح العسكري لـ«حماس» في التفجيرات الانتحارية.

وقال المسؤول السابق الذي تقاعد بعد اعتقال ريد ان «حقيقة قيامه برحلات عدة الى اسرائيل ومناطق اخرى في الشرق الأوسط هي احد الاسباب التي تجعل المحققين يتجهون بأنظارهم الى صلة معينة مع «حماس». غير ان «القاعدة» يحتمل ان تكون على صلات، في بعض المجالات، مع «حماس».

وما يزال خبراء ومسؤولون آخرون يعتقدون ان ريد ربما كان يعمل بالارتباط مع «حزب الله»، الذي يتمتع بتاريخ من تجنيد افراد في اوروبا، وارسال المتطوعين من غير العرب مثل ريد في مهمات استطلاعية الى اسرائيل، وفقا لما ذكره ماغنوس رانستروب، المستشار بقضايا الارهاب للحكومات الاوروبية والمدير المساعد لمركز دراسة الارهاب والعنف السياسي في جامعة سانت اندروز باسكوتلندا.

وقال نيل هيرمان، المشرف السابق في مكتب المباحث الفيدرالي، الذي اشرف على التحقيق في عملية تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993، ان اية علاقة بين ريد وجماعات اخرى غير القاعدة يمكن ان تكون خطيرة الشأن ومقلقة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» =