ليونة روسية تجاه قضايا الأسلحة النووية و«الدجاج الأميركي» و«رسوم الصلب» مقابل وعد بمنحها وضع «الدولة الأولى بالرعاية»

TT

اسفرت مباحثات اول قمة روسية ـ اميركية يعقدها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والاميركي جورج بوش في الكرملين امس عن توقيع خمس وثائق تتصدرها معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية حتى مستوى 1700 ـ 2200 رأس نووية لكل منهما، مع تخزين ما يقرب من الفين وخمسائة رأس نووية وليس تصفيتها حسبما كان يرى الجانب الروسي.

وفيما تثير هذه القضية مخاوف الكثير من ممثلي المعارضة في الداخل قال بوش في معرض اجابته على سؤال لصحافي اميركي حول اسباب اصراره على تخزين هذه الرؤوس النووية وليس التخلص منها: «من يدري بعد عشر سنوات على سبيل المثال.. كيف سيكون حال الرؤساء في المستقبل».

ووقع الرئيسان كذلك اعلانا مشتركا حول العلاقات الاستراتيجية الجديدة بين بلديهما، وآخر حول تطور العلاقات الاقتصادية، وفي هذا الصدد عاد بوش، شأن اسلافه بيل كلينتون وابيه جورج بوش، ليغدق الوعود على الجانب الروسي قائلا انه سيعمل من اجل اقناع الكونغرس الاميركي بالغاء تعديل قانون «فينيك ـ جاكسون» الذي يحظر منح روسيا وضعية الدولة الاولى بالرعاية تجاريا، وان ذكرت مصادر رسمية روسية ان واشنطن ستعترف بروسيا في منتصف يونيو (حزيران) المقبل بان اقتصادها من اقتصاديات السوق وستساعدها على الانضمام الى منظمة التجارة العالمية.

وتركز اهتمام الجانبين في قمة موسكو حول التعاون في مجال الارهاب وتجارة المخدرات، واتفقا كذلك حول تشكيل مجموعات عمل لبذل الجهود الرامية الى مكافحة الارهاب النووي والكيماوي والبيولوجي.

وكشفت مصادر قريبة من القمة عن تفهم واشنطن لقلق روسيا تجاه استمرار الوجود العسكري الاميركي في اسيا الوسطى، والاعلان عن الامل في القضاء على الارهابيين في هذه البقاع، مما يعني وعدا بالرحيل، فور الانتهاء من هذه المهمة.

ووقع الجانبان اعلانا مشتركا حول التعاون في هذا المجال والعمل من اجل تدمير البنية التحتية لمنظمة القاعدة وطالبان في افغانستان الى جانب مساعدة جورجيا على التخلص من «الارهابيين» الذين تقصد بهم روسيا «المقاتلين الشيشان» الموجودين هناك.

اما الوثائق الاخرى فتحمل عنوان التعاون في مجال العلاقات الانسانية، وهي بشأن تسهيل انتقال مواطني البلدين و«الحوار الجديد في مجال الطاقة» والمقصود به التعاون في مجال نقل نفط بحر قزوين، الى جانب البيان الصادر حول الشرق الاوسط.

وتوقف الجانبان طويلا عند ضرورة توسيع مجالات التنسيق المتبادل في المجالات الاقتصادية، في اطار ما كان يسمى بـ«حرب الدجاج»، نسبة الى لحوم الدجاج التي تسمى في روسيا بـ«سيقان بوش»، نسبة الى بوش (الاب) الذي سبق ان قدم كميات كبيرة منها لروسيا في اطار المعونات الانسانية لها في مطلع التسعينات. وفيما بدأت موسكو وكأنها تخلت عن تحفظاتها بشأن ارسال مثل هذه اللحوم المخالفة للقواعد «الصحية البيطرية» ناشدت واشنطن التنازل عما تفرضه من قيود على الصادرات الروسية من الصلب، وهي مناشدة كشف عنها بوتين لدى حديثه عن التعاون واستخدام الشركات الروسية لطائرات «البوينغ الاميركية».

وتناول الرئيسان كذلك عددا من القضايا الاقليمية، ومنها الاوضاع في البلقان وضرورة التعاون في مجال حل النزاع القائم بين ابخازيا وجورجيا، بسبب اعلان الاولى للانفصال من جانب واحد، وكذلك العلاقات بين ارمينيا واذربيجان حول ناجورني قره باغ المتنازع عليها منذ نهاية الثمانينات. وبوصفهما رئيسين مناوبين لـ«مجموعة مينسك» بشأن هذا النزاع فقد ناشدا الرئيسين حيدر علييف (اذربيجان) وروبرت كوتشاريان (ارمينيا) التحلي بالمرونة والبحث عن مواقف بناءة للخروج من المأزق الراهن.

واعرب الرئيسان ايضا عن ترحيبهما باستمرار التعاون بين روسيا و«الناتو» وقالا ان اللقاء المرتقب لرؤساء بلدان الناتو وروسيا المقرر عقده في روما في 28 مايو (ايار) الجاري سيساهم في تحديد المواقف والقرارات المشتركة بوصف هذه البلدان «شركاء» ملتزمين ببنود كل المواثيق الاوروبية، وضروريات التعاون في مجال حماية الامن لكل بلدان المجموعة.