المؤسسات الأكاديمية الأوروبية تشهد معركة حامية بين أنصار الفلسطينيين والمؤيدين لإسرائيل

TT

كشف النقابي البريطاني بول بينيت، رئيس اللجنة الاوروبية لمنظمة «التعليم الدولي» امس عن انه سيدعو زملاءه في اجتماع قريب الى اعادة النظر بعلاقة مؤسساتهم الاكاديمية مع اسرائيل وقطعها اذا لزم الامر.

وجاء تصريح مسؤول العلاقات الدولية في نقابة «الاتحاد الوطني لأساتذة التعليم العالي» البريطانية، في وقت يشهد فيه الصراع على الساحة الاكاديمية العالمية بين مؤيدي الحق الفلسطيني وانصار اسرائيل تصعيدا ملحوظا منذ اسابيع. فالحملة التي يقودها البروفسور البريطاني ستيفن روز على صعيد اوروبا لمقاطعة الجامعات الاسرائيلية ما لم تبدأ تل أبيب «مفاوضات جادة» مع الفلسطينيين، صارت تواجه حملة مضادة نظمها البروفسور الاميركي ليونيد ريجيك. ولئن حقق طلاب بريطانيون شيئا من التقدم على طريق ادانة ممارسات اسرائيل في جامعاتهم، فقد سجل مؤيدو الدولة اليهودية انتصارا أكيدا على الصعيد نفسه.

وقال بينيت في اتصال اجرته معه «الشرق الأوسط» ان نقابته قد «اتخذت قرارا بدعوة الجامعات البريطانية الى مراجعة صلاتها الاكاديمية مع اسرائيل، على ان يكون قطع هذه العلاقات احتمالا ممكنا».

واضاف لقد «وجهنا اخيرا رسائل رسمية الى اعضائنا في جامعات وكليات بريطانية نطلب منهم تفعيل هذا القرار على المستوى العملي ومناقشة الامر مع ادارات مؤسساتهم».

ولدى سؤاله عن موقف نقابته من الحملة التي يقوم بها البروفسور روز، اكد بينيت ان «قرارنا قد اتخذ بناء على توصية داخلية ولا علاقة لنا بالحملة المذكورة». واضاف «لا نرغب بفرض قرار ما على احد بل نفضل اعطاء الاعضاء حرية اتخاذ الاجراءات التي يرونها مناسبة». وزاد «ونحن من جهة اخرى نسعى بامكاناتنا المحدودة، الى تشجيع الجهود الرامية الى احلال السلام في الشرق الأوسط، وندرك ان تعاونا اكاديميا بين اسرائيليين وفلسطينيين وجهات اخرى احيانا، يصب في اتجاه البحث عن السلام، لذا لا نريد ان نعرقل هذا التعاون الثنائي او الثلاثي عن طريق قرار بالمقاطعة».

وأكد بينيت ان نقابة اساتذة الجامعات البريطانية تدين «العنف الذي يقوم به الجانبان، بيد اننا ندرك ان مسؤولية العودة الى طاولة المفاوضات تقع على عاتق الطرف الاسرائيلي، كما ندرك انها (تل أبيب) تمارس قدرا اكبر من العنف الذي لا يتناسب مع ما يقوم به بعض الفلسطينيين».

والجدير بالذكر ان الامين العام للنقابة بول ماكيني القى كلمة في التظاهرة المؤيدة للفلسطينيين التي طافت شوارع لندن الرئيسية قبل حوالي اسبوعين.

وأكد المسؤول النقابي في كلمته تلك «اننا نتضامن مع جميع اولئك الذين يعارضون سياسات (رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل) شارون، بمن فيهم معارضو شارون والنزعة العسكرية من داخل اسرائيل». واعرب عن تأييده للدكتور ايلان بابي استاذ جامعة حيفا الذي تحاول السلطات معاقبته لتسليطه الضوء على ممارسات اسرائيل ضد الفلسطينيين. وقال ماكيني ان «العلاقات الاكاديمية مع اسرائيل يجب ان لا تستأنف»، الا بعد «انسحاب القوات الاسرائيلية الكامل» و«البدء بمفاوضات لتطبيق قرارات الامم المتحدة» وفك الحصار عن المؤسسات التعليمية الفلسطينية.

الى ذلك، اشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية امس الى الصراع المتأجج حاليا بين اكاديميين مؤيدين لاسرائيل ومعارضين لها. ولفتت الى الحملة المعارضة لمقاطعة اسرائيل اكاديميا التي اطلقها اخيرا استاذ الرياضيات في جامعة شيكاغو ليونيد ريجيك. ونسبت الى الاكاديمي اليهودي الذي استقطبت حملته تأييد 2200 استاذ جامعي بينهم حاصلان على جائزة نوبل، قوله «اننا نعتقد ان الدعوة لمقاطعة اسرائيل اكاديميا لا اخلاقية وخطيرة ومضللة، وهي تشجع بشكل غير مباشر الارهابيين القتلة». واضاف ريجيك ان المحاولات الرامية الى قطع العلاقات الاكاديمية مع اسرائيل تشبه «الاحتجاجات التي تمت في اطار الحملات المناهضة للتمييز العرقي (ابارتيد) في جنوب افريقيا».

وأتت مبادرة ريجيك ردا على حملة يقودها البروفسور اليهودي روز، مدير «مجموعة ابحاث السلوك والدماغ» في الجامعة البريطانية المفتوحة. وكان روز، الذي سلطت «الشرق الأوسط» قبل حوالي شهرين الضوء على حملته، قد كتب عريضة تدعو الى حمل اسرائيل على وضع حد لـ«القمع العنيف» الذي تمارسه ضد الفلسطينيين. وتابع في المذكرة التي نشرت صحيفة «الغارديان» في حينه نسخة منها مذيلة بتواقيع 125 استاذا جامعيا، بينهم اسرائيليون واوروبيون بارزون، ان «الحكومة الاسرائيلية تبدو غير عابئة بمناشدة قادة العالم، بيد ان هناك وسائل لممارسة الضغط (عليها) من داخل اوروبا».

وقال روز في عريضته ان «معاهد ابحاث يمول بعضها الاتحاد الاوروبي تعتبر اسرائيل دولة اوروبية لجهة اعطاء المنح». ولذلك فمن المفيد في رأيه «اعادة النظر بأي دعم مستقبلي من هذا النوع الا اذا التزمت اسرائيل بقرارات الامم المتحدة وبدأت مفاوضات سلام جادة مع الفلسطينيين.

ونقل عن روز قوله «ان السبيل الوحيد لاحلال السلام في الشرق الأوسط والاستقرار في عالم يعاني بصورة متفاقمة من الخلاف بين انصار الاسلام واعدائه، هو اجبار اسرائيل على الكف عن اضطهادها للفلسطينيين وقبول اقامة دولة مستقلة لهم في الضفة والقطاع».

غير ان الاتحاد الاوروبي اعلن عن معارضته لأي مشروع يدعو الى مقاطعة طرف من اطراف النزاع. وذكرت «الغارديان» ان فيليب باسكوين المفوض الاوروبي لشؤون البحث العلمي، قال ان الاتحاد الاوروبي «لا يؤيد فرض العقوبات» بل يسعى الى تعزيز الحوار بين الفرقاء باعتباره افضل طريقة (لاستئناف) المفاوضات». واشار المفوض الى ان جهودا اكاديمية فلسطينية ـ اسرائيلية يتركز بعضها على ادارة مصادر المياه، تستحق تأييد الجميع بمن فيهم الاتحاد الاوروبي.

من جهة اخرى، شهدت جامعات بريطانية عدة قبل اسابيع طرح مشاريع مذكرات مناهضة للسياسات الاسرائيلية في اجتماعات عامة للهيئة الطلابية العامة في كل منها.

وإذ نجح مؤيدو الحقوق الفلسطينية في تمرير هذه المذكرات في «كلية الدراسات الافريقية والشرقية» التابعة لجامعة لندن، وجامعة في مقاطعة ويلز، فقد اجهضت محاولات زملائهم في جامعتي مانشستر ويورك لتحقيق الهدف نفسه. كما تمكن الشهر الفائت اتحاد الطلاب البريطانيين اليهود من تمرير مشروع مذكرة مؤيدة لاسرائيل في جامعة ليفربول.