أزمة صحافية في مصر بعد نشر صحيفة مستقلة صورة عارية لجثمان السادات في المشرحة بعد اغتياله

TT

أثارت صورة مأساوية نصف عارية لجثمان الرئيس المصري الراحل أنور السادات تم التقاطها بعد ساعات من اغتياله وقبيل تشريح الجثمان، وتبدو على جثمانه آثار الاعتداء ونشرتها صحيفة «الميدان» الأسبوعية المستقلة أمس، أزمة صحافية وسياسية وأحدثت ضجيجاً وصخباً على محاور عدة. فبعد ساعات من توزيع الصحيفة قدم رئيس مجلس الشورى المصري ورئيس المجلس الأعلى للصحافة الدكتور مصطفى كمال حلمي بلاغاً للنائب العام المصري اتهم فيه الصحيفة بانتهاك حرمة الرئيس الراحل ومخالفة كافة الأعراف بنشر صورته مقتولاً عاري النصف الأعلى من الجسد، ووسط حالة من الصخب شهدتها جلسة مجلس الشورى أمس أصدر رئيس مجلس ادارة صحيفة «الميدان» محمود الشناوي عضو مجلس الشورى قراراً بفصل رئيس تحرير الصحيفة سعيد عبد الخالق كإجراء سريع لتهدئة الأزمة، معتبراً أن قراره ينبع من إحساس بمسؤوليته الوطنية.

ووصف الدكتور حلمي في بلاغه ماحدث بأنه لا يتفق مع قيم ومثل هذا المجتمع والشعب الذي يجب احترام حرمة الحياة الخاصة للميت، مشيراً إلى أن أي مواطن يصاب في حادث في الشارع يهرع المواطنون الى تغطيته بالجرائد لستره.

وتساءل حلمي عن أي قيم وأخلاق التي تسمح بذلك، وقال ان غابت القيم فالدستور قائم والقانون قائم ويواجه كل اعتداء على الحياة الشخصية وجميع الحريات يكفلها القانون وتعد جريمة لا تسقط بالتقادم.

وفيما سعت «الشرق الأوسط» لمعرفة موقف أسرة السادات من جراء هذا النشر، قال محامي الأسرة فريد الديب إنه لم يتلق أية تعليمات حتى الآن من السيدة جيهان السادات ببدء اجراءات قضائية ضد الصحيفة، مشيراً إلى أن الموقف مازال قيد البحث وامتدت الأزمة إلى داخل مجلس نقابة الصحافيين المصريين الذي يعد عبد الخالق المفصول عضواً بمجلسه وذلك في أعقاب بلاغ آخر قدمه رئيس المجلس الأعلى للصحافة مصطفى كمال حلمي لنقيب الصحافيين ابراهيم نافع للتحقيق فيما نشرته «الميدان».

وكان أمس قد شهد أزمة حادة صحبها ضجيج متصاعد في أعقاب نشر صحيفة «الميدان» الأسبوعية المستقلة في عددها الصادر أمس صورة نصف عارية لجثمان الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

وأكد حلمي أن قانون الصحافة نص على التزام الصحافي بالمبادئ والقيم والدستور متضمناً في كل أعماله مقتضيات الشرف والصدق وآداب المهنة بما يحفظ للمجتمع قيمه، مشيراً إلى أنه أبلغ نقيب الصحافيين ابراهيم نافع ورئيس لجنة الصحافة بالمجلس الأعلى للصحافة بإعمال قانون الصحافة والتحقيق فيما نشرته صحيفة «الميدان»، في وقت سبق ذلك قيام نائب مجلس الشورى محمد البطران بتقديم طلب باتخاذ الاجراءات اللازمة لاحترام القيادات.

ومن جانبه قال سكرتير عام نقابة الصحافيين يحيى قلاش لـ«الشرق الأوسط» إننا سنبحث الشكوى وسيتم عرضها على اجتماع مجلس النقابة خلال أيام وبالطبع لن نتهاون مع أية مخالفات في حال ثبوتها بعد مناقشة كافة جوانب الموضوع، لافتاً الى أن هذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيه مجلس الشورى نقابة الصحافيين بالتحقيق في تجاوزات صحافية.

أما رئيس مجلس ادارة صحيفة «الميدان» محمود الشناوي فقال في بيان له أمام مجلس الشورى «احساساً مني بمسؤوليتي الوطنية وبصفتي فقد أصدرت قراراً بفصل رئيس تحرير الميدان، وفي هذا الصدد أسجل تقديري واحترامي واعزازي بالمرحوم الرئيس أنور السادات لوطنيته وأسجل له وطنيته المخلصة على مدار حياته وخاصة قرار العبور المجيد».

وأكد محمود الشناوي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن قرار اقالة رئيس تحرير الميدان سعيد عبد الخالق جاء انقاذاً للموقف السيئ الذي أثار انتقادات حادة ضدنا وداخل أروقة البرلمان ومجلس الشورى، موضحاً أنه فوجئ بنشر صورة الرئيس الراحل أنور السادات بهذا الشكل، مشيراً إلى أنها المرة الوحيدة التي لم يطلع فيها على عدد يصدر من الصحيفة بسب انشغاله بجلسات مجلس الشورى.

وقال الشناوي إن قرار إقالة رئيس تحرير صحيفته جاء بالتشاور المسبق مع سعيد عبد الخالق ولم يكن مفاجئاً له كما أنه أبلغ رئيس المجلس الأعلى للصحافة الدكتور مصطفى كمال حلمي بالموقف قبل انعقاد جلسة الشورى أمس مباشرة، معتقداً أن قرار اقالة عبد الخالق سوف يخفض من وطأة الموقف عند خضوع الجريدة ومسؤوليها للتحقيق أمام النيابة.

وأشار إلى أن سعيد عبد الخالق عضو في المجلس الأعلى للصحافة وأنه من الصحافيين المتميزين ولكن ماحدث كان يستوجب اتخاذ هذا الاجراء انقاذاً للموقف مؤكداً اعتزازه بجميع زعماء مصر وأن صحيفته لم تستهدف في أي وقت الاساءة إلى أي من رموز الأمة أما رئيس تحرير صحيفة «الميدان» السابق سعيد عبد الخالق فنفى أنباء اقالته، وقال ان القرار صدر بوقفي لحين الانتهاء من التحقيق في الموضوع سواء أمام النيابة أو أمام نقابة الصحافيين، مشيراً إلى أنه مستعد للتحقيق من قبل أية جهة.

وقال عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط» لقد تعاملت مع الصورة بشكل مهني تماماً ورغم أنني توقعت أن تحدث جدلاً لكن ليس الى هذا الحد، وأنا لم أمس السادات أبداً في حياتي ولم أوجه له أية اتهامات مثل الكثيرين ولم أتعمد الاساءة له على الاطلاق، وأضاف من الناحية المهنية لا أعتقد أن هناك خطأ، ولكن ربما الرؤية السياسية لذلك تختلف، وعموماً فهناك صور كثيرة تم نشرها للسادات وعبد الناصر والمشير عامر «بالمايوه» ورغم أنها تذاع كثيراً على شاشات التلفزيونات إلا أنها لم تثر أية أزمة.