رئيس الحكومة الكشميرية لـ«الشرق الأوسط»: شرارة الحرب قد تنطلق في أي لحظة

السردار اسكندر حياة خان ينتقد منظمة المؤتمر الإسلامي ويقول إنها لم تفعل ما يكفي لحماية شعب كشمير

TT

الكشميريون لا يتحدثون في بيوتهم سوى عن المواجهة المرتقبة التي يتوقع ان تنطلق شرارتها بين القوات الهندية والباكستانية في اقليم كشمير المتنازع عليه.

«الشرق الأوسط» التقت السردار اسكندر حياة خان رئيس الوزراء في الحكومة الكشميرية في مقره بمظفر آباد عاصمة كشمير الباكستانية وتحدثت معه حول الازمة الراهنة وحول ما يتوقعه الشعب الكشميري من الدول الاسلامية والغربية. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تقيم الوضع الآن في المناطق الحدودية بين الهند وباكستان؟

ـ الامور متأزمة بين الطرفين وربما تحدث مواجهة عسكرية في اية لحظة نتيجة الصدامات التي تحدث حاليا على الحدود، وايضا لسقوط قتلى وجرحى من الكشميريين المدنيين وإلحاق الخسائر البشرية والمادية. الجيش الهندي نشر ما يقارب 800 الف جندي على الحدود بكامل الاسلحة. وخلال الايام الماضية استشهد العديد من الكشميريين العزل في جكوتي وهجيرة وسري نقر وبعض المناطق الكشميرية التي لها حدود مع الهند.

وربما كانت هذه الاحداث بسبب هزيمة الحزب الحاكم في الهند، والاضطرابات الداخلية الموجودة داخل الهند. واتوقع ان الحكومة الهندية لديها الرغبة في تنفيذ اعتدائها على كشمير. ولولا امتلاك باكستان لاسلحة نووية لكانت الهند قد هاجمت كشمير الحرة (الباكستانية) واحتلتها، ولكن الهند تعلم مدى خطورة الاقدام على مثل هذه التصرفات.

* هل تعتقدون انه بامكان الولايات المتحدة وبريطانيا ان تتدخلا وتجنبا المنطقة حدوث حرب محتملة بين الهند وباكستان؟

ـ الولايات المتحدة استخدمت باكستان ضد الروس، والان تستخدمها مرة اخرى في الحرب ضد الارهاب وحركة طالبان. لقد انتهت كل المصالح (الاميركية في المنطقة) واعتقد ان الولايات المتحدة لن تتدخل لحل المشكلة. في اعتقادي انه لن يكون هناك اي دور للدول العظمى في حل القضية الكشميرية، وربما هذا هو السبب الذي ادى الى اشتعال الازمة.

* هل يمكن ان نقول ان الجهود الدبلوماسية استنفدت ولم تبق سوى المواجهة العسكرية؟

ـ هذا ليس قصدي، ولا اتمنى ان تكون هناك مواجهة عسكرية، ولكن المضطر يركب الصعاب. انا اؤيد الجهود الدبلوماسية في حل القضية الكشميرية، واتمنى كذلك ان يكون هناك حل سلمي للقضية، ونحن نريد ضمانات دولية تؤكد لنا حل القضية في اسرع وقت ممكن. الهندوس يقتلون يوميا ابناءنا ونساءنا وشيوخنا، كما تلحق بنا الخسائر المادية والبشرية. والشعب الكشميري يتساءل عن مصير (الاقليم). نحن في الواقع دولة صغيرة، ليست لها موارد ولا تصلها المساعدات الا من بعض الدول، والحكومة الباكستانية تقف معنا قلبا وقالبا. في السابق حدثت مفاوضات بين الجانبين الهندي والباكستاني، ولكن دون جدوى، والآن فان المجتمع الدولي يشاهد (الوضع) ولا يتحرك.

* ما هي الجهود التي تبذلونها لعرض قضيتكم على المستوى الدولي؟

ـ سوف اذهب الى السودان في يونيو (حزيران) المقبل، اضافة الى جولة اخرى في بعض الدول. كما ان لجنة كشمير ذهبت الى عدة دول في الاشهر الماضية، وطرحت القضية امام دول عربية واسلامية وكذلك غربية. والجالية الكشميرية الموجودة في اوروبا تلعب من جانبها دورا رئيسيا في شرح القضية وكسب التأييد.

* كيف تعاملون مع حوادث القتل والاعتداءات الهندية ضد المدنيين؟

ـ الحكومة تعمل بقدر ميزانيتها وقدرتها المالية، فهي تدفع مبالغ تعويضية للمتضررين من الاسر التي تفقد عائليها، كما تدفع مبالغ لاسر اللاجئين وتقيم المخيمات لهم خاصة الهاربين من الهند، ونعاني بشدة من نقص الادوية والاحتياجات الخاصة للاسر والاطفال والنساء. وقد تأثرت الدراسة نتيجة المواجهات التي تحدث على الحدود، وخاصة في مناطق جكوتي وباغ وهجيرة وغيرها من المدن الحدودية مع الهند.

* هل تتحركون دبلوماسياً بهدف كسب التأييد الدولي لقضيتكم؟

ـ بكل تأكيد، إلا ان حل هذه القضية يعود الى رغبة الامم المتحدة، مثلما تدخلت في حل قضية احتلال الكويت وفي تيمور الشرقية. نحن نشعر ان الامم المتحدة عندما تكون لديها النية لحل القضية فانها تستطيع. وانا استغرب تصريحات كوفي انان الامين العام للامم المتحدة حينما سئل حول حل القضية الكشميرية فاجاب انه يجب ارضاء الطرفين لحل هذه القضية. نحن شعب مظلوم عانى الكثير من الصعوبات والحرمان. لدينا اقارب وعائلات تعيش في الطرف الآخر من جامو وكشمير (كشمير الهندية) لا يمكنهم لقاء اقاربهم. اليست هذه مآس انسانية. انني اتأسف كثيرا لموقف الامم المتحدة لعدم شعورها بالمسؤولية.

وهناك ايضاً منظمة المؤتمر الاسلامي، ومقرها في جدة، التي كانت قد اتخذت قرارا بتشكيل لجنة تضم في عضويتها السعودية والنيجر والسنغال، وهذه اللجنة تحاول منذ عدة سنوات ان ترسل وفدها الى الهند للوقوف على احوال الكشميريين والتوصل لحلول، ولكنها لم تستطع حتى الآن، لان الهند ترفض استقبال اللجنة لزيارة كشمير المحتلة (الهندية).

* هل انتم تنتقدون جهود منظمة المؤتمر الاسلامي تجاه قضيتكم؟

ـ للاسف الشديد، لم تقدم منظمة المؤتمر الاسلامي شيئا للقضية الكشميرية. المنظمات غير الاسلامية مثل (حلف شمال الاطلسي) الناتو والاتحاد الاوروبي ساهمت بشكل فعال في حل عدد من القضايا الدولية، بينما منظمة المؤتمر الاسلامي لم تستطع حتى الآن حل القضية الكشميرية. اننا نتوقع المزيد من منظمة المؤتمر الاسلامي.

* بماذا تطالبون الدول الاسلامية تحديداً؟

ـ نحن نتمنى من الدول الاسلامية ان تحاول اقناع الهنود بأن الكشميريين لا يريدون سوى حقوقهم المشروعة وتقرير مصيرهم. واذكر بما قاله جواهر لال نهرو رئيس الحكومة الهندية الاسبق عندما وعد الكشميريين بان يختاروا مصيرهم عبر الاستفتاء، إلا ان الحكومات التي جاءت فيما بعد تخلت عن خيار الاستفتاء.

* هل يزعجكم التقارب الهندي ـ الخليجي؟

ـ نحن لا نمانع في العلاقات القائمة بين دول الخليج والهند، ولكن يجب ان تتم الاستفادة منها في تعزيز المواقف وشرح القضية بما يحقق المصلحة المشتركة. انا ادرك اهمية التعاون بين الهند ودول الخليج فيما يتعلق بالعمالة والتجارة وغيرهما من الانشطة الاقتصادية والمصالح القائمة، ولكن ألا يعلم الخليجيون ان الحكومة الهندية تمارس انماطاً متنوعة من التعذيب بحق المسلمين بكشمير. اتمنى ان تمارس دول الخليج ضغوطا على الهند لحل القضية الكشميرية. ولا يمكن ان نغفل الدور السعودي واثره البارز في دعم القضية الكشميرية والسعي لحلها منذ عهد الملك فيصل وحتى الآن. نحن نقدر هذا الدور، وقد ساهمت القيادة السعودية بشكل فعال في هذا الجانب.

* هل تفكرون في الحكومة الكشميرية في الاستفادة من الدبلوماسية السعودية لحل القضية مثلما ساهمت مبادرة الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعوي بشأن القضية الفلسطينية؟

ـ لقد تابعنا الجهد الكبير الذي بذله الامير عبد الله بن عبد العزيز بالنسبة للقضية الفلسطينية، وهو في الواقع مبادرة جيدة وتحمل روح التضامن العربي والاسلامي كما انها وجدت ترحيبا دوليا سواء من الولايات المتحدة او الدول الاوروبية.

وهذه الدبلوماسية شجعتنا نحن الكشميريين على ان نحظى بهذا الاهتمام من قبل الامير عبد الله، الذي عرف عنه حرصه وموقفه الثابت تجاه القضايا الاسلامية. وانا انوي مقابلة الامير عبد الله لوضع كامل الملف الكشميري امامه. في الواقع الدبلوماسية السعودية اثبتت على مدى التاريخ قدرتها على التعامل مع جميع الاحداث وايجاد الحلول.