صحيفة «يديعوت أحرونوت» تكشف تفاصيل خطة عصابة الإرهاب اليهودية لتفجير مدرسة بنات بالقدس

TT

كشفت كبرى الصحف الاسرائيلية العبرية، «يديعوت احرونوت» في عددها الصادر امس تفاصيل النشاط الاخير لعصابة الارهاب اليهودية التي كشف النقاب عنها قبل اسبوعين.

واعد التقرير الصحافيتان ميخال غولدبرغ وطوفه تسيموكي، واستعرضتا خلاله افادات المتهمين. وفي ما يلي التقرير:

وقفت عربة بدت «بريئة» في موقف للسيارات بجوار المحكمة العليا في منتصف ابريل (نيسان) الماضي ولم يشك احد من الذين وصلوا للموقف بانه سيتم تعبئتها بعبوة ناسفة قوية جدا بهدف تفجيرها عند مدخل مدرسة للبنات في بلدة الطور بالقدس الشرقية (المحتلة).

اتضحت هذه التفاصيل من خلال التحقيق في قضية خلية الارهاب اليهودي التي خطط افرادها لتنفيذ عملية كبيرة لقتل عرب. وتتضح من وراء التحقيق تفاصيل حول تتابع الاحداث منذ لحظة التخطيط مرورا بالاعداد وانتهاء بوضع العربة المتفجرة التي لولا يقظة الشرطة لأودت بحياة الكثيرات من طالبات المدرسة الفلسطينية.

كان شلومو دبير (27 عاما) وياردين مورغ (25 عاما) وكلاهما من مستوطنة بات عين في مجمع مستوطنات غوش عتصيون (جنوب بيت لحم) المعتقلان الاولان في هذه القضية، واعتقل بعدهما عوفر جملئيل (42 عاما) صاحب منجرة وهو ايضا من مستوطنة بات عين ونوعام فدرمن (33 عاما) العضو في اليمين المتطرف من الحي الاستيطاني بمدينة الخليل ويوسي بن باروخ (22 عاما) الملقب بـ«توفي» من مستوطنة مزرعة ماعونة.

بدا في بداية التحقيق وكأن دبير ـ المدرس في مدرسة ابتدائية بمستوطنة بات عين ـ نواة صلبة من الصعب تحطيمها، اذ رفض التعاون مع المحققين واعرب عن استخفافه برجال «الشاباك» (المخابرات العامة الاسرائيلية) واكد انهم يمارسون ضغوطا عليه بهدف الحصول على ترقيات، اذا اعترف لهم باعماله. لكنه بالتدريج وعندما علم بان مورغ بدأ بالتعاون مع المحققين، عرض روايته وادان باقي المتورطين في القضية.

وقال دبير واصفا تسلسل التطورات في هذه القضية، بانه التقى بعد عيد «بوريم» (المساخ) عوفر جملئيل وتحدث الاثنان عن تسلل فلسطيني الى مستوطنة بات عين، وقال عوفر انه على قناعة بان العملية القادمة على الابواب واقترح تنفيذ عملية في قرية صوريف الفلسطينية المجاورة. وردا على هذا الاقتراح قال دبير بان هذا سيقود محققي «الشاباك» مباشرة لمستوطنة بات عين ولهذا من الافضل تنفيذ العملية في مكان آخر.

وقال دبير: «ابلغني عوفر خلال الحديث بانه كان خبير متفجرات في الجيش الاسرائيلي وانه بالامكان تركيب عبوة ناسفة من برميل وقالب نضع الى جانبه عبوة ناسفة». وقال عوفر بانه تنامت لمسامعه بانه «ربما توجد لدى مورغ مواد متفجرة».

وبعد ذلك توجه دبير لمورغ واستجاب الاخير بعد ان اتفق مع الاول بعدم معرفة اي كان بانه هو مصدر المواد المتفجرة. احضر دبير لعوفر قالبا من المواد المتفجرة وخبأ قالبا آخر في غرفة نومه بمنزله، وبعد عدة ايام وصل الى منزل دبير، يوسي بن باروخ. وقال دبير عن كيفية تعرفه على بن باروخ: «اعرفه منذ عام 1998، تخرجنا من نفس المدرسة الثانوية، التقيت يوسي بمحض الصدفة بمستوطنة كريات اربع (في منطقة الخليل) في فترة قريبة من تاريخ 14 مارس (اذار) وشاركته بمخططي مع عوفر جملئيل، شعرت ان بالامكان الاعتماد عليه ولهذا شاركته السر، وعرض يوسي فكرة العربة».

وقال عوفر جملئيل في التحقيق: «حضر شلومي دبير الى منجرتي، وتحدثنا في البداية عن قضايا الايمان وما شابه. وكانت عمليات كثيرة قد وقعت وكان من الطبيعي ان نتناول هذا الموضوع، ولا اتذكر في اي مرحلة بدأنا الحديث عن عمل شيء ما، حيث كان المقصود تنفيذ عملية واعتقد بانه في هذه المرحلة قال شلومي ان بامكانه الحصول على مواد متفجرة ولم يذكر كيف ولا من اين؟ وقلت له بأنني اعرف كيفية معالجتها لانني خدمت بوحدة الهندسة القتالية.

«في احد الايام ويبدو لي بانه في مطلع الاسبوع الثاني من ابريل (نيسان) حضر شلومي الى منجرتي حاملا كيسا فيه قالب متفجرات وصاعق كهربائي فصلت بين قالب المتفجرات والصاعق وخبأتهما في المنجرة بعيدين عن بعضهما، درسنا موضوع كيفية وضع العبوة الناسفة واقترح شلومي استخدام عربة.

«سافرنا في احدى الليالي الى مستوطنة العزار واقترحت عليه الدخول الى محطة الوقود في غوش عتصيون، لانه من الممكن العثور على براميل هناك. وحصلت من شلومي على مئة شيكل لشراء بنزين وبعد يوم او يومين حصلت منه على 500 شيكل لهذا الغرض».

* الحافز

* درست المجموعة قضية تحمل المسؤولية بعد تنفيذ العملية وقال دبير: «اقترح ياردين اعتبار العملية انتقاما لمقتل رحبعام زئيفي وزير السياحة الاسرائيلي او انتقاما للعملية في مستوطنة ادورا في منطقة الخليل. كما اقترح تصوير العملية من سطح مدرسة «شوفوبانيم» او من منطقة مقر المندوب السامي وبيع الشريط الى من يدفع ثمنا اعلى خصوصا لشبكات التلفزة».

«ووفقا لاقواله بامكاننا ربح عشرات آلاف الدولارات. ولان ياردين بالغ بالخيال في هذه القضية (ضحكت) وقلت له بانني اتفقت مع نوعام فدرمن ان الاخير سيتحمل المسؤولية واود التأكيد على انني لم اتحدث بتاتا مع فدرمن حول العملية التي خططنا لها».

اعتقل فدرمن بعد عدة ايام من اعتقال اعضاء كلية بات عين، اما الشهادة الرئيسية من فدرمن فقد عرضها ياردين مورغ. واعتقد المحققون بانه على علاقة مباشرة بالتخطيط للعملية في القدس لكنهم لم ينجحوا بربطه بالحادث.

واشتبهت «الشاباك» بوجود علاقة له بعملية اخرى وقعت في مدرسة عربية بصور باهر، (في القدس المحتلة) ولم يلق القبض على منفذي هذه العملية حتى اليوم. ووفقا لشهادة مورغ، طلب فدرمن منه مواد متفجرة، وابلغه بان الهدف هو تنفيذ عملية في مدرسة بالخليل. وحسب لائحة الاتهام التي قدمت ضد فدرمن في المحكمة المركزية بالقدس فانه التقى بمورغ في مدرسة «شوفوبانيم» بالقدس حيث يدرس الاخير.

وطالب فدرمن بهذا اللقاء مورغ بتزويده بصاعق كهربائي وبعد عدة ايام حصل على 150 رصاصة لبندقية «عوزي» وحوالي ستة كيلوغرامات من المواد المتفجرة وصاعقا كهربائيا. ووفقا لما ورد في لائحة الاتهام ابلغ فدرمن مورغ بان الصاعق الكهربائي سيستخدم في عملية بمدرسة بالخليل.

والتقى فدرمن في مارس (اذار) الماضي مورغ في مدرسة بات عين وطلب منه مواد متفجرة مع جهاز تفجير وبعد عدة ايام وصل فدرمن الى المدرسة وتلقى من مورغ قالبان من المواد المتفجرة وفتيل اشعال وصواعق كهربائية.

وقال مورغ خلال التحقيق انه حصل على المواد المتفجرة خلال خدمته بالجيش، وقال بخصوص علاقته بفدرمن: «سألني نوعام اذا كان بامكاني احضار مواد متفجرة. وقلت له في ذاك اللقاء بانه اذا اتضح عمله مع «الشاباك» مثل رابيب فسأقتله وقبل وقوع العملية في صور باهر طلب نوعام مني صاعقا وقال لي انه من المفروض استخدام الصاعق في عبوة ناسفة توضع في مدرسة بمنطقة الخليل.

«وبعد عدة اسابيع من الانفجار في صور باهر التقيت نوعام في كنيس بات عين وسألته لماذا صور باهر؟ وكنت اقصد لماذا تم استبدال هدف العملية وعزا نوعام ذلك لاسباب فنية. وقال ان العبوة كانت سليمة. لكن كشف النقاب عنها قبل موعد انفجارها لانه لم يتم تمويهها بصورة مناسبة. واذا لم اكن مخطئا قال لي نوعام بانه اعلن عن تحمل المسؤولية عن العملية في صور باهر من خلال اتصال هاتفي اجراه من هاتف عمومي في منطقة بيت فجان».

* العبوة الناسفة

* بالنسبة لمواد التحقيق المتعلقة بمحاولة تنفيذ عملية بالقدس، فان بن باروخ كان الروح الحية وراء اقتراح تنفيذ العملية بواسطة عربة توضع في مكان يضج بالفلسطينيين في القدس الشرقية. وقرروا سحب العربة بسيارة وضعت في خدمة والد مورغ ابان حملة مسؤول امني في مستوطنة بات عين.

وبن باروخ هو الذي اختار المدرسة التي يعج محيطها بالناس وتقرر تركيب العبوة الناسفة من قوالب متفجرة وبرميلين مليئين بالمازوت المخلوط بالبنزين وبرميلين من الغاز وعدة كيلوغرامات من المسامير. وكان بن باروخ قد سلم في مطلع ابريل (نيسان) عربة كان قد سرقها من فلسطيني، بهدف استخدامها في العملية، لكن رفضت هذه الفكرة لانه لم يكن بالامكان اخفاء الاغراض فيها.

وسرق بن باروخ عربة اخرى من الخليل وخلع جوانبها بهدف التمكن من اخفاء جميع العبوة الناسفة داخلها وعمل على خلخلة البراغي في العربة بحيث لا تعمل جوانبها على الحد من قوة الانفجار.

وقفت العربة حوالي اسبوعين في موقف للسيارات قرب مقر المحكمة العليا، ونقلت قبل تنفيذ العملية الى بات عين بهدف تركيب العبوة فيها. ووفقا لمواد التحقيق فان بن باروخ هو الذي زود المتهمين بقالبي متفجرات من نوع «تي. ان. تي» وفتيل وصاعق كهربائي وساعة من اجل اغلاق الدائرة الكهربائية وتحديد توقيت الانفجار بالاضافة الى كيس فيه 3.5 كيلوغرام من المسامير، لمضاعفة تأثير الانفجار.

وقال دبير: التقيت بتاريخ 12 ابريل يوسي الذي اعطاني الف شيكل بهدف شراء وقود وغاز وسألته عن مصدر المال وقال لي بانه حصل عليه من اسحق باس والد سلهبت باس التي قتلت في عملية نفذها فلسطينيون. ووفقا لما اذكره قال لي يوسي بان اسحق قال له بان المال اعد للانتقام لمقتل ابنته، ولا اعرف اذا ما كان يعرف لأي غرض ستستخدم امواله.

* تهرب

* حدد توقيت تنفيذ العملية بصباح 29 ابريل، وقبل ليلة من ذلك عمل مورغ ودبير على تعبئة العربة بالعبوة الناسفة ودهنوها باللون الفضي للتمويه على محتوياتها وابلغهم عوفر بانه لن ينضم اليهم من اجل وضع العربة المتفجرة لكنه قدم لهم تعليمات شفوية ورسم خطي لكيفية انهاء عملية الربط الاخيرة للعبوة، كما رسم للاثنين الطريق المؤدية للوصول الى مخزن عائلته في القدس، حيث اخفى باقي العبوة.

وقال دبير: «فاجأنا عوفر عندما ابلغنا بان حاخامه اكد له عدم التوجه معهم وسألت اذا كان بامكانه فقط السفر في سيارته بهدف التأكد من خلو الشارع من سيارات الشرطة، ورد بالسلب مؤكدا ان حاخامه حظر عليه المشاركة واجبرنا انا وياردين على السفر معا».

وقال جملئيل: «توجهت للحاخام موشيه مطري وبحثت معه قضايا شخصية وعندما خرجت من عند الحاخام كان شلومي وياردين ينتظران في سيارة وتوجهت اليهما وقلت انني تحدثت مع الحاخام وانني قررت الانسحاب من هذه القضية بناء على رأيه، وبحثت عن ملاذ لي».

* الفشل

* وضع الاثنان العربة الملغومة قرب المدخل الرئيسي لمدرسة بنات الطور واغلقاها بسلسلة حديدية وربطاها بعمود كهرباء وربطا الصاعق الكهربائي بالفتيل الكهربائي بواسطة شريط لاصق وحددا توقيت الانفجار بالساعة 7.25 صباحا.

وقال ديبر: «بعد ان ابتعدنا مسافة 200 ـ 300 متر من العربة قلت لياردين باننا نسينا اخراج الهواء من احد اطارات العربة بهدف ايجاد ذريعة لوقوفها في هذا المكان وعدنا للوراء حتى وصلنا للعربة وحاولت بواسطة سكين ثقب الاطار وفجأة شاهدت سيارة شرطة وقفت الى جانبي وكانت هي نفس السيارة قد التقتنا قرب بيت اوروت. ونزل رجال الشرطة واوقفونا، وسألونا عما يوجد في العربة وقلت بأنني لا اعرف وفصلنا رجال الشرطة عن بعضنا ووضعوا اصفادا في ايدينا ثم وصل خبير المتفجرات بعد عدة دقائق واكتشف وجود العبوة الناسفة».