«التفاهم الرئاسي» يؤمن النصاب في البرلمان اللبناني لإقرار تخصيص الهاتف الجوال وإدارته

TT

أقر مجلس النواب اللبناني ليل امس قانونا يسمح للحكومة بتخصيص قطاع الهاتف الجوال لمدة عشرين سنة او ادارته لمدة 10 سنوات، وذلك بعد مخاض استمر ثلاثة ايام نجحت فيه المعارضة في تطيير النصاب مرتين، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري استطاعا حشد النصاب الكافي اخيرا والتصويت على الشروع الذي أقر بغالبية اصوات الحاضرين (60 صوتا مقابل 12 اعترضوا) بعد ادخال تعديلات طفيفة عليه.

وانعكس التفاهم، الذي بدا تاما بين الرئيسين بري والحريري حول هذه التعديلات وغيرها، ارتياحا لدى الاخير الذي بدا منفتحا على اقتراحات التعديل، فيما كانت المفارقة ضغط نواب المعارضة الذي ادى الى سحب اقتراح من الحريري يحظر على اقارب المسؤولين الاشتراك في المزايدة والمناقصة حول هذا القطاع، فيما عاود الحريري تأكيد انه «غير متحمس لموضوع تلزيم ادارة الهاتف الجوال الى شركة متخصصة».

وكان اليوم الثالث من الجلسة قد استهل بالتصويت على اقتراح قدمه الرئيس السابق للمجلس حسين الحسيني والرئيس الاسبق للحكومة عمر كرامي والنائب جورج قصارجي برد مشروع القانون بحجة مخالفته للدستور، لكن الاقتراح سقط.

واستغرب النائب بطرس حرب تقديم مشروعين في الوقت نفسه، واحد لاجراء مزايدة عالمية لمنح رخصة الهاتف لعشرين سنة، وآخر لتشغيل القطاع. وطالب النائب صلاح حنين باقرار قانون الاتصالات قبل اقرار هذا المشروع. فيما طالب الرئيس الحسيني بتوضيح نسبة الاجانب في الشركتين اللتين ستديران القطاع.

واعتبر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ان «جريمة سترتكب اذا لم يوضح للرأي العام وجود سرقات او عدمها، بالاضافة الى سبب فسخ العقد». وسأل عن نتائج عمل شركات المحاسبة التي كلفتها الحكومة التحقيق في حسابات الشركتين المستغلتين لقطاع الهاتف الجوال، مؤكدا «ان ما قالته الحكومة حول هذا الموضوع لم يقنعنا».

وطالب الرئيس كرامي الحكومة بـ«احترام تساؤلات النواب»، مستغربا عدم ردها على التساؤلات والهواجس التي طرحت في الجلسة.

وطرح اقتراح للنائب جورج قصارجي باعطاء اكثر من رخصتين فسقط. كما طرحت اقتراحات حول المدة التي ستمنح فيها الرخص فسقطت، وكذلك اقتراح بتحديد رسم الاشتراك فسقط ايضا.

ثم طرحت المادة الاولى التي تنص على الاجازة للحكومة اجراء مزايدة عالمية لمدة اقصاها 20 سنة لتقديم خدمات الهاتف الجوال والاجازة للحكومة باجراء مناقصة عمومية لتلزيم ادارة القطاع فصدقت. وطرحت المادة الثانية التي تحدد الخدمات التي ستقدمها الشركات وحصة الدولة في المداخيل وطريقة التلزيم، فأدخلت عليها تعديلات طفيفة تتعلق بالضمانات المالية المقدمة من الشركات. وطرح الرئيس الحسيني تضمين العقد نصا يجيز فسخ العقد في حال المخالفة، تبناه الرئيس بري ورفضه الحريري، معتبرا ان هذا النص «يجعل الشركات تهرب». وتدخل وزير الاتصالات جان لوي قرداحي المقرب من رئىس الجمهورية اميل لحود مطالبا بتمكين وزارته من «الرقابة الدائمة على الشركات».

واعتبر النائب محمد الصفدي ان ادراج المناقصة والمزايدة معا في مشروع القانون «بدعة» لحل الخلافات، واجراء تسوية وتوازن في العلاقات السياسية، في اشارة الى خلاف الرئيسين لحود والحريري حول هذا الموضوع.

وعلق بري مؤكدا انه كان منذ البداية مع هذين الحلين، نافيا قيامه بأي وساطة بين الرئيسين لحود والحريري، وان هذا الموضوع لا علاقة له بالخلافات او عدمها، مشددا على ان «الغاية المتوخاة في هذين الحلين هي مصلحة الدولة والخزينة». ثم طرحت المادة على التصويت فصدقت.

بعدها انتقل المجتمعون الى مناقشة المادة الثالثة التي تحدد المهلة القصوى للقيام بالمناقصة والمزايدة في مهلة اقصاها 31 اغسطس (آب) المقبل وتنص على عودة القطاع الى عهدة الدولة اذا فشلت المناقصة والمزايدة، فسأل النائب بطرس حرب عما اذا كانت لدى الحكومة خطة بديلة لتسلم القطاع في حال فشلت في تلزيمها. فأكد الحريري ان لا ادارة مؤقتة ولا تسلم للدولة لهذا القطاع، مشددا على ان الحكومة ستبذل جهدها لتلزيم القطاع، وطرحت المادة على التصويت فصدقت.

وطرح اقتراح بمادة اضافية تمكن وزارة الاتصال من القيام بمراقبة مالية وتجارية وتقنية وادارية وتشغيلية على اعمال الشركتين القائمتين بناء لطلب وزير الاتصالات ورئيس الحكومة. وقد اكد الوزير قرداحي ان المراقبة الموجودة حاليا هي مراقبة مالية وغير دائمة. وهو ما اعتبره بعض النواب بدعة «لان العقد شريعة المتعاقدين». فأعلن بري عن تسجيل الموضوع في محضر الجلسة بدون التصويت، مطالبا الوزير بممارسة هذه الصلاحيات.

ثم طرح اقتراح آخر يحظر على اقارب المسؤولين دخول المناقصات فقوبل باعتراض من قبل نواب المعارضة الذين اكدوا ان حسن تطبيق القوانين القائمة يغني عن ذلك، فسحب هذا الاقتراح. ثم طرحت بقية مواد القانون على التصويت فصدق عليها وصوت الرئيسان الحسيني وكرامي والنائب بطرس حرب وجورج قصارجي ونواب «حزب الله» والحزب السوري القومي الاجتماعي ضد المشروع الذي صدق بالاكثرية.