وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: قبلنا بالدور الأميركي لأنه يعمل للحفاظ على وحدة السودان

مصطفى عثمان اسماعيل أشار إلى أن مخاطر الانفصال تراجعت وقال إن دانفورث لم يدع إلى تقاسم البترول مع قرنق

TT

اكد وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل ان بلاده قبلت بالدور الأميركي لاحلال السلام في السودان لانه يعمل في اطار الحفاظ على وحدة السودان. وقال ان بلاده سيكون لها موقف آخر اذا شعرت في أي لحظة من اللحظات ان هذا الدور الأميركي قد انحرف وخرج عن اطاره.

ونفي اسماعيل في حديث لـ«الشرق الأوسط» بشدة ان يكون تقرير المبعوث الأميركي جون دانفورث قد تحدث عن تقاسم البترول بين الحكومة وحركة جون قرنق.

واعلن انه ليس هناك أي اتجاه لدى الحكومة السودانية لقسمة البترول مع حركة «التمرد»، وان موضوع القسمة العادلة للبترول ما بين الشمال والجنوب لن يبحث الا بعد ان تتوقف الحرب نهائيا.

وفي ما يلي نص الحديث:

* هل ترون ان مخاطر الانفصال في جنوب السودان زالت ام انها لا تزال قائمة.. وما هو سر التغير في الموقف الأميركي من السودان.. وهل لذلك علاقة بالبترول السوداني؟

ـ بالنسبة للجزء الأول من السؤال لا نستطيع ان نقول ان مخاطر الانفصال في السودان قد انعدمت لانه طالما ان الحرب مستمرة فان مخاطر الانفصال مستمرة ولكننا نستطيع ان نقول ان هذه المخاطر تتراجع الآن، وان لغة الوحدة تتقدم سواء على مستوى الشارع السوداني او الحكومة وايضا على مستوى أبناء الجنوب. وكذلك على المستويين الاقليمي والدولي. يجب علينا ان لا ننسى ان هناك ثلاثة عوامل مهمة جدا تؤثر في الحرب التي تدور الآن في جنوب السودان، العامل الأول هو العنصر الداخلي، واعني بذلك العلاقة بين الشمال والجنوب وكيفية الانتقال بهذه العلاقة من حالة الاستقطاب التي كانت تعيشها الى حالة يسودها الوفاق والاتفاق والتفاهم حول قضايا الوطن كله. ومن هذه الناحية نحن نعترف ان هناك قضايا لا بد من ان تنشأ على اساس المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية وكذلك على اساس التوزيع العادل للثروة والسلطة.

نحن نريد مساواة ما بين المواطن السوداني في الشمال والجنوب دون أي ارتباط بالدين او بالعرق او اللغة، نريدها مساواة تقوم على الجنسية أنت سوداني فمن حقك ان تمتلك كل الحقوق وكل الواجبات... هذه المساواة ان لم تكن موجودة في السابق فهي ما نريد العمل على تحقيقها في هذه المرحلة وكذلك في المرحلة القادمة.

العامل الثاني هو العنصر الاقليمي، فعلاقات السودان مع دول الجوار كانت متوترة في مرحلة من المراحل.. ولعلك تذكر انه في عام 1997 حصل غزو ثلاثي أوغندي ـ اريتري ـ اثيوبي ضد السودان، ودعمت هذه الدول حركة التمرد (الحركة الشعبية لتحرير السودان) بمساندة من الولايات المتحدة.

الآن الوضع الاقليمي تغير حيث ان علاقات السودان مع اثيوبيا ومع اوغندا واريتريا وكذلك مع مصر اصبحت علاقات منسابة وبالتالي فاننا نستطيع ان نقول ان هذا سيصب ايجابا في قضية الحرب والسلام في جنوب السودان.

* ولكن اوغندا موقفها لم يتغير بالكامل؟

ـ اوغندا صرحت مؤخرا انها مع وحدة السودان لانها تدرك انه اذا حصل انفصال في السودان فان ذلك سيشكل سابقة ستطال دول الاقليم كله... ثم ان ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية نفسه يدعو الى الحفاظ على الحدود الموروثة من ايام الاستعمار.

نحن نسعى الآن مع دول الجوار الى الوصول الى حل يرضي الجميع... حل يعالج كل القضايا التي كانت تتسبب في هذه الحرب، وقد اكدت جميع دول الجوار دون استثناء ان هذا الحل يجب ان يكون في اطار وحدة السودان.. وهذا ما تقول به مبادرة الايقاد التي تعطي الاولوية للحل في اطار وحدة السودان.

العامل الثالث هو العامل الدولي، نحن قبل عامين كانت علاقاتنا مع أوروبا وكذلك مع الولايات المتحدة متدهورة... الآن العلاقات بين السودان وأوروبا طبعت وكذلك بين السودان والأمم المتحدة، حيث تم في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي رفع العقوبات عن السودان، كما ان علاقاتنا مع الصناديق والمؤسسات الدولية تم تطبيعها، ومع الولايات المتحدة فتحت قنوات للحوار وإن لم تطبع العلاقات حتى الآن. وبالتالي فان العامل الدولي نفسه هو الآن يصب في مصلحة ايقاف الحرب واحلال السلام.

* ولكن ما هو سر الاهتمام الأميركي الآن بالحالة السودانية؟ وهل له علاقة بالبترول؟

ـ لكي نعرف الاهتمام الأميركي لا بد من ان نعرف استراتيجية الادارة الأميركية السابقة والحالية... فالادارة الأميركية السابقة بزعامة الديمقراطيين كانت لديها استراتيجية معروفة تقوم على محاربة الحكومة الموجودة في الخرطوم والعمل على اسقاطها او ترويضها كما يقولون، وهذه الاستراتيجية كانت معلنة... وكانت تستخدم ـ للوصول الى اهدافها ـ استمرار الحرب لاضعاف النظام في السودان، وللأسف كانت تستخدمها بطريقة غير اخلاقية حتى ولو مات الآلاف من أبناء الجنوب والشمال فهذا الامر ليس مهما طالما ان هذه الحرب تصب في خانة إضعاف حكومة الخرطوم واسقاطها.

هذه الاستراتيجية تغيرت مع وصول الجمهوريين الى الحكم فان الادارة الأميركية الحالية تعتمد استراتيجية جديدة تقوم على ايقاف الحرب واحلال السلام لان استمرار الحرب يؤدي الى سقوط المزيد من الابرياء والمدنيين وغيرهم وكذلك الزيادة في معاناة أبناء الجنوب والشمال بعدم وصول المساعدات الانسانية، لهم بالاضافة الى ان استمرار الحرب يقود الى اهدار امكانيات الدولة وبالتالي فان الاستراتيجية الأميركية الجديدة قد ادت الى فتح مجال للحوار ما بين الحكومة السودانية والادارة الأميركية وهذا الحوار كان مغلقا في السابق، ونتيجة لذلك نحن رحبنا بالمبعوث الأميركي جون دانفورث وبالتقرير الذي صدر عنه ونحن الآن بصدد دراسته.. كما اننا رحبنا بالدور الأميركي لاحلال السلام في السودان.

وبالتأكيد ان احلال السلام في السودان سيقود الى فتح المجال امام الشركات الأميركية الغربية للاستثمار في السودان، وان عائد هذا الاستثمار سيكون عاملا مهما جدا لتثبيت السلام في السودان وهو ما يحدث الآن في جبال النوبة فحينما يحس المواطن السوداني بعائدات السلام فانه سيتمسك بالسلام اكثر فأكثر.

* ولكن استراتيجية الادارة الأميركية الحالية لم تتغير مع العراق.. فلماذا تغيرت مع السودان يا ترى؟

ـ أولا نحن في السودان ليست لدينا مشكلة تاريخية مع الولايات المتحدة ولم تقم حرب ما بين أميركا والسودان.. كما ان السودان ليست له سياسة معادية لأميركا.

الادارة الأميركية السابقة هي التي اصرت على هذه السياسة المعادية للسودان، والتغيير الذي حدث اتاح المجال لان ننتقل الى الامام.

نحن في السودان مقتنعون تماما بأن الولايات المتحدة هي دولة عظمى لديها تأثيرات على الشأن العالمي وعلى الشأن الاقليمي وبالتالي على الشأن السوداني ولذلك لم ننكر في أي يوم اهمية هذا الدور بل طلبناه، والادارة الأميركية السابقة هي التي كانت ترفض ذلك، نحن كل الذي نريده من الولايات المتحدة هو تعامل في اطار الاحترام المتبادل وتبادل المنافع.

اما بالنسبة للعراق فان مشكلته مع الولايات المتحدة بدأت مشكلة عربية ـ عربية، فالموقف العربي كان منقسما تجاه العراق نتيجة للحرب،. والموقف الدولي يتأثر الى حد كبير بالمواقف الاقليمية في حين ان السودان كان يحظى باجماع عربي بدون استثناء لدعم وحدته ومساندة نظامه.

هذا الموقف العربي الداعم لم كن موجودا بالنسبة للقضية العراقية في السابق ولكن نحن نعتقد ان من اهم الخطوات التي قام بها مؤتمر القمة العربية في بيروت هو انه استطاع ان يعيد التضامن العربي.

فالموقف الذي اتخذته قمة بيروت تجاه العراق ورفض استهدافه في اطار الحرب المعلنة ضد الارهاب سوف ينعكس على الموقف الدولي ولا سيما الموقف الأوروبي والأميركي، وقد بدأت بالفعل اصوات داخل الولايات المتحدة تنادي بأهمية عدم ضرب العراق، لأن العراق ليست لديه أية علاقة بالارهاب، ثم ان الحملة الدولية ضد الارهاب لم تثبت بأن للعراق أي علاقة مع الارهاب، ولذلك فان الموقف العربي الآن تجاه العراق هو افضل مما كان عليه في السنوات العشر الاخيرة، وأنا تقييمي ان الموقف الأميركي في النهاية سيتأثر بالموقف العربي تجاه العراق.

* تحدث تقرير جون دانفورث عن تقاسم البترول بين الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير السودان.. ما هو موقفكم؟ وهل تجرون الآن مفاوضات مع جون قرنق بخصوص تقاسم البترول؟

ـ تقرير المبعوث الأميركي لم يتحدث عن تقاسم البترول ما بين الحكومة السودانية وحركة جون قرنق.. الذي يقرأ هذا التقرير بعناية وبعمق يجد انه يتحدث عن اهمية القسمة العادلة للبترول ما بين الشمال والجنوب.. كما تحدث عن وقف اطلاق النار ما بين الحكومة والحركة، وبالتالي ليس هناك أي اتجاه لدى الحكومة السودانية لمناقشة قسمة البترول مع حركة قرنق. هذا امر غير وارد على الاطلاق لأن حركة قرنق لا تمثل كل الجنوب ثم ان معظم الجنوبيين يوجودون الآن في الشمال، فأكثر من ثلثي أبناء الجنوب ترحلوا الى الشمال نتيحة للحرب، فهل نعطي قسمة البترول لحركة التمرد حتى تستخدمها لاستمرار فتيل الحرب. نحن نؤمن بأن البترول هو ثروة قومية مثل الذهب والحديد ويجب ان تقسم بالتساوي بين أبناء السودان جميعا ونحن ليست لدينا أية مشكلة في التفاوض حول هذا الموضوع تحت هذا العنوان ولكن هذا الموضوع لن يبحث الا بعد ان تتوقف الحرب نهائيا، لأنه لا يمكن البدء في هذا الموضوع والحرب مشتعلة بين أبناء البلد الواحد ثم ان عائدات البترول هي لتنمية مناطق السودان وبخاصة المناطق التي تأثرت بالحرب والمناطق المتخلفة وهي بالتالي عائدات للسلام وليست لخدمة الحرب.

* ما هو ردكم على الذين يقولون بأن الحكومة قبلت باتفاق جبال النوبة تحت الضغط الأميركي الشديد، حتى تنجو بنفسها من تهمة الارهاب بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر؟ ثم ان هذا الاتفاق لم تتم فيه استشارة أهل جبال النوبة؟

ـ أولا وبمجرد ان جاءت حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش الى السلطة في يناير (كانون الثاني) عام 2000 حرصنا نحن في السودان على الاتصال بها. أنا كتبت رسالة الى وزير الخارجية الأميركي شرحت له فيها حرصنا على ان يكون للادارة الأميركية دور في احلال السلام في السودان.

اما بالنسبة لموضوع الارهاب فعلاقاتنا مع الادارة الأميركية حول موضوع مكافحة الارهاب بدأت قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر واستمرت بعدها.

وقبل التوقيع على اتفاق جبال النوبة قرر مجلس الأمن الدولي رفع العقوبات عن السودان، والولايات المتحدة لم تعترض على ذلك وظلت تصريحات المسؤولين في الادارة الأميركية المتكررة تؤكد ان السودان يتعاون في مجال محاربة الارهاب، وبالتالي فان ربط اتفاق جبال النوبة بقضية الارهاب امر غير وارد، وهو يدخل في باب التخمينات العقيمة لأن كل المسائل التي ذكرتها تدل على ان الحوار كان جاريا بيننا وبين الأميركيين، ونحن كنا راغبين في دور أميركي لأننا نعرف مدى اهمية الدور الأميركي بالنسبة للقضية السودانية.

المسألة الثانية أنت ذكرت ان الحكومة وقعت على اتفاق جبال النوبة وأبناء الجبال غير موافقين عليه.. أنا اؤكد لكم ان اكثر جهة حريصة على هذا الاتفاق والتمسك به هم أبناء جبال النوبة، فهم اكثر الناس الآن اصرارا على الحفاظ على هذا الاتفاق لأنه يؤمن لهم السلام وكذلك تنمية منطقتهم، ولو اجريت استفتاءً الآن في جبال النوبة لوجدت ان اكثر من 90 في المائة هم الآن مع هذا الاتفاق.

* لكن هناك من يعتبر ان وقف اطلاق النار في جبال النوبة تحت رقابة دولية يؤدي الى تدويل القضية؟

ـ أولا أنت اذا كان لديك طفل صغير وهذا الطفل بدأ يصرخ واستطعت ان تقدم له قطعة حلوى وان تصل معه الى ترضية فان جارك لن يسألك ماذا حدث للطفل الصغير.. ولكن اذا استمر هذا الطفل في الصراخ فمن حق جارك ان يقرع الباب وان يطالبك بترك طفلك واذا خرج هذا الطفل الى الشارع وبدأ يصرخ وانشغل المارة به فمن حق الجيران والمارة ان يتوقفوا ويسألوا لماذا يصرخ هذا الطفل؟! لنكن واقعيين، هذه الحرب الآن تستمر في دورتها الثانية قرابة العشرين عاما والمجتمع الدولي تدخل فيها بشتى الطرق.. سواء عن طريق المساعدات الانسانية للتخفيف من معاناة المواطنين او عن طريق المحاولات الاقليمية التي كانت تستهدف كلها وقف هذه الحرب. وهنا أعني بالتحديد مبادرة الايقاد والمبادرة المشتركة المصرية ـ الليبية وكذلك الجهود الأميركية، ونحن نعتبر هذا النوع من التدخل تدويلا حميدا يمكن القبول به.

نحن رفضنا التدويل في وقت من الاوقات عندما شعرنا بأن هذا التدويل يمكن ان يقود الى تقسيم السودان ويمكن ان تكون هناك اجندة خطيرة... فالادارة الأميركية السابقة في عهد الرئيس بيل كلينتون طلبت منا في شهر سبتمبر عام 2000 أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بثلاثة اشهر، عقد مفاوضات في واشنطن لاحلال السلام في السودان. نحن رفضنا هذا الطلب لأننا كنا على يقين من ان اجندة الادارة الأميركية آنذاك لم تتغير وبالتالي اعتقدنا ان ذلك تدخل خبيث لذلك لم نقبل به. حينما شعرنا ووصلنا الى قناعة بأن الحوار الذي يجرى بيننا وبين الادارة الأميركية الحالية يمكن ان يكون مفيدا قبلنا به لأننا نعي تماما ان هناك دورا عالميا في هذه القضية لا بد من ان نضعه في الاعتبار وبالتالي هناك فرق بين التدخل الحميد والتدخل الخبيث، ونحن قبلنا بالتدخل الأميركي الحميد، وفي أي لحظة من اللحظات نشعر فيها ان هذا التدخل انحرف وخرج عن مساره الصحيح فان موقفنا سيكون موقفا آخر ونحن لدينا اصدقاؤنا سواء كان على المستوى الاقليمي او الدولي.

* هناك حديث عن تنسيق او دمج بين مبادرة «الايقاد» و«المصرية ـ الليبية» المشتركة لكن الولايات المتحدة ترفض أي دور ليبي في السودان، فكيف ترون ذلك؟

ـ قمة «الايقاد» التي عقدت في يناير (كانون الثاني) الماضي بالخرطوم نادت بالتنسيق بين المبادرتين.. وكذلك قمة اتحاد دول الساحل والصحراء التي انعقدت في الجماهيرية الليبية في شهر فبراير (شباط) الماضي نادت ايضا بالتنسيق بين المبادرتين، وأنا سعيد جدا انه قبل ايام انعقدت قمة ثنائية بين الرئيس المصري حسنى مبارك والرئيس الكيني آراب موي اكدت على اهمية التنسيق بين المبادرتين.. وكذلك قمة مبارك ورئيس اوغندا يوري موسيفيني.

نحن نريد لهذه المبادرات ان تنتهي الى احلال السلام والحفاظ على وحدة السودان ولن نقبل بأي مبادرة يمكن ان تقود الى تمزيق وحدة السودان.

* ولكن أميركا لديها تحفظ على الدور الليبي؟

ـ نعم أميركا لديها تحفظ على الدور الليبي ولكن على الولايات المتحدة ان تعرف بأن المبادرة المشتركة بدأت اساسا في ليبيا وليس في مصر، وتم الاتفاق عليها. والمسألة الثانية ان هذه المبادرة المشتركة وافقت عليها جميع الاطراف السودانية بما فيها حركة التمرد (الحركة الشعبية) واذا كانت هناك اجماع سوداني على هذه المبادرة خاصة ان الموضوع يتعلق بشأن سوداني على الولايات المتحدة ان تراجع موقفها.. واذا كانت لديها مشكلات مع ليبيا في قضايا اخرى فيجب ألا ينعكس هذا على الدور الليبي الايجابي لاحلال السلام في السودان وهو دور مقدر ونحن في الحقيقة نقدر دور العقيد معمر القذافي بالذات لاحلال السلام في السودان، وبالنسبة لاصلاح العلاقات السودانية ـ المصرية والسودانية ـ الاوغندية وكون ان الولايات المتحدة ترفض الدور الليبي، فهذا لا يعني ان نتنكر لكل هذه الجهود والخطوات الحميدة التي قامت بها القيادة الليبية.. هذا بالاضافة الى ان ليبيا هي دولة جارة للسودان ولها مثلما لمصر الحق في ان يكون لها دور في عملية احلال السلام في السودان وتقبل به أميركا... ومثلما لكينيا الحق وتقبل به أميركا، خاصة انه دور مطلوب.

* هناك حديث عن وجود قوات اوغندية في الاراضي السودانية ما هو المقابل الذي اخذته الحكومة السودانية؟

ـ الحكومة السودانية بعد جهد كبير لابعاد حركة جيش الرب المعارضة الاوغندية الموجودة في جنوب السودان، توصلت الى اتفاق تم توقيعه مع اوغندا برعاية الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بألا تقوم الحكومة الاوغندية بتقديم الدعم الى حركة التمرد السودانية كما تتعهد الحكومة السودانية بنفس الشيء مع حركة جيش الرب.

* الدكتور حسن الترابي كيف وضعه الآن؟

ـ الدكتور حسن الترابي هو من دون شك واحد من القيادات السودانية القليلة التي اسهمت اسهاما فاعلا في العمل الوطني.. وفي العمل الدعوي والثقافي.. وظل الدكتور الترابي ولأكثر من 30 عاما يثري الحياة السياسية والفكرية والثقافية في السودان.

ولا يختلف اثنان من السودانيين في هذا الدور الهام الذي قام به الترابي.

الدكتور الترابي له دور كبير جدا في وصول «ثورة الانقاذ» الوطني للسلطة وتثبيت دعائم هذا الحكم في المرحلة الاولى الى ان حدث الخلاف.. حينما حدث الخلاف كان الهدف هو ان ينتهي بصورة حضارية وان يؤسس الدكتور حسن الترابي حزبه (حزب المؤتمر الشعبي)، وان يمارس نشاطه في اطار اللوائح والقوانين التي تم الاتفاق عليها.. ولكن هذا الخلاف تطور واخذ منعرجا آخر فتم اعتقال الدكتور الترابي ثم حبسه منزليا.

* يعني الاقامة الجبرية؟! ـ نعم اقامة جبرية ونحن املنا ان يعالج هذا الخلاف وان يطلق سراح الدكتور الترابي، وان يمارس حياته السياسية ويواصل عطاءه في هذا الوطن وفق اللوائح والقوانين التي تنظم هذه الانشطة.

* هناك حديث عن مذكرات مسربة بين مسؤول حكومي والدكتور الترابي.. هل يعني هذا وجود اتصالات سرية بين الرئيس البشير والدكتور الترابي؟

ـ الاتصالات ما بين الدكتور الترابي وعدد من العناصر الموجودة في السلطة تتم، ولكن الامل في ان يصل الجميع الى رؤية واضحة تقنن الحركة السياسية وفق اللوائح والقوانين، وان تحترم المعارضة هذه القوانين واللوائح وان تحترم الحكومة ايضا.

* هل ان هذه الاتصالات تتم بضوء اخضر من الرئيس حسن البشير ام انها اتصالات بمبادرات شخصية؟

ـ ليس بالضرورة ان يكون هناك ضوء اخضر من الرئيس البشير، أنا ذكرت ان هذه اتصالات تتم في اطار اجتماعي وبعضها من منطلق حرص من بعض القيادات على لم الشمل وجمعه. فهذه الاتصالات تتم وفي كثير من الاحيان الرئيس البشير لا يكون على علم بها.