الجزائر: وفاة مساعدية

TT

غيّب الموت، فجر أمس، رئيس البرلمان الجزائري محمد الشريف مساعدية في مستشفى أميركي بباريس، وكان ذلك نهاية معاناة طويلة مع مرض عضال أجبره على الاختفاء عن الساحة السياسية وترك مهامه على رأس مجلس الأمة منذ مطلع الخريف الماضي وتتناقل الصحف المحلية، منذ عدة أشهر وبصفة دورية، أنباء عن تنقلات مساعدية. بين باريس والجزائر، ونقل مقربون منه أنه طلب منهم نقله إلى بلده ليموت فيه بعد أن ظهر أن حالته ميئوس منها.

ويعد محمد مساعدية من أبرز رموز حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد سابقا)، وكان مناضلا فيه منذ أيام الثورة التحريرية، وتقلد مناصب عدة إلى أن تولى قيادة الحزب بين 1973 و1976، ثم أصبح بعد وفاة الرئيس هواري بومدين أواخر سنة 1978، مسؤول الأمانة الدائمة للجنة المركزية للحزب، واحتل مرتبة الرجل الثاني في الدولة حتى سنة 1988 حيث قرر الرئيس الشاذلي بن جديد التضحية به وإقالته إثر أحداث أكتوبر (تشرين الثاني) من نفس السنة. وظهر مساعدية عندئذ كأحد الرموز المرفوضة من قبل الشباب الثائر، وبقي رغم ابتعاده عن السلطة محل ازدراء الشباب، وازداد هذا الشعور لدى الطبقة السياسية أيضا بعد أن دعاه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو في الـ77 من العمر، إلى تولي رئاسة مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية الثانية) في أبريل (نيسان) 2001 خلفا لبشير بومعزة الذي رفض الطريقة التي جرى بها تعويضه.

وكان مساعدية، المولود في سوق أهراس (أقصى الشرق الجزائري) سنة 1924، من أصدقاء الرئيس بوتفليقة المقربين، والتقى الاثنان، ومعهما رئيس البرلمان الأسبق رابح بيطاط، على أنهما من الرافضين لسياسة الرئيس بن جديد الانفتاحية. وحرص مساعدية على تحاشي التصريح للصحافة طيلة السنوات التي قضاها على هامش السلطة، ولم يجر سوى مقابلات معدودة تحدث فيها عن خلافه مع الرئيس بن جديد خلال أحداث أكتوبر 1988، وقال حينها إن الرئيس طلب منه الاعتزال «إلى حين مرور السحابة».

وقد وصل جثمان مساعدية، مساء أمس، إلى الجزائر، وينتظر أن يشيع اليوم إلى مقبرة العالية ويدفن إلى جوار المسؤولين السياسيين الكبار أمثال الرئيسين بومدين وبوضياف والأمير عبد القادر. وتجدر الإشارة إلى أن الإعلان عن وفاة مساعدية جاء بعد ساعات من الإعلان عن فوز حزبه (جبهة التحرير الوطني) بالأغلبية المطلقة (51.15) في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الخميس الماضي.