علي مهدي الرئيس الصومالي السابق لـ«الشرق الأوسط»: جهود الإيقاد محكوم عليها بالفشل

الجامعة العربية ترحب بقرار مجلس الأمن فرض حظر على تصدير الأسلحة للصومال

TT

نفى علي مهدي محمد الرئيس الصومالي السابق ان تكون السلطة الانتقالية الصومالية التي يتزعمها الرئيس عبد القاسم صلاد حسن في طريقها للانهيار بعد الخسائر التي منيت بها القوات الموالية لها اثر المعارك التي خاضتها الاسبوع الماضي ضد ميليشيات أمير الحرب موسى سودي يالاهو في منطقة شمال العاصمة الصومالية مقديشيو. وقال مهدي لـ«الشرق الاوسط» على هامش زيارته الراهنة للقاهرة انه يرى ان المعارضة الصومالية غير قادرة على حسم الأمور لصالحها أو فرض سيطرتها على كامل العاصمة وطرد الحكومة الانتقالية منها. وأوضح ان خسارة الحكومة الانتقالية لإحدى المواجهات المسلحة مع المعارضة المناوئة لها لايعني انها ستتصدع أو تخسر المناطق الخاضعة لها في ضواحي مقديشيو.

ودعا مهدي الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الاوروبي للقيام بجهود لحل الأزمة الصومالية، معتبرا ان مهمة دول الهيئة الحكومية لتنمية شرق افريقيا «ايقاد» في هذا الصدد محكوم عليها بالفشل الذريع. واضاف «هناك خلافات كبيرة بين دول هذه المنظمة حول كيفية تحقيق الوفاق الوطني في الصومال كما ان جيبوتي لديها اجندة سياسية مختلفة تماما عن تلك التي تملكها اثيوبيا أو كينيا ولهذا لا اتوقع ان تسفر جهود الايقاد عن أي تقدم ملموس لصالح الصومال».

ونفى علي مهدي العضو الحالي في البرلمان الانتقالي الصومالي عن دائرة مقديشيو ما تردد عن اجراء مسؤولين من المخابرات الاميركية أخيراً لاتصالات سرية معه للحصول على معلومات حول تنظيم الاتحاد الاسلامي الصومالي الذي تتهمه الادارة الاميركية بالتورط في أنشطة مناوئة لمصالحها في منطقة القرن الافريقي وبالتعاون مع تنظيم القاعدة الدولي. وقال مهدي ان هذه الاتصالات لم تحدث على الاطلاق، مشيرا الى ان الولايات المتحدة لديها مسؤولية اخلاقية في الصومال باعتبارها الدولة العظمى في العالم. ودعا اثيوبيا الى احترام وحدة واستقلال الصومال وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والامتناع عن تزويد المعارضة الصومالية بالدعم السياسي والعسكري.

من جهة اخرى بدأت الجامعة العربية أمس تحركا دبلوماسيا عاجلا لتخفيف حدة الأزمة الصومالية وحث جميع الاطراف المعنية بها على الالتزام بمبدأ وحدة واستقرار الصومال تفاديا لاندلاع حرب أهلية جديدة تعيد الى الأذهان المأساة التي يعيشها الصوماليون منذ سقوط نظام حكم الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري عام .1991 وبعث عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية برسائل خطية الى كوفي انان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وعيسى امارا الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية والأمين العام لمنظمة دول «ايقاد» لاطلاعهم على تعيين الدبلوماسي العماني السابق سالم الخصيبي مبعوثا خاصا للجامعة العربية لمتابعة الشؤون الصومالية ونتائج أول اجتماع للجنة العربية المكلفة من القمة العربية التي عقدت خلال شهر مارس (آذار) الماضي بتفعيل الجهود الرامية الى جمع الفرقاء الصوماليين على مائدة مفاوضات واحدة.

وحث موسى الاطراف المعنية بالأزمة الصومالية على تضافر الجهود الدولية والاقليمية لتفادي أي اجراء من شأنه تعطيل أو عرقلة محاولة تحقيق المصالحة الوطنية في الصومال. وتلقت الامانة العامة للجامعة العربية أمس تقريرا عاجلا من بعثتها لدى مقر الأمم المتحدة في نيويورك يتعلق بالقرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي بشأن دعوة دول الجوار الجغرافي للصومال الى منع تصدير أي أسلحة للفصائل الصومالية والالتزام بالحظر الذي فرضه المجلس قبل بضع سنوات في هذا الصدد.

وأعربت الجامعة العربية عن تأييدها لهذا القرار كما رحبت باعتزام الأمم المتحدة إيفاد بعثة خاصة لتقصي الحقائق في الصومال خلال الشهر الجاري.

وقال السفير احمد بن حلي الامين العام المساعد للشؤون العربية بالجامعة العربية لـ»الشرق الاوسط» ان الجامعة العربية ترحب بهذه التطورات وبأي جهد اقليمي أو دولي من أجل ايجاد تسوية سلمية للأزمة الصومالية. وأوضح انه التقى عيسى امارا الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية الاسبوع الماضي في العاصمة القمرية موروني على هامش المشاركة في حفل تنصيب الرئيس القمري الجديد العقيد عثمان غزالي، مشيرا الى ان امارا أكد على استمرار التنسيق والتشاور بين الجامعة العربية والمنظمة الافريقية لاحلال السلام والاستقرار في الصومال.

واعتبر ان من مصلحة كل الاطراف المعنية بالأزمة الصومالية ان يعود الامن المفقود منذ 12 عاما تقريبا الى الصومال، مؤكدا على ضرورة ان يتحمل كل قادة الفصائل الصومالية مسؤولياتهم التاريخية ويغلبوا المصالح العليا للشعب الصومالي على ما عداها من مصالح وأغراض شخصية. واعلن ان سالم الخصيبي المبعوث الخاص للجامعة العربية للشؤون الصومالية سوف يبدأ خلال الايام القليلة القادمة مباشرة مهام عمله بالقيام بجولة اقليمية موسعة تشمل الصومال وجيبوتي وكينيا واثيوبيا في محاولة لتقييم الوضع الراهن على الساحة الصومالية ودراسة أنسب الوسائل لتحقيق الوفاق بين مختلف الفرقاء الصوماليين.

وكشف النقاب عن اعتزام الخصيبي زيارة معظم المناطق الصومالية بما في ذلك ما يسمى بجمهوريتي أرض الصومال والبونت لاند (أرض اللبان) الانفصاليتين لاقناع حكومتيهما بالانضمام الى قطار المصالحة الوطنية في الصومال. ومن المقرر ان يقوم الخصيبي بعرض تقرير شامل حول هذه الاتصالات على عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية لتحديد الخطوات المقبلة والمتعلقة بجهود الجامعة العربية لانهاء الأزمة الصومالية.

وأنحى السفير بن حلي باللائمة على قادة الحرب الصومالية بشأن تأخر حصول الصومال على مساعدات اقتصادية بمبلغ 56 مليون دولار اميركي كانت القمة العربية الأخيرة قد قررت تقديمها لمساعدة الحكومة الصومالية على تجاوز آثار الحرب الاهلية المدمرة في الصومال. وقال ما نصه «هناك حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي في هذا البلد تثير الشكوك بشأن مدى جدية الاطراف الصومالية في تسوية الأزمة الراهنة». وشدد على استمرار الجهود العربية لاستعادة الصومال لدوره العربي والافريقي، مشيرا الى ان هذه الأزمة قد طالت اكثر مما ينبغي وتؤثر بالسلب على الامن الاقليمي العربي في منطقة القرن الافريقي والبحر الاحمر.