واشنطن تتوقع مقتل 12 مليون شخص في اللحظات الأولى للحرب النووية بين الهند وباكستان

TT

قالت مصادر وكالة الاستخبارات الدفاعية الاميركية ان أي مواجهة نووية بين الهند وباكستان ستؤدي الى مقتل 12مليون شخص فورا وجرح ما لا يقل عن 7 ملايين فضلا عن موت ملايين آخرين نتيجة المجاعة والامراض.

ويعتقد محللون وخبراء عسكريون اميركيون ان التفوق العسكري الهندي على باكستان يزيد من صعوبة التنبؤ بما يمكن ان يحدث بين الدولتين نتيجة التوتر الراهن بينهما. فباكستان من الناحية العسكرية ليست ندا للهند التي تتفوق بنسبة 2 الى 1في جانب القوات الارضية والجوية، كما ان الهند تملك حاملة طائرات وعددا اكبر من الغواصات والسفن الحربية. لا يعرف على وجه التحديد حجم القوة العسكرية النووية لدى كل طرف، بيد ان الهند تملك في الغالب ضعف القوة النووية العسكرية الباكستانية.

هذا التفاوت في حجم القوة لدى كل طرف يزيد من صعوبة التنبؤ بما يمكن ان يحدث، ويضيف الى حالة التصعيد التي تغري كل جانب بالمبادرة بالهجوم مع اتخاذ خطوات تحوطية، حسبما يعتقد المحللون. ويرى الجنرال المتقاعد آنتوني زيني ان أي من الطرفين عندما يرى تحركا من الجانب الآخر يكون لديه تحركا مضادا مبرمج مسبقا. اذ يرى زيني ان هذا الجانب يجعل الوضع الراهن اكثر خطورة. وكان محللون قد ابدوا مخاوفهم قبل فترة طويلة من اندلاع حرب تقليدية تتطور لمواجهة نووية بين الهند وباكستان، بيد ان هذه المخاوف باتت اكثر جدية في الوقت الراهن. فالادارة الاميركية بدأت من جانبها حملة دبلوماسية لتفادي النزاع بين الدولتين، اذ من المقرر ان يغادر الى المنطقة نائب وزير الخارجية ريتشارد آرميتاج الاسبوع المقبل على ان تعقب زيارته زيارة اخرى لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد. غالبية المحللين لا تزال تستبعد اندلاع حرب نووية بين الجانبين، لكنهم حذروا من ان الحرب التقليدية يمكن ان تخرج عن نطاق السيطرة وبمجرد تحول النزاع الى حالة العنف، فإن التنبؤ بنتائجه يصبح مستحيلا. وطبقا لاحصائيات الكونغرس، فإن الهند نشرت قوات قوامها 25 ألف جندي وضابط على طول الخط الفاصل الذي يقسم اراضي كشمير المتنازع عليها. ونشرت باكستان من جانبها قوات يزيد عدد افرادها على 180 ألفاً. وطبقا لتقرير اصدره مسؤولون اميركيون، فإن لدى الهند 1500قطعة مدفعية في اراضي كشمير مقارنة بـ600 قطعة مدفعية باكستانية، الى جانب 36 طائرة حربية للهند في المنطقة، أي حوالي ثلاثة اضعاف عدد الطائرات الحربية الباكستانية في المنطقة. ويعتقد مسؤولون اميركيون ان القوات الهندية والباكستانية تبدو مستعدة للهجوم، وطبقا لما ذكره مسؤول عسكري اميركي بارز فإن هناك عدداً كبيراً من القوات على الحدود، اذ يبدو ان هذه القوات وجدت فرصة كافية للاعداد بسبب وجودها هناك على مدى فترة طويلة. وتشير التكهنات الى ان الضربة الاولى ستكون في الغالب من جانب الهند التي اعربت عن غضبها ازاء دعم باكستان لاعضاء جماعات اصولية مسلحة تسعى الى انهاء الوجود الهندي في كشمير. وقال الكثير من المحللين ان التوقعات تشير الى ان أي هجوم هندي سيحاول تقليل حجم مخاطر حرب شاملة بالابقاء على الهجوم محدودا، وطبقا لهذه التوقعات، فإن الهند سترسل عددا محدودا من الطائرات الحربية والقوات الارضية بغرض توجيه ضربات للمواقع التي يشتبه في استخدامها كمعسكرات تدريب للمسلحين الاصوليين في الجزء الذي تسيطر عليه باكستان. ووفقا لهذا السيناريو، ستتحرك الهند على وجه السرعة سعيا لتحقيق اهدافها ثم تعلن من جانب واحد انها اوقفت عملياتها وتطلب وقفا لاطلاق النار. السؤال الرئيسي يتركز في مدى قوة الرد الباكستاني على ذلك. يتوقع بعض الخبراء ان تقدم باكستان على بعض الخطوات الاستعراضية مثل قصف المناطق الحدودية او شن غارات محدودة لمعاقبة الهند ولاظهار ان هجوم الهند لم يمض دون رد. تعتبر «الحسابات الخاطئة» تمثل مصدرا للقلق طبقا لوجهة نظر زيني، الذي تعامل كثيرا مع باكستان في نهاية عقد التسعينات، عندما كان رئيسا للقيادة المركزية الاميركية. واضاف زيني، الذي يعمل حاليا كبير مستشارين بوزارة الخارجية الاميركية: «ان باكستان ربما لا تقبل هذه الغارات المحدودة وربما تبدأ سلسلة من ردود الافعال».

يقول تيريستا شافر، خبير شؤون منطقة جنوب آسيا بـ«مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، ان الخطر يكمن في التصرفات على اساس ردود الافعال، واضاف ان الطرفين اذا شعرا بأنه ينبغي عليهما الرد، فإنهما ربما يفقدا القدرة على السيطرة على التصعيد. وفيما اعتبر الجيش الباكستاني اقل حجما من الجيش الهندي، فإن الهوة اقل اتساعا في بعض اقسام قواتها المسلحة خصوصا تلك التي تعتبر الافضل من ناحية اظهار القوة خصوصا الاقسام المدرعة والآليات. ويقول محللون عسكريون غربيون ان هذه الاقسام الرئيسية تدهورت كثيرا خلال العقد الماضي نتيجة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على باكستان. وقال زيني انه حسب تجربته، فإن الجيش الباكستاني افضل مهارة في جوانب الصيانة واكثر تفوقا في صناعة قطع الغيار. طبيعة تضاريس المنطقة تخدم مصلحة باكستان على طول الخط الفاصل، ويلاحظ محلل عسكري اميركي ان الحملات العسكرية الرئيسية بين البلدين فشلت خلال الحروب الثلاث التي خاضتها الهند وباكستان في تجاوز 20 أو 30 كيلومترا. ومع اقتراب موعد فصل الرياح الموسمية خلال الاسابيع القليلة المقبلة، يتوقع مسؤولون اميركيون ان حالة الطقس ستفرض وقف أي خطط عسكرية، كما ان الطائرات الهندية غير مزودة بالتكنولوجيا التي تسمح لها بالعمل في كل انواع الطقس.

بيد ان مسؤولي البنتاغون لا يعتمدون على الامطار الغزيرة في وقف خطر الحرب، فالامطار لن توقف العمليات العسكرية اذا اعتبرت الهند ان الاهداف التي تسعى الى تحقيقها امر في غاية الاهمية. الاختلاف الوحيد الذي قد يحدث فارقا في المواجهة بين الهند وباكستان، مقارنة بالحروب السابقة بين البلدين، يتركز في القوة النووية لدى الطرفين. فغالبية السيناريوهات ذات الصلة بتحول المواجهة بين الطرفين الى حرب نووية تشير الى هزيمة ساحقة لباكستان، بيد ان خبراء اقليميين اعترفوا بأنه ليس هناك حتى الآن ما يشير الى الخطوط التي سيتجاوزها كل من الهند وباكستان لكي تحدث مواجهة نووية بينهما. ويعتقد شافر ان الغموض هو النقطة الرئيسية في ما يتعلق بالاسلحة النووية في منطقة جنوب آسيا، مشيرا الى انه لم يعرف حتى الآن ما يمكن ان يتسبب في اشعال فتيل الحرب النووية هناك. ومقارنة بفترة 30دقيقة يمكن خلالها تنفيذ أي اجراءات وقائية ممكنة بين لحظة اطلاق الصاروخ النووي وتأثيره بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، ليس هناك سوى اقل من ثماني دقائق لاتخاذ هذه الاجراءات نسبة للقرب الجغرافي بين الهند وباكستان. وتقديرات حجم الترسانتين النوويتين للهند وباكستان تختلف كثيرا، فبعض التقديرات يشير الى امتلاك الهند لعدد يتراوح بين 25 و40 رأسا نوويا فيما يقدر عدد الرؤوس النووية لدى باكستان بما بين 15 و20 الى جانب تقديرات اخرى تشير الى ضعف هذا العدد لدى الطرفين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»