الهند: 3 هجمات بالقنابل لأصوليي كشمير وخطف موظف بسفارتنا في إسلام آباد

TT

واصلت القوات الهندية والباكستانية تبادل القصف المدفعي امس على طول خط المراقبة الذي يفصل بينهما في كشمير. وجاء استمرار القصف في الوقت الذي طالبت فيه الأمم المتحدة وعدة عواصم غربية موظفيها ورعاياها على مغادرة المنطقة. وقالت مصادر أمنية هندية إن ثلاثة قد قتلوا وجرح 37 آخرون عندما ألقى انفصاليون كشميريون 3 قنابل في 3 هجمات منفصلة في سريناجار العاصمة الصيفية لإقليم جامو وكشمير.

وتواصلت امس الضغوط الدولية على الجانبين في محاولة لمنع اندلاع حرب واسعة النطاق بينهما. فقد أعرب وزراء خارجية الدول الصناعية الثماني الكبرى عن قلقهم الشديد ازاء المواجهة الراهنة، وحثوا باكستان على منع تسلل المسلحين إلى الجزء الذي تديره الهند من كشمير. كما حذر وزير الخارجية الأميركي كولن باول في وقت سابق من النتائج المروعة التي قد تنجم عن لجوء البلدين إلى استخدام أسلحتهما النووية. وقال باول إنه يرى علامات على أن باكستان قد أصدرت أوامر لوقف تسلل المسلحين عبر خط المراقبة وهو أحد المطالب الهندية. وأشار إلى إمكانية أن يطالب الهند بسحب قواتها إذا تحققت الخطوات الباكستانية. وحذر من أن العالم أجمع سوف يدين الطرف الذي سيبدأ باللجوء إلى السلاح النووي. من جانبها رحبت باكستان بالزيارة التي سيبدأها وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد إلى المنطقة الأسبوع المقبل. وبعد ان قررت الأمم المتحدة إجلاء موظفيها من باكستان على الفور، قالت مصادر دبلوماسية باكستانية إنه يتعين أن يطبق الإجراء نفسه على الهند. لكن مصدرا دبلوماسيا غربيا قال ان القرار ينطبق على الهند وباكستان على حد سواء.

واضاف: «ان القرار الذي اتخذته الامم المتحدة مرتبط مباشرة بالتوتر مع الهند وليس انعكاسا للاعتداءات التي تستهدف المصالح الغربية في باكستان خلال الاشهر القليلة الماضية، والتي تسببت ايضا باجلاء عدد من المواطنين الاميركيين والبريطانيين والكنديين خصوصا او تحذير العديد من المسافرين في عدة بلدان من التوجه الى باكستان.

واشار الى انه اذا كانت الامم المتحدة بصفتها منظمة دولية تتخذ قرارا من هذا القبيل، فان ذلك يعتبر تقييما سياسيا حول خطر اندلاع نزاع بين البلدين الجارين في جنوب آسيا اللذين يملكان السلاح النووي.

وشدد مصدر آخر على ان اجلاء العائلات «يسمح بفتح المجال» امام عمليات اجلاء اخرى محتملة. «فبعد التخلص من العائلات، سيسهل تنظيم عمليات اجلاء طارئة». كما نصحت وزارة الخارجية الفرنسية امس «العائلات والرعايا الفرنسيين الذين لا يشكل وجودهم في الهند ضرورة لا غنى عنها في هذا البلد الى مغادرته طوعا»، كما طلبت تفادي كل زيارة غير ضرورية الى الهند «بسبب حدة التوتر المتزايد بينها وبين باكستان».

واعلنت وكالات السفر في الهند وباكستان امس انها تشهد تهافتا كبيرا على حجوزات تذاكر السفر لمغادرة البلدين بعد الاعلان صباحا عن اجلاء افراد عائلات موظفي الامم المتحدة منهما. وقال احد وكلاء السفر ان «رحلة يوم الاربعاء من لاهور الى بانكوك التي كان لا يزال نصف المقاعد فيها فارغا، باتت ممتلئة في غضون ربع ساعة».

واضاف ان كل الرحلات التجارية المغادرة من اسلام اباد على وشك ان تمتلئ مع حركة حجوزات كبيرة من افراد او من سفارات غربية على حد سواء.

وفي تطور آخر قال متحدث باسم المفوضية العليا للهند (السفارة) في باكستان ان احد العاملين بها خطف امس على ايدي رجال يرتدون ملابس مدنية. وقال القائم بعمل السفير الهندي سودير فياس انه تم تقديم شكاوى لوزارة الخارجية الباكستانية والشرطة بشأن خطف جولوانت سينج الذي يعمل في القسم الاداري بالسفارة. ويتبادل البلدان كثيرا اتهام اجهزة المخابرات في البلد الاخر بخطف عاملين بالسفارة توجه اليهم في وقت لاحق اتهامات بالتجسس.

وقال فياس ان سينج كان يستقل دراجة نارية مع ابنه البالغ من العمر عشر سنوات عندما اعترضه بعض الاشخاص الذين يرتدون ملابس مدنية بالقرب من مبنى سكني يقيم فيه. ونقل عن ابن سينج قوله ان الرجال جذبوا والده من على الدراجة ودفعوه في سيارة اجرة وغادروا المكان الى جهة غير معلومة. وسمح للابن بالعودة الى منزله.

وكانت الهند قد هددت في الاسبوع الماضي بإغلاق بعثتها الدبلوماسية التي تم بالفعل خفضها في باكستان اذا تقاعست اسلام اباد عن معالجة اسباب قلقها بشأن الاصوليين الذين يقاتلون ضد حكم الهند في كشمير.

على الصعيد السياسي بحث وزير الخارجية الروسي ايجور ايفانوف مع باول الازمة القائمة بين باكستان والهند خلال اتصال هاتفي جرى بينهما مساء اول من امس. وقالت وزارة الخارجية الروسية امس ان الوزيرين عبرا عن استعداد بلديهما للتحرك معا من اجل خفض حدة التوتر واحتواء مخاطر نشوب حرب في المنطقة، بغية التوصل الى حل سياسي في كشمير.

وعرضت روسيا، الحليفة التقليدية للهند، القيام بوساطة في الازمة بين الدولتين الآسيويتين المتخاصمتين. ومن المتوقع ان يتوجه كل من رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي والرئيس الباكستاني برويز مشرف الى الماتي في كازاخستان للمشاركة في قمة إقليمية تبدأ غداً (الاثنين).

وفي تصريحات لا تخلو من التفاؤل قال باول: «ان الهند وباكستان تريدان، على ما يبدو، ايجاد حل سياسي للأزمة التي اوصلتهما الى شفير الحرب، لأنهما يدركان ان الحرب لن تفيدهما بشيء».

وشدد باول الذي كان رئيسا لهيئة اركان القوات المسلحة الاميركية، على ان المجتمع الدولي يعارض كليا استخدام السلاح النووي. وقال ان القنبلة الذرية «ليست مجرد آلة في علبة الادوات، واستخدامها يتجاوز الخط الذي لا يريد العالم ان يتم تجاوزه.. وأيا كانت الجهة التي ستستخدمها، فستكون الادانة عالمية وفورية».

وإلى ذلك رفض وزير الداخلية الهندي كريشنا ادفاني ساترداي امس تأكيدات باكستان بأنها تعارض عمليات التسلل التي يقوم بها ناشطون اصوليون الى كشمير الهندية، وقال إنها تأكيدات «لا مصداقية لها». واضاف ادفاني الذي يعتبر من صقور الحكومة الهندية، خلال زيارة قام بها الى مدينة ليه في كشمير، ان التجارب السابقة تملي على الهند الحذر. وقال: «سنرى ما سيجري على الأرض ونقرر في ما بعد»، في تعليق على الكلمة التي القاها الرئيس الباكستاني برويز مشرف في 27 الشهر الماضي ووعد فيها بعدم السماح باستخدام الاراضي الباكستانية لتنفيذ عمليات إرهابية.

وفي المقابل اعلن مشرف امس انه مستعد للقاء رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي خلال قمة كازاخستان. واضاف: «ان هذا اللقاء يتوقف على رئيس الوزراء فاجبايي.. ليس لدي اي مانع في الالتقاء به، سبق وقلت هذا مرارا، والسؤال ينبغي ان يوجه اليه».

وأوضح انه لا يعتقد ان الطرفين الهندي والباكستاني «يمكن ان يصل بهما التهور الى حد» تجاوز حدود الحرب التقليدية.

واضاف: «اقول ان علينا ان نناقش هذه الامور لأن كل شخص سليم العقل لا يمكن حتى ان يفكر في حرب غير تقليدية، مهما كانت الضغوط».