الإدارة الأميركية تبلور خطتها الاستراتيجية للشرق الأوسط في غضون أسبوعين

مصر تسعى لتعهد إسرائيلي بأن لا يمنع عرفات من العودة إذا غادر * الباز: طالبنا القادة الإسرائيليين بوقف المطالبة باستبدال الرئيس الفلسطيني

TT

أكد مسؤول اسرائيلي سياسي رفيع امس، ان الادارة الاميركية ستبلور خطة سياسية استراتيجية للسلام في الشرق الأوسط في غضون الاسبوعين المقبلين، وذلك بعد ان تنهي محادثاتها مع مختلف الاطراف ذات الشأن في المنطقة.

وقال هذا المسؤول ان هناك وجهتي نظر مختلفتين في الادارة الاميركية بالاساس في موضوع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وانه في حين ترى وزارة الخارجية ان عرفات اتخذ عدة خطوات جدية في سبيل الاصلاح، وانه يجب دعمه وتشجيعه على الاستمرار في ذلك، فان بقية مفاتيح السلطة الاميركية، بمن في ذلك الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني، ووزير دفاعه، دونالد رامسفيلد، ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس، وهم الاكثرية، يميلون الى الموقف الاسرائيلي الذي يقول ان لا جدوى من عرفات، وان عليه ان يخلي مكانه، لأنه ليس معنيا بالاصلاحات، وكل ما يفعله في هذا المضمار هو هامشي وسطي ويفعله وهو يشعر انه مضطر الى ذلك.

وحسب وزير الخارجية الاسرائيلي، شيمعون بيريس، فان الجهود الحالية منصبة على توحيد الاجهزة الامنية في جهاز واحد وتوحيد الاجهزة المالية وجميع الصناديق والاموال في جهاز واحد تحت قيادة سياسية وأساليب عمل وصرف شفافة. واشاد بيريس بقرار الرئيس عرفات اصدار مرسوم يقضي باستقلالية الجهاز القضائي، وقال «لكننا نريد ان تكون تلك قرارات برلمانية وليس بمراسيم رئاسية. فمن يصدر مرسوما كهذا يستطيع اصدار مرسوم آخر يلغيه».

وكانت اسرائيل قد ابلغت الولايات المتحدة انها لا توافق على اية مفاوضات مع الفلسطينيين قبل ان تنفذ الاصلاحات، وان تتوقف العمليات تماما.

وذكرت مصادر فلسطينية ان الجهود المصرية تنصب حاليا في اتجاهين; الاول: المساهمة في بناء جهاز أمن فلسطيني موحد، والثاني: وضع حد للقيود الاسرائيلية على تحركات الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والحصول على تعهد شخصي من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بأن لا يمنع عودته الى الوطن في حال مغادرته.

وتجدر الاشارة الى ان اسرائيل نفت ما جاء في صحيفة «الشرق» القطرية امس، من ان هناك اتفاقا توصل اليه المصريون والاسرائيليون يقضي باطلاق سراح الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام من السجن المصري، مقابل اطلاق سراح البحارة المصريين الذين اعتقلوا على متن سفينة السلاح «كارين ايه» ومقابل السماح لعرفات بالمغادرة والعودة من دون اعتراض اسرائيلي، ولكن لفترة محدودة.

من جهة أخرى بحث الرئيس المصري حسني مبارك مع وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر سبل التحرك نحو مفاوضات جادة لتسوية قضية الشرق الاوسط على ضوء التطورات الجارية في الاراضي الفلسطينية ونتائج الاتصالات التي تمت خلال الايام الماضية بين القاهرة والاطراف المعنية بالمنطقة وكذلك الزيارة المقبلة للرئيس مبارك الى واشنطن يوم 5 يونيو (حزيران) الجاري.

وقال وزير الخارجية المصري احمد ماهر الذي حضر اللقاء للصحافيين ان الوزير الالماني ناقش أيضا مع الرئيس مبارك الاقتراح المطروح بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، وقال اننا أكدنا على أهمية الاعداد الجيد للمؤتمر بحيث يتضح الهدف والغرض منه والأسس التي سينعقد عليها ووجدنا اتفاقا في الرأي من الجانب الالماني حول هذا الموضوع.

وجاء ذلك بينما اجرى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس ولمدة حوالي ساعتين في رام الله جولة مباحثات مع رئيس جهاز المخابرات المصرية عمر سليمان.

ولم يصدر في ختام اللقاء اي بيان، لكن رئيس جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة محمد دحلان اعلن للصحافيين ان المحادثات تناولت مواضيع اصلاح السلطة الفلسطينية وقضايا امنية.

ولفت دحلان الى ان هذا اللقاء يأتي قبل زيارة الرئيس المصري حسني مبارك الى الولايات المتحدة حيث سيجري في كامب ديفيد محادثات مع الرئيس الاميركي جورج بوش في السابع والثامن من يونيو.

من جانبه قال الدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري الذي اجرى مباحثات في اسرائيل اول من امس انه طلب من القادة الاسرائيليين وقف المطالبة باستبدال سلطة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات باخرى.

وفي مقابلة مع القناة الاولى العامة للتلفزيون المصري قال الباز «اوضحنا لهم بكل جلاء انه ليس من حقهم ان يتحدثوا عن القيادة الفلسطينية، وهل هي قيادة مؤهلة وقيادة قادرة ويوثق بها ام لا، لان هذه مسألة متروكة للشعب الفلسطيني».

واضاف «وقلنا لهم ان من الممكن جدا ان تقول دول عربية كثيرة ان القيادة الاسرائيلية الحالية غير جادة في عملية السلام وعلينا ان ننتظر الى ان تتغير هذه القيادة» موضحا «ذكرنا لهم هذا واعتقد انهم اقتنعوا في النهاية بان ليس هناك بديل».

واعلن الباز انه نقل لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون رسالة من الرئيس مبارك مفادها انه «لا بد من التحرك على المسار السياسي وطبقا للمرجعية المقررة وليس مرجعية جديدة تعكس الامر الواقع».

واضاف «المهم ان يكون هناك تحرك دولي وليس فلسطينيا اسرائيليا فقط» واكد «ان الانطباع العام الذي خرجت به من لقاءات المسؤولين الاسرائيليين انهم استوعبوا هذه النقطة وانهم يدركون انه لا يمكن التعامل مع الموقف بالسلاح فقط ولا بد من اعطاء امل من خلال عملية سياسية حقيقية وليست وهمية او شكلية».

وقال الباز «الان ادركوا ان الآلة العسكرية وحدها لن تحل المشكلة وان اسرائيل لا تزال معرضة للاختراق».

واكد الباز «ان اي عملية عسكرية (اسرائيلية) في غزة يصبح الحديث بعدها عن مؤتمر دولي هباء وهم لن يستطيعوا اجتثاث المقاومة» وقال «هذا مستحيل ان يحصل».

وخلص الباز الى القول ان المحادثات التي سيجريها الرئيس المصري مع نظيره الاميركي جورج بوش في كامب ديفيد في 7 و8 من الشهر الجاري، «تهدف الى الاتفاق على الاساس الذي سيقوم عليه المجهود الدولي» خلال مؤتمر السلام حول الشرق الاوسط الذي قد يعقد هذا الصيف وضرورة تحديد «جدول زمني يستهدف التوصل الى تسوية على المسارات المختلفة» الفلسطينية والسورية.

من جانبه أكد وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر ان الفرصة مهيأة الآن للتحرك نحو مفاوضات جادة، وانه يتعين الاعداد لكافة الأفكار والمقترحات المطروحة حاليا، وانه يتعين أيضا ألا تفوتنا الفرصة من وراء الدفعة الحالية من أجل تحقيق انفراجة والعودة الى المفاوضات بهدف وقف العنف والإرهاب والتحرك قدما لتحقيق رؤية الرئيس الاميركي جورج بوش لتحقيق اقامة الدولة الفلسطينية الى جانب الدولة الاسرائيلية جنبا الى جنب في سلام.

كما أعرب الوزير الالماني عن تقديره للأفكار التي يطرحها الجانب المصري، مشيرا الى انه تبادل مع الرئيس مبارك وجهات النظر، معربا عن أمله في أن تكلل زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة بالنجاح بوصف ذلك أمرا مهما.

وأضاف «اننا نتطلع الى زيارة مدير المخابرات المركزية الاميركية جورج تينيت للمنطقة»، مؤكدا ضرورة نجاحها الذي «اعتقد انه يتوقف على الجانبين بهدف تحسين الوضع ومساعدة الطرفين في تحقيق انفراجة باتجاه تسوية سياسية».

وحول الضمانات المطلوبة لتنفيذ اسرائيل ما يتم التوصل إليه من اتفاقات، قال الوزير الالماني: اعتقد ان ضمانات التنفيذ مهمة للغاية من كلا الجانبين واعتقد ان المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة تساندها مصر والاتحاد الاوروبي وباقي الدول الغربية الأخرى المعتدلة وروسيا، يتعين ان يلعب دورا أكثر نشاطا عن الذي شهدته فترة اوسلو، غير انه أشار الى أن مسألة الضمانات ليست في أيدي المجتمع الدولي، وبالتالي فانه يتعين علينا ان تتضافر جهودنا، مشيرا الى أهمية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس مبارك الى واشنطن هذا الاسبوع نظرا لما يمكن ان تساهم به في توثيق التعاون بين أطراف المجتمع الدولي.

وردا على سؤال للوزير احمد ماهر عما اذا تمت مناقشة موعد انعقاد المؤتمر الدولي للسلام الذي يتردد انه سيكون في يوليو (تموز) المقبل، قال «اننا نعتقد ان المؤتمر الدولي يجب ان يتم الاعداد له بصورة جيدة وفترة كافية كما يجب ان نتفق على الأسس التي يتعين بموجبها انعقاد مثل هذا المؤتمر، وكذلك انطلاقا من المقررات الشرعية الدولية الصادرة ابتداء من القرار رقم 242 ومبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرات الأخرى».

وردا على سؤال حول ما اذا كان يتعين وجود مراقبين دوليين للتحقق من تنفيذ أي نتائج يتم التوصل إليها، قال فيشر «انني لا أرغب في الحديث بالتفصيل حول هذا الموضوع في الوقت الحالي، غير انني أرى ان وضع ضمانات وسبل تنفيذ للاتفاقات يعد أمرا مهما لاننا نرغب في تحقيق تقدم على أرض الواقع».