«الجهاد الإسلامي» تعلن مسؤوليتها عن مقتل 17 إسرائيليا جلهم من الجنود وجرح 50 آخرين في عملية تفجير جديدة قرب سجن مجدو

منفذ العملية يلازم الحافلة ويفجر سيارته المفخخة عند خزان الوقود لإلحاق أكبر عدد ممكن من الإصابات

TT

اعلنت «سرايا القدس» ـ الجناح العسكري للجهاد الاسلامي في فلسطين، مسؤوليتها عن عملية مفرق مجدو في وادي عارة الذي يقع الى شمال غرب مدينة جنين في شمال الضفة الغربية والتي اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 17 اسرائيليا وجرح حوالي 50 اخرين جلهم من الجنود النظاميين. واعترفت اسرائيل بحقيقة ان معظم القتلى من الجنود بقولها ان الجنود كانوا في طريقهم الى قواعدهم عند وقوع الانفجار. لذلك جاء الرد الانتقامي الاسرائيلي سريعا، اذ عادت قوات الاحتلال بدباباتها وطائراتها الى جنين ومخيمها بعد ساعات فقط من وقوع العملية.

وقالت الحركة في بيان لها صدر في بيروت ان العملية «تأتي ردا على جرائم العدو الصهيوني بحق شعبنا وانتقاما لشهداء نابلس وجنين الابطال وقيادات ورموز المقاومة الذين كان آخرهم القائد جهاد احمد جبريل الذي اغتاله الموساد الصهيوني بتفجير سيارته في بيروت».

وجاءت العملية التي اربكت الاجهزة الامنية الاسرائيلية في الذكرى الـ35 لنسكة يونيو (حزيران) 1967 التي اسفرت عن احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وصحراء سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية. وتعهدت الجهاد الاسلامي في هذه الذكرى «بمواصلة هدم سور شارون الواقي». وتعهدت بالمزيد من العمليات التي تحرم «الكيان الصهيوني» نعمة «الامن والاستقرار طالما بقي الاحتلال لارضنا فلسطين».

وعلى غير عادة الفصائل الفلسطينية التي تنفذ عمليات من هذا النوع، لم تعلن سرايا القدس اسم الفدائي الذي فجر نفسه وذلك لاسباب امنية على حد ما جاء في البيان. وتتخوف الجهاد من عمل انتقامي اسرائيلي ضد اسرته، لكنها اكدت انه من منطقة جنين التي تعرضت لاعنف ضربة عسكرية اسرائيلية في اطار حملة ما يسمى بـ«السور الواقي» التي كان من اهدافها المعلنة «قطع دابر الارهاب» على حد قول الاسرائيليين.

وعمدت قوات الاحتلال في الاشهر القليلة الماضية على هدم منازل الفدائيين الذين يفجرون انفسهم، او منازل اسرهم في محاولة لردع غيرهم عن القيام بعمليات جديدة.

وانتهزت الجهاد الاسلامي مناسبة العملية لتعلن على لسان امينها العام الدكتور رمضان عبد الله شلح في مقابلة تلفزيونية، استعدادها لوقف العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين اذا ما توقفت اسرائيل عن قتل المدنيين الفلسطينيين. وكان الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة حماس، قد اعلن الشيء ذاته الاسبوع الماضي.

وادانت السلطة الفلسطينية العملية ونفت الادعاءات الاسرائيلية التي تحملها، لا سيما الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مسؤولة هذه العملية. واعلنت السلطة ان «لا صلة لها ولا علم لديها او لاي من اجهزتها بهذه العملية التي وقعت في توقيت متزامن مع مهمة جورج تينيت رئيس المخابرات الاميركية». وجاء في البيان أيضا الذي بثته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» ان «اتهام الحكومة الاسرائيلية للسلطة الوطنية وقيادتها عارٍ عن الصحة ولا يستند الى اي اساس». واشارت السلطة في بيانها الى «صدور بيانات في الخارج تعلن تبنيها لهذه العملية في نفس الوقت الذي اعلنت فيه السلطة، كما فعلت دائماً ومن منطلق مبدئي، ادانتها لكل العمليات التي تستهدف المدنيين الاسرائيليين والفلسطينيين». وحملت السلطة الفلسطينية اسرائيل وعملياتها العسكرية التي لم تتوقف ضد الفلسطينيين، مسؤولية هذه العملية وغيرها من العمليات. وطالبت بالانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية وتوقف عمليات التوغل اليومي في اراضي السلطة.

واتفق زعيم المعارضة الاسرائيلية عضو الكنيست يوسي سريد رئيس حزب ميرتس جزئيا مع موقف السلطة. فقال «المتهمون الرئيسيون في العمليات التفجيرية هم بالطبع الفلسطينيون، لكن حكومة إسرائيل مسؤولة أيضا عن المصابين. الحكومة لا تبادر بأي خطة سياسية وترفض كل مبادرة تقدم من قبل الآخرين. الحكومة تعيق اقامة جدار فاصل وإخلاء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة وترفض بشدة إرسال قوات دولية إلى حدود 1967، ولذلك فهي تلعب دورا في الوضع القائم اليوم». لكن الحكومة الاسرائيلية ربطت ما بين استمرار ما سمته بالارهاب وبين بقاء عرفات في قيادة السلطة. وقالت «طالما استمر عدم التغيير في القيادة الفلسطينية الحالية واستراتيجيتها، لن يتوقف الإرهاب». واعتبرت اسرائيل العملية التي يصفها المراقبون الاسرائيلون بانها الاكثر خطورة وتأثيرا منذ بضعة اشهر، بمثابة «تجسيد لمدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي ايه) جورج تينيت، حول وجوب إدخال تغييرات في قيادة السلطة الفلسطينية».

واحتفظت اسرائيل بحق الرد على العملية «وفق المقاييس المقررة» التي لم تكشف عنها. ولم يتأخر الرد كثيرا، فما ان انتهت من اجتماعها الامني المصغر حتى عادت قوات الاحتلال الى مدينة جنين المجاورة التي لم تغادر محيط المدينة اصلا منذ ما سمي بحملة «السور الواقي» الذي احتلت بموجبها كل مدن الضفة الغربية وارتكب فيها جرائم حرب، تساندها عشرات الدبابات وطائرات الهليكوبتر من طراز اباتشي الاميركية الصنع. وحسب المصادر الاسرائيلية فان قوات الاحتلال دخلت المدينة من 3 محاور.

وتعتبر الاجهزة الامنية الاسرائيلية منطقة جنين لا سيما مخيمها الذي يحمل اسمها معقلا من معاقل الحركات الاسلامية لا سيما الجهاد الاسلامي.

ووقعت العملية في الساعة السابعة والربع صباحا حسب التوقيت المحلي في حافلة رقم 830 التابعة لشركة ايجد التي كانت انطلقت من محطة الحافلات المركزية في تل ابيب في الساعة الـ 5.45 صباحا في طريقها الى طبريا. وحسب التقارير الاسرائيلية فان الفدائي كان يتعقب بسيارته المفخخة حافلة اخرى كانت اقل اكتظاظا لكنه قرر في النهاية تعقب هذه الحافلة التي كانت تكتظ فعلا بالركاب وجلهم من العسكريين. وانتظر حتى وصولها الى طريق نحال ارون في وادي عارة المتاخم لشمال الضفة الغربية وتحديدا عند مفترق مجدو حيث يقع سجن مجدو الذي يقبع فيه العديد من الاسرى الفلسطينيين، ويتجمع الجنود الاسرائيليون في طريقهم لقواعدهم، قبل ان يفجر نفسه.

وتتحدث الشرطة الاسرائيلية عن دوي انفجارين، وترجع ذلك الى انفجار السيارة التي كانت تحمل ما لا يقل عن 10 كيلوغرامات من المواد المتفجرة ثم انفجار خزان الوقود في الحافلة حيث اختار الفدائي ان يفجر السيارة قربه وذلك لالحاق اكبر عدد من الاصابات.

وتفيد تحقيقات الشرطة الاسرائيلية بان السيارة (نصف باص) من طراز «رينو كونغو» الفرنسية الصنع، اعلن سرقتها في فبراير (شباط) الماضي من مدينة اللد. وتحمل السيارة لوحة ارقام صفراء لسيارة مسروقة اخرى من مدينة بتاح تكفا التي شهدت قبل حوالي عشرة ايام عملية تفجير فدائية اسفرت عن مقتل 3 اسرائيليين وجرح اكثر من عشرين. وزعمت مصادر الشرطة الاسرائيلية ان الفدائي تسلل عبر الحدود فجر امس بسيارته من جنين التي لا تزال تخضع لحصار شديد.

ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن قائد شرطة المروج، اللواء دوف لوتسكي وصفه للعملية «وقعت عملية كبيرة جدا. هناك الكثير من المصابين. على ما يبدو كانت هناك كمية كبيرة من المتفجرات».

ويضيف الناطق بلسان شركة «إيجد»، رون ريطنير: «الحافلة التي وقع فيه الانفجار هي حافلة رقم 830، خرجت من المحطة المركزية في تل أبيب في طريقها الى طبريا عبر الخضيرة والعفولة والناصرة. كان من بين المسافرين العديد من الجنود».

ونسبت «يديعوت احرونوت» الى ضابط رفيع المستوى من الشرطة الإسرائيلية القول «اننا نعتقد بأن اختيار المكان لم يكن صدفة. موقع العملية قريب من سجن مجدو والسجناء الأمنيون يستطيعون رؤية ما يجري من غرف اعتقالهم. لقد اختاروا هذا المكان بالذات ليقولوا لزملائهم: نحن معكم. كما أن موعد تنفيذه اليوم ليس بالصدفة لأن هذا اليوم بدأت فيه حرب الأيام الستة عام 1967».

وقال شاهد عيان على العملية: «توقفت برفقة أبي عند الإشارة الضوئية في مركز المفترق. ورأينا حافلة تلتهمها النيران. وبعد ذلك سمعنا انفجارا قويا. توقفنا بسرعة وهرعنا إلى الباص لتقديم المساعدة للجرحى. شاهدنا عشرات الجرحى والعديد من الجثث الملقاة. خيم صمت رهيب في المكان. ووصلت على الفور قوات ضخمة من الشرطة والجيش».