أمين عام حزب «ميرتس» الإسرائيلي: المنطقة بحاجة إلى مسار سلام يفرض على شارون وعرفات معا

ساريد لـ«الشرق الأوسط»: قيام الدولة الفلسطينية يمثل الخطوة الأولى لتحقيق السلام

TT

قال يوسي ساريد أمين عام حزب «ميرتس» الإسرائيلي المعارض ان «إيقاف تدهور الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتوقف العنف والعمليات الإرهابية» يمكن أن يشكل منعطفا «دراماتيكيا» في الحياة السياسية داخل إسرائيل باتجاه اتخاذ الإسرائيليين قرارا حاسما وحالا، يؤيد «تيار السلام» داخل إسرائيل، ويدعم قيام تسوية سلمية مع الفلسطينيين.

وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أخيرا في الدار البيضاء على هامش مشاركته في مؤتمر الاشتراكية الدولية، انتقد ساريد ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية، وأرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال إن «الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي يواجهان مأساة»، كما انتقد استمرار وجود حزب العمل الاسرائيلي في حكومة شارون.

* ماذا حملت معك الى مؤتمر الاشتراكية الدولية في الدار البيضاء، من أجل السلام في الشرق الأوسط؟

ـ جئنا الى المغرب من أجل تبليغ رسالة سلام وتعايش وتفاهم، وقد تضمنت كلمتي في مؤتمر الاشتراكية الدولية اقتراحات عملية من أجل السلام، ونحن نأمل أن تستقبل رسالة السلام التي نحملها بنفس الروح الإيجابية التي أتينا بها.

* وما هي تحديدا مقترحاتك لتسوية الأزمة القائمة حاليا بين إسرائيل والفلسطينيين؟

ـ الأمر الأساسي الذي ننطلق منه هو تأكيد استقلال الدولة الفلسطينية وقيامها في أقرب وقت ممكن، وإذا لزم الأمر أن يكون ذلك بشكل فوري. وهذه الخطوة نعتبرها أولية من أجل تحقيق سلام حقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين.

* وما هو رأيك في مآل الأوضاع التي أدت إليها سياسة حكومة شارون؟

ـ أعتقد أن هنالك مشكلة من الطرفين، فالفلسطينيون ليسوا راضين عن قيادتهم المتمثلة في الرئيس ياسر عرفات، وفي الجانب الإسرائيلي ليسوا راضين عن رئيس الوزراء شارون، وهنالك غضب وتنديد بالطريق الذي يتوخاه شارون وعرفات، وهو طريق أدى الى الأوضاع الراهنة، إنها مأساة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني معا.

* وكيف تلقيت في المغرب ردود الفعل الرافضة لحضورك مؤتمر الاشتراكية الدولية؟

ـ أعتقد أن هنالك مجموعة صغيرة رافضة لحضورنا، وفي حقيقة الأمر استقبلنا في الدار البيضاء استقبالا رائعا ومضيافا، ونحن نأسف بأن يواجه المنظمون ومستضيفونا، وخصوصا الوزير الأول المغربي عبد الرحمن اليوسفي، صعوبات ومشاكل بسبب هذا الوضع. ولكنني أعترف له بكفاءته العالية في تلقي ردود الفعل بهدوء وبدرجة عالية من المسؤولية.

* لكن هناك من يعتقد، سواء في المغرب أو في دول عربية أخرى، أن تيار السلام في إسرائيل محدود التأثير في المجتمع وفي صنع السياسة الإسرائيلية، فكيف ترد على ذلك؟

ـ لا أبدا، إن تيار السلام في إسرائيل حيوي وله دور أساسي، ونعتقد أن دوره سيظهر بقوة أكثر عندما يستقر الوضع نسبيا وتتوقف العمليات الإرهابية والعنف، وتتوقف أعمال القتل. وفي غضون ذلك نحن وكل المؤمنين بالسلام في إسرائيل نعمل قدر الإمكان من أجل التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين.

* وكيف تفسر استمرار حزب العمل في حكومة شارون رغم الانتقادات التي وجهت له، بما فيها هنا في مؤتمر الاشتراكية الدولية؟

ـ هذا سؤال يجدر أن يوجه الى مسؤولي حزب العمل، ونحن لسنا في حكومة شارون بل نقف على رأس معارضيها. وقد رفضنا الانضمام للحكومة رغم الدعوة التي وجهت لنا، لأننا نرفض ردم الهوة بيننا وبين شارون، بل نسعى لمد الجسر من أجل المستقبل كممثلين لمعارضة وبديل للإسرائيليين في المستقبل. ونحن نعتقد أن مشاريع حزب العمل من أجل السلام ستكون دون قيمتها طالما استمر حزب العمل شريكا في حكومة شارون ويتحملون معه مسؤولية سياساته. ولذلك أدعو حزب العمل لمغادرة هذه الحكومة والإعداد لانتخابات جديدة.

* في حالة تنظيم انتخابات سابقة لأوانها في إسرائيل، فكيف ستكون حظوظ المعارضة وأنصار السلام؟ ـ كل شيء يتوقف على تطور الأمور في الواقع والميدان، وإذا أظهرت تطورات الأوضاع أن العنف والإرهاب يتوقف، فيمكنني أن أؤكد لكم أن تغييرا دراماتيكيا سيحصل في الحياة السياسية الإسرائيلية، وسيكون قرار الشعب الإسرائيلي حالا وقدر ما يستطيع، بتأييد تسوية سلمية مع الفلسطينيين، تتضمن إيقاف بناء المستوطنات وتفكيكها، وسيكون ذلك أمرا صعبا لكنه ضروري، وكذلك أمر تقاسم القدس كعاصمة. أما في ظل استمرار العنف والإرهاب بشكل يومي، فإن الوضع صعب جدا. وهذا ما يؤكد قولي بأن على الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية وياسر عرفات مسؤولية خاصة، فعليهم أن يقرروا أن يمضوا بشكل كامل وليس لنصف الطريق، وأن يتوقفوا عن لعبة الشد والجذب مع شارون، وأعتقد جازما أن هذه السياسة تؤدي الى إطالة أمد طريق إقامة الدولة الفلسطينية.

* وهل تعتقد أن المبادرات التي طرحت في مؤتمر الاشتراكية الدولية، يمكن أن تفضي الى خطوات عملية في سبيل السلام؟

ـ ان مؤتمر الاشتراكية الدولية منتدى مهم جدا لتقديم الأفكار والمبادرات من أجل السلام في الشرق الأوسط، واعتبر أن الوثيقة التي اعتمدها المؤتمر بشأن الوضع في الشرق الأوسط، وثيقة بناءة جدا ويمكنها أن تشكل عنصرا مساعدا لإقامة السلام، ولا سيما أن الوثيقة تؤكد بناء الدولة الفلسطينية كخطوة أولية للتسوية السلمية.

ونعتبر أن المنطقة بحاجة إلي مسار سلام يفرض على شارون وعرفات معا، وإيقاف دوامة العنف، ونحن نؤيد عقد مؤتمر دولي للسلام برعاية أميركية وأوروبية وروسية، والأمم المتحدة، وبمشاركة دول عربية مثل المغرب ومصر والأردن والسعودية التي قدمت في الآونة الأخيرة مبادرة يمكن أن تشكل أرضية للنقاش في مؤتمر السلام. وسيكون من الخطأ استبعاد حضور سورية لا سيما أن القضايا التي يبحثها مؤتمر السلام ستكون شاملة لأوضاع الشرق الأوسط بما فيها الوضع بين اسرائيل وسورية من جهة وبين اسرائيل ولبنان من جهة ثانية.

* وما هو رأيك في مسألة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة؟

ـ إن تطبيق مبدأ حق العودة للفلسطينيين، أمر غير مقبول إطلاقا، لأنه يعني انتحارا وطنيا. إن الفلسطينيين يسعون لإقامة دولتهم، ومن حق الشعب الإسرائيلي أن يسعى للحفاظ على دولته. وإسرائيل لا تعترف بما يسمى حق العودة على حساب كيان الدولة الإسرائيلية نفسها، ولا يوجد أحد في إسرائيل يريد أن يقبل بانتحار وطني، لأنه يؤدي في نهاية المطاف الى اغراق الدولة الإسرائيلية ديموغرافيا وتحويل الإسرائيليين الى أقلية داخل دولتهم. أما مسألة قبول إسرائيل تفكيك المستوطنات واقتسام القدس فهذا أمر يمكن أن يقبل ضمن تسوية سلمية.