السلطات الأميركية تعتبر «الكويتي» خالد شيخ الرأس المدبر لهجمات سبتمبر

الأميركيون تعرفوا على اسمه عام 1996 ولم يتأكدوا من أهميته إلا من سجناء «القاعدة» * الكويت تنفي انتماء شيخ إليها وتشير إلى أنه باكستاني أقام في أراضيها فترة

TT

يعتقد المسؤولون في اجهزة الاستخبارات الاميركية انهم تعرفوا على العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي، مشيرين الى انه كويتي المولد وكانت السلطات الاميركية امرت بالقبض عليه لدوره في مؤامرة سابقة لنسف عشرات الطائرات الأميركية فوق المحيط الهادئ عام .1995 وقال مسؤول في إدارة الرئيس جورج بوش «يبدو أنه هو»، في اشارة الى خالد شيخ محمد، أحد المساعدين المقربين من أسامة بن لادن. وأضاف المسؤول «نعتقد انه من المحتمل ان يكون قائد المجموعة. لدينا من الاسباب المقنعة انه هو صاحب فكرة خطف الطائرات الاربع، وانه ناقش خطتها مع بن لادن». واوضح المسؤول انه اطلع في الآونة الاخيرة على الدور المحتمل لخالد شيخ في الهجمات على مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع (البنتاغون) وقيل له ان المعلومات اتت من تحقيقات مع «العديد من الناس» بمن فيهم اعضاء «القاعدة» المحتجزين لدى الولايات المتحدة. واشار مسؤول اميركي آخر، إلى الشخص الذي ابلغ المحققين عن الدور المفترض لخالد شيخ، هو أبو زبيدة قيادي «القاعدة» المحتجز لدى الولايات المتحدة.

وأدلى المسؤولان اللذان طلبا عدم الكشف عن اسميهما، بهذه التصريحات، مشيرين الى ان التحقيقات ما تزال جارية، وأن خالد شيخ ما يزال طليقاً وربما مختفياً في مكان ما بأفغانستان أو باكستان.

ووصف مسؤول آخر، من مكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) ويشارك في التحقيقات بشأن أزمة سبتمبر، أن خالد شيخ «ربما يكون اكثر شخص مطلوبا» من بين ناشطي «القاعدة»، وربما أكثر من بن لادن وأيمن الظواهري، بسبب دوره العملي المباشر في عدد من الهجمات.

وكان هذا المسؤول في مكتب المباحث قد رفض، خلال مقابلة أجرتها معه «لوس انجليس تايمز» قبل مناقشة دور خالد شيخ في هجمات سبتمبر، الا انه اشار اليه بوصف هارباً اساسياً يظهر اسمه بوضوح في التحقيقات.

غير ان بعض المسؤولين قللوا من دور خالد شيخ، اذ قال مسؤول في أجهزة الاستخبارات ان خالد شيخ «واحد من الاشخاص الذين يعتقد انهم وراء هذه الهجمات، لكن من المبالغة القول انه العقل المدبر، وليس من الواضح بعد الدور الذي لعبه».

وخالد شيخ، الذي يعتقد أنه في السادسة والثلاثين او السابعة والثلاثين من العمر، كان واحدا من قائمة أخطر المطلوبين التي أعدتها إدارة بوش بعد 11 سبتمبر، وتضم 22 شخصا. ويرتبط اسمه كذلك بمؤامرة 1995 لنسف طائرات أميركية في المحيط الهادئ، كما يرتبط اسمه ايضاً بأبو زبيدة القائد العسكري في «القاعدة». والمعلومات التي كشف عنها اول من امس تعتبر ايضاً أول اشارة بان ابو زبيدة كان على علاقة مباشرة بهجمات سبتمبر. وكان قد القي القبض على ابو زبيدة في باكستان اواخر مارس (آذار) الماضي، ويجري التحقيق معه حالياً في مكان غير معلن.

وقال المسؤول في ادارة بوش ان تحديد ابو زبيدة لخالد شيخ كمنسق رئيسي لهجمات 11 سبتمبر تم خلال الشهرين الماضيين، مضيفاً أن السلطات الاميركية تمكنت من التأكد من عناصر هامة في قصته. واوضح المسؤول ان التأكد من هذه المعلومات بطريقة مستقلة امر هام للغاية لان السلطات كانت تتشكك كثيرا في المعلومات التي يقدمها ابو زبيدة، وهو ناشط ذكي ليس هناك من الاسباب التي تجعله فجأة يغير ولاءه ويقرر مساعدة الولايات المتحدة بهذه المعلومات. وتوقع المسؤول الاميركي ان يكون أبو زبيدة ربما ذكر اسم خالد شيخ كوسيلة لازعاج القوات الاميركية في افغانستان. وقال المسؤول بهذا الصدد «من المؤكد ان ابو زبيدة يقدم معلومات، واعتقد انه يعرف ان خالد شيخ طليق وعلى قيد الحياة، واننا لن نتمكن من القبض عليه. من يدري؟ كلها اساليب نفسيه في هذه المرحلة. لكنني على ثقة كبيرة بوجود مناقشات بين خالد شيخ وابو زبيدة حول ما اصبح في النهاية هجمات 11 سبتمبر».

وكانت السلطات تعتقد منذ فترة ان خالد شيخ لعب دورا هاما في تنظيم «القاعدة» وان منصبه يأتي بعد الظواهري ومحمد عاطف (ابو حفص المصري) الذي لقي حتفه في غارة اميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في كابل. وتعتقد السلطات ايضاً ان خالد شيخ شارك في الهجوم على السفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا عام .1998 وقال المسؤول الاميركي «النقطة هنا اننا نعرف خالد شيخ قبل احداث 11 سبتمبر، لكن لم يكن احد يعرف دوره وأهميته في المنظمة الى ان بدأت التحقيقات. كانت معلوماتنا عنه محدودة، ولكننا الآن نعرف انه لاعب في غاية الاهمية في التسلسل القيادي للقاعدة». واضاف المسؤول ان التحقيقات في دور خالد شيخ المزعوم تسير بسرعة. وتعتقد السلطات الاميركية ان خالد شيخ شارك في التخطيط للجوانب المالية لمؤامرة 11 سبتبمر، بالاضافة الى تنفيذها والاشراف عليها. ولان التحقيقات تؤدي الى الكشف عن معلومات «فهناك المزيد الذي يجب متابعته» حسبما أفاد المسؤول نفسه.

أما المسؤول الاميركي الثاني الذي اكد ان ابو زبيدة هو الذي تحدث عن خالد شيخ باعتباره المنسق الاساسي للهجمات، فقال ان المحققين في البنتاغون هم الذين حصلوا على المعلومات منه. لكن هذا المسؤول رفض الكشف عن مكان احتجاز ابو زبيدة او عن طبيعة المعلومات الاخرى التي تم تقديمها للبيت الابيض وإلى وزارتي العدل والخارجية.

وقد ظلت السلطات الاميركية لسنوات تجري بهدوء تحقيقات حول دور خالد شيخ في المؤامرة التي اعدت في الفلبين بهدف نسف طائرات أميركية متجهة من جنوب شرق آسيا الى الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) .1995 وكانت السلطات الاميركية والآسيوية قد كشفت عن تلك المؤامرة بعد حريق شب في شقة خالد شيخ في مانيلا. ونسق تلك المؤامرة رمزي يوسف المشتبه في انتمائه لـ«القاعدة»، والذي أدين فيما بعد وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بدون احتمال العفو. كما شارك يوسف ايضا في مؤامرة عام 1995 لاستخدام طائرة صغيرة والاصطدام بها بمقر وكالة الاستخبارات المركزية «سي. آي. ايه».

وعندما كشفت السلطات الاميركية عن «قائمة اخطر المطلوبين» في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، وصفت خالد شيخ بأنه «مسلح وخطر»، مشيرة الى انه يحمل عدة اسماء من بينها اشرف رفعت ونبيه حنين وخالد عبد الودود وسالم علي وفهد بن عبد الله بن خالد.

ووصف مساعد وزير العدل الاميركي مايكل تشيرتوف الذي يرأس التحقيقات في احداث 11 سبتمبر، خالد شيخ، آنذاك، بأنه هارب «من احدى المؤامرات التي لم تنفذ».

وفي حين افاد المسؤولون الاميركيون ان خالد شيخ، كويتي المولد، فان السلطات الكويتية اكدت أمس ان هذا الرجل «ليس كويتيا، وإنما هو باكستاني من مواليد الكويت». وقال مصدر موثوق بوزارة الخارجية رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» إن خالد شيخ «ليس كويتيا وإنما باكستاني من مواليد الكويت»، مشيراً الى أن هناك لبسا غالبا ما يقع في الدوائر الرسمية بالخارج حول جنسية من يولدون بالكويت بسبب اختلاف القوانين، حيث لا تمنح الكويت جنسيتها لمن يولد على أرضها، كما يحدث في بعض الدول الغربية. وأشار المصدر الى أن الكويت سبق وأعلنت في سبتمبر الماضي وبعد نشر اسم هذا الشخص، أنه ليس كويتيا. ونوه المصدر بأن وزارة الخارجية الكويتية أخطرت بذلك سفارتها في واشنطن لتصحيح المعلومات لدى المسؤولين الأميركيين.

لكن المصدر الكويتي رفض الادلاء بتفاصيل حول خالد شيخ او الفترة التي عاشها في الكويت، مكتفيا بالقول أن بيانات المعلومات المدنية الخاصة تؤكد أنه يحمل الجنسية الباكستانية وأنه ولد وعاش فترة من حياته في الكويت.

وبدوره، أكد الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح وزير الاعلام والمتحدث باسم الحكومة الكويتية أن خالد شيخ ليس كويتيا. وحسب الوزير ومصادر سياسية اخرى، فان خالد شيخ باكستاني، وربما كان واحداً من البدون. وذكر ناشط اصولي ان خالد شيخ يعتقد انه باكستاني الاصل، من البلوش، وانه غادر الكويت قبل عدة سنوات الى افغانستان. ومن جانبها، رفضت الناطقة الرسمية باسم السفارة الأميركية في الكويت التعليق على جنسية الشخص المعني، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنهم كسفارة ليست لديهم أي معلومات رسمية حول هذا الموضوع.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»