بوش ومبارك يختلفان حول عرفات والرئيس الأميركي لم يقبل فكرة الجدول الزمني لإعلان الدولة الفلسطينية

TT

رفض الرئيس الاميركي جورج بوش امس اهم عناصر الخطة المصرية التي اقترحها الرئيس حسني مبارك خلال مباحثاتهما على مدار يومين في كامب ديفيد وهي تحديد جدول زمني محدد نحو اعلان الدولة الفلسطينية، وظل على موقفه من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وقال بوش في مؤتمر صحافي مشترك مع مبارك في ختام مباحثاتهما انه غير مستعد لاقتراح جدول زمني لاقامة دولة فلسطينية.

واضاف «لسنا مستعدين لوضع تقويم زمني محدد، باستثناء حقيقة انه يتعين علينا ان نبدأ بسرعة قريبا حتى يتسنى لنا اغتنام الفرصة».

وفي حين قال الرئيس مبارك انه يجب اعطاء الرئيس الفلسطيني فرصة لاثبات ان كان سيلتزم ام لا، قال بوش ان مبارك لديه وجهة نظر جديرة بالاهتمام تجاه عرفات لكن هناك الكثير من المواهب بين الفلسطينيين ستظهر اذا أقمنا المؤسسات اللازمة لاقامة دولة.

ومضى يقول: «رئيس السلطة عرفات بقدر ما يعنيني الامر ليس هو القضية... القضية هي ان كان الشعب الفلسطيني يستطيع الحصول على مستقبل مفعم بالامل ام لا. اقول باستمرار انني محبط من قيادته. اعتقد انه يخذل الشعب الفلسطيني. ومن ثم فان تركيزي على الاصلاحات الضرورية لمساعدة الفلسطينيين».

وقال بوش «هاكم الجدول الزمني الذي افكر فيه.. نحن بحاجة لأن نبدأ على الفور في بناء المؤسسات الضرورية لنشوء دولة فلسطينية تمنح من ناحية الشعب الفلسطيني الامل وتقول من الناحية الاخرى للعالم بما في ذلك الجيران ان هناك فرصة للعيش في سلام وهزيمة الارهاب».

ومن المقرر ان يجتمع بوش يوم الاثنين مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي يعارض اقتراح مبارك.

وقال بوش ان المشاورات التي يجريها ستحدد الجوانب العملية بشأن الجدول الزمني.

واجرى بوش ومبارك ما وصفه الجانبان بأنه محادثات ودية. وقال الرئيس الاميركي انهما اتفقا على رؤية مشتركة لدولتين فلسطينية واسرائيلية تعيشان جنبا الى جنب في سلام وامن.

وشدد مبارك على ضرورة ان يواصل بوش وادارته القيام بدور فعال في عملية السلام في وقت تتدهور فيه الاوضاع في المنطقة.

ودعا مبارك الجانبين لاتخاذ اجراءات لبناء الثقة. واضاف انه يتعين على اسرائيل انهاء الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وسحب قواتها من الضفة الغربية ووقف الانشطة الاستيطانية.

ومضى يقول انه يتعين على الفلسطينيين القيام باعادة هيكلة تدعم الشفافية والثقة وتنفذ تعهد عرفات الحاسم بوقف العنف. من جهة اخري اعلن الرئيس المصري حسني مبارك انه من غير الواقعي توقع توقف العنف الفلسطيني ضد اسرائيل الى ان يبدأ تطبيق خطة تحظى بالدعم الأميركي، تؤدي الى انشاء دولة فلسطينية في وقت مبكر.

وقال مبارك في مقابلة صحافية مع «واشنطن بوست» اجريت في بلير هاوس مقر الضيافة الأميركي «صدقوني لن يتوقف العنف... لن يحدث. انتم تتعاملون مع بشر لا يستطيعون العمل، ودمرت مساكنهم. ماذا تتوقعون منهم؟ الطريقة الوحيدة لوقف ذلك هي منح الامل لهذا الشعب».

وقال مبارك انه يوافق على ضرورة اجراء اصلاحات في السلطة الفلسطينية، ولا سيما في قوات الأمن، لكي يتحقق السلام الحقيقي. واوضح «للمرة الاولى طلبنا من الفلسطينيين اجراء اصلاحات. ويجب تنفيذ ذلك سواء اعجبهم ذلك ام لا. هذا هو مطلب كل الدول في المنطقة... يجب ان تبدأ الاصلاحات بسرعة، وقد بدأت بالفعل».

واضاف اذا كان من المفروض الاستمرار في الاصلاحات «فيجب وجود بعض المرونة في الجانب الاسرائيلي بما في ذلك انسحاب القوات الاسرائيلية من الضفة الغربية». وقال ان الولايات المتحدة فقط بوزنها الثقيل تستطيع ضمان وجود الشروط لانشاء الدولة الفلسطينية التي قال بوش انه يؤيدها.

وبالرغم من ان مبارك قد اشار من قبل الى انه يعتقد ان موعد اعلان الدولة يجب ان يتحدد في اوائل العام المقبل، فانه قال بالامس ان الامر يرجع الى الفلسطينيين انفسهم. واوضح «ربما يقولون انهم على استعداد في خلال عام او في خلال عامين. ولكن دورنا والدور الاساسي للولايات المتحدة كلاعب اساسي، هو مساعدة الطرفين على استئناف المفاوضات وحل المشاكل... لانهاء العنف».

وكان المسؤولون في البيت الأبيض قد ذكروا ان بوش لم يقرر بعد قبول فكرة موعد نهائي واجندة مفاوضات تدافع عنها مصر والسعودية والأردن، او أي خطة على الاطلاق في ما عدا بيانه العام في الربيع الماضي. فقد طلب بوش في خطاب في 4 أبريل (نيسان) من القادة الفلسطينيين والعرب والاسرائيليين تحمل مسؤولية وقف العنف والعمل نحو ايجاد حل يؤدي في النهاية الى وجود دولتين متجاورتين فلسطينية واسرائيلية.

وقد اقترحت وزارة الخارجية الأميركية ان تؤيد الولايات المتحدة مفاوضات على مراحل تؤدي الى انشاء دولة خلال ثلاث سنوات، بالاضافة الى تطوير شامل لأجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية والعمل على انشاء المؤسسات ونشر الديمقراطية بحيث تؤدي الى ابعاد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. وهذه الخطة تلقى معارضة من البعض في البنتاغون ومكتب نائب الرئيس ديك تشيني.

وذكر المتحدث باسم البيت الأبيض آري فلايشر ان بوش «لم يتخذ قرارا بعد بخصوص ما اذا كان سيفعل أي شيء اكثر مما فعله حتى الآن. وسيقرر متى يريد ان يقرر. وهو لا يزال في مرحلة الاستماع وجمع الافكار».

وفي سؤال عما اذا كان بوش مهتما «بايصال صوته هناك» بعد شهور من الاستماع الى افكار زعماء الشرق الأوسط، قال فلايشر «العديد من هؤلاء القادة كانوا هنا من قبل ويعودون مرة اخرى، واعتقد انه دليل على اهتمام الناس بالحديث مع الرئيس».

واعرب مبارك في مقابلته عن تأييده لحرب الولايات المتحدة ضد الارهاب التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) على مركز التجارة العالمي والبنتاغون. وقال ان الولايات المتحدة «حققت تقدما جيدا» في عملياتها العسكرية ضد القاعدة في أفغانستان.

ولكنه قال ان مشاكل الشرق الأوسط، تخاطر «بخلق جيل جديد من الارهاب، يمكن ان ينتشر في كل مكان من العالم... ضد كل اصدقاء الولايات المتحدة». واستطرد مبارك قائلا «اخشى... ربما اكون مخطئا. ولكني اخشى... اذا لم نتوصل الى حل في الشرق الأوسط، فسنحارب نوعية جديدة من الارهاب».

وفي الوقت ذاته قال مبارك ان على بوش ان يقاوم دعوات البعض في ادارته بتوسيع الحرب ضد الارهاب بالهجوم على العراق. واضاف قائلا «ان نصيحتي الشخصية هي عدم فتح جبهتين في ذات الوقت. علينا ممارسة او بذل اقصى الجهود لحل المشكلة الفلسطينية، ولتهدئة الموقف، لاننا اذا لم يتحقق ذلك، فالاتجاه نحو العراق في غاية الخطورة. ان مهاجمة العراق ستؤدي الى نتائج سلبية للغاية بين الرأي العام في هذا المكان من العالم».

وقال مبارك انه غير مهتم بالدفاع عن شارون او عرفات، «انا ادافع عن السلام والاستقرار في المنطقة. وعرفات هو زعيم الفلسطينيين المنتخب ديمقراطيا، لا يمكن اخراجه من الصورة، يجب ان نعمل معه الآن، واجراء الاصلاحات في السلطة الفلسطينية، انه الرجل الذي يستطيع اتخاذ قرارات صعبة وتقديم تنازلات، اذا اعطيت له مساحة يمكنه التحرك فيها».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»