إسلام آباد: إسقاط طائرة التجسس الهندية درس لنيودلهي

مقتل عشرة في قصف حدودي وهون يتحدث عن قوة بريطانية لتخفيف التوتر في كشمير

TT

قالت باكستان امس ان اسقاط طائرة تجسس هندية بدون طيار فوق اراضيها اظهر تمسكها بالدفاع عن نفسها، واعربت عن املها ان تكون جارتها الهند قد تعلمت درسا. وجاء اسقاط الطائرة مساء اول من امس وسط جهود دبلوماسية اميركية لنزع فتيل التوتر بين الجارتين النوويتين اللتين تحشدان نحو مليون جندي على طول الحدود الفاصلة بينهما. وقال المتحدث العسكري الباكستاني الجنرال رشيد قرشي: «برهن اسقاط طائرة التجسس الهندية على اصرار باكستان على الدفاع عن كل شبر من اراضيها ومجالها الجوي، ونتعشم ان تكون الهند قد تعلمت درسا، وان توقف انتهاكها لاراضي باكستان ومجالها الجوي». واضاف: «ان المهانة التي تكبدتها الهند بفقدها طائرتها يتعين ان تبعث برسالة الى قيادتها مفادها ان القوات المسلحة الباكستانية لديها القدرة على الرد على اي عدوان قد تشنه الهند».

وكانت باكستان قد اعلنت امس ان طائرات سلاح الجو الباكستاني اسقطت طائرة هندية فوق اراضيها قبل منتصف ليل اول من امس قرب مدينة راجا جانج،جنوب مدينة لاهور عاصمة اقليم البنجاب.

وبدوره دعا وزير الخارجية الباكستاني عبد الستار عزيز الهند امس الى ضبط النفس بعد ان اسقطت بلاده طائرة التجسس الهندية. وقال قبل اجتماعه مع نظيره البنغالي مرشد خان: « لاتزال باكستان تمارس ضبط النفس والشعور بالمسؤولية لمنع تفاقم الموقف.. في موقف كهذا يتعين على الدول المسؤولة ممارسة اقصى درجات الحرص لضمان عدم وجود اي استفزاز قد يؤدي الى تصعيد الموقف».

كما قال الرئيس الباكستاني برويز مشرف في مقابلة مع صحيفة «ماليزياس نيو سترايتس تايمز الماليزية امس ان احتمال نشوب حرب مع الهند احتمال ضعيف، لكن قادة البلدين بحاجة الى الكثير من التعقل للعمل على اقرار السلام». واضاف: «لا احد ولا اي زعيم باكستاني بامكانه تجاهل النزاع في كشمير.. ان كل باكستاني معني بما يحصل في كشمير ونطالب باقرار الحق في كشمير».

وقال مشرف ايضا «ان ما نطالب به ليس من دون اساس وعلى العالم ان يفهم. الا ان الوسيلة الوحيدة لحل هذه المسالة تمر عبر تليين مواقف الطرفين». ويتنازع البلدان السيادة على منطقة كشمير الجبلية الواقعة بين البلدين منذ نحو نصف قرن.

وتلك هي اول طائرة تجسس تعلن باكستان اسقاطها منذ نشوب المواجهة الحالية بسبب هجوم على البرلمان الهندي في ديسمبر (كانون الاول) الماضي،انحت نيودلهي باللائمة فيه على مقاتلين اصوليين يتخذون من باكستان مقرا لهم ويحاربون الحكم الهندي في كشمير.

واعترفت الهند امس بان الطائرة فقدت بعد رحلة روتينية بالقرب من الحدود مع باكستان. وقال ار.كيه دينجار المتحدث باسم سلاح الجو الهندي: «في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة الماضي فقدنا الاتصال مع طائرة بدون طيار كانت في رحلة روتينية..والان يتعين النظر الى الامر برمته في اطار انه في الحالة الراهنة لنشر قوات مسلحة فان قيام طائرات بدون طيار بمهام في أي من الجانبين يعد من الامور الروتينية.. من الصعب القول ماذا حدث.. فقدنا طائرة بدون طيار لكن يصعب في هذه المرحلة القول ما هو السبب وكيف حدث ذلك».

وتتبادل قوات البلدين اطلاق النار بصفة روتينية عبر الحدود. وقتل عشرات الاشخاص في جانبي الحدود منذ تزايد التوتر في اواخر العام الماضي. وقال شهود عيان هنود انه يوجد ثلاثة جنود هنود بين عشرة اشخاص قتلوا امس في معركة وقصف نيران مكثف من جانبي الحدود الهندية والباكستانية التي يسودها التوتر.

وقال مسؤول بالجيش الهندي ان الجنود الثلاثة قتلوا بالرصاص عندما اعترضت القوات الهندية اشخاصا يشتبه في انهم مقاتلون اصوليون اثناء تسللهم الى كشمير الهندية من باكستان. واضاف: «ان المعركة التي تفجرت في منطقة بونش الواقعة على مسافة 150 كيلومترا شمال جامو العاصمة الشتوية لولاية جامو وكشمير استمرت حتى ساعة متأخرة من مساء امس». كما قالت الهند ان امرأة قتلت واصيب ثلاثة مدنيين اخرين بجروح نتيجة لاطلاق النار من جانب القوات الباكستانية في نفس المنطقة الحدودية. واضافت ان سكان القرى حوصروا في اطلاق كثيف للنيران بالقرب من بلدة ارنيا وعلى الجانب الآخر قال شهود عيان في مدينة سيالكوت الباكستانية ان ستة اشخاص قتلوا، منهم اربعة من اسرة واحدة، وان اربعة اشخاص جرحوا في الهجمات الهندية..

وعلى الصعيد السياسي قال وزير الدفاع البريطاني جيف هون امس: «ان ارسال قوات بريطانية للقيام بدوريات على حدود اقليم كشمير المتنازع عليه يمكن ان يساعد في نزع فتيل التوتر بين الهند وباكستان، لكن لا توجد اي خطط للقيام بذلك حتى الان».

واشارت مصادر بريطانية اخيرا الى ان الولايات المتحدة التي تعد لحملة دبلوماسية لتجنب نشوب حرب بين البلدين اللذين يملكان قدرات نووية ستقترح تشكيل قوة مراقبة بريطانية ـ اميركية خاصة بكشمير. وقال الوزير البريطاني ان بلاده ليست لديها اي خطط لارسال قوات لمراقبة خط السيطرة العسكري الفاصل الذي يقسم اقليم كشمير بين الهند وباكستان. واضاف: «لكن، وبشكل واضح، نبحث كافة البدائل، فاذا كان وجود عدد صغير جدا من القوات البريطانية والدولية يساعد الهند وباكستان على طول خط السيطرة لتخفيف التوتر فربما يكون هذا سبيلا للمضي قدما.. لكن ليست هناك خطط محددة لعمل ذلك في هذه المرحلة». واشار هون الى ان اتخاذ قرار بهذا الخصوص يرجع بشكل تام الى الهند وباكستان. وتابع: «ان قوله للبلدين هو انه لابد الا يتخذا خطوات يمكن ان تؤدي الى ذلك الرعب اللانهائي في اخر المطاف». وكان هون يشير بذلك الى الحرب النووية.

ويذكر ان صحيفة «الاندبندنت» اليومية البريطانية قد نقلت يوم الخميس الماضي عن مصادر عسكرية ودبلوماسية قولها ان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد سيقترح تشكيل قوة مراقبة بريطانية ـ اميركية اثناء زيارته للمنطقة في الايام المقبلة. واضافت: «ان 500 جندي يمكن ان يراقبوا الحدود المتنازع عليها من الجو باستخدام طائرات هليكوبتر».

وتقول الهند ان اصوليين مسلحين يتسللون الى الجزء الخاضع لسيطرتها في اقليم كشمير من الجزء الذي تسيطر عليه باكستان. لكن اسلام اباد رفضت اقتراحا هنديا بتنظيم دوريات هندية باكستانية مشتركة.

وفي اسلام اباد التقى مشرف امس مع ممثلي مؤتمر حرية كل الاحزاب من القطاع الباكستاني في كشمير. وذكر بيان رسمي ان مشرف «اكد لهم التزام باكستان بالتوصل الى تسوية من خلال التفاوض لنزاع كشمير الذي هو القضية الاساسية، والسبب الرئيسي للتوترات في جنوب اسيا». واضاف البيان: «ان ممثلي مؤتمر حرية كل الاحزاب اعربوا عن تقديرهم للخطوات التي اتخذها الرئيس وحكومته من اجل لفت انظار العالم الى نزاع كشمير».

وفي الوقت نفسه قال مسؤول بالسفارة الاميركية في الهند ان ريتشارد ارميتاج نائب وزير الخارجية الاميركي غادر نيودلهي متوجها الى استونيا امس في ختام جولة في المنطقة تهدف الى تجنب نشوب حرب بين الهند وباكستان. واضاف ان ارميتاج سيطلع رامسفيلد الذي يزور استونيا حاليا على نتائج جولته وذلك قبل سفر وزير الدفاع الى باكستان والهند.

واجرى ارميتاج مباحثات مع زعماء الهند منهم رئيس الوزراء اتال بيهاري فاجبايي امس الاول، وقال ان الرئيس مشرف ابلغه عزمه بذل قصارى جهده من اجل تفادي نشوب حرب مع الهند.