تقرير يحذر من مخاطر «الشحن التجاري» في طائرات الركاب.. ويقدم اقتراحات لتطوير الإجراءات ضد «الإرهاب المحتمل»

TT

نبه المفتش العام في وزارة النقل الأميركية، في احدى وثيقتين حصلت عليهما هذه الصحيفة، من سهولة التغلب على الإجراءات الأمنية السائدة حاليا في خزانات الحمولات داخل طائرات الركاب. وورد في اخرى صادرة عن «الإدارة الأمنية للنقل» ازديات مخاطر وضع قنبلة في الشحنات الجوية بسبب تركيز الحكومة الفيدرالية على تفتيش الركاب وحقائبهم.

وتصف الوثيقتان كيفية عمل نظام نقل الحمولات الجوية حاليا، وغياب اي إجراءات فحص للرزم، مع وجود فجوات كبيرة في المساعي الهادفة لالتزام العاملين في ميدان شحن البضائع بالإجراءات الامنية.

وكانت مسودة مقترحات المفتش العام قد اكملت في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكنها لم تقدم بعد للكونغرس. وتبع ذلك تقرير آخر صدر عن الإدارة الامنية للنقل في مارس (آذار) الماضي اقترحت فيه خططا طارئة لتحسين الوضع الامني. لكن كل هذه المقترحات لم توضع موضع التطبيق بعد، مع مساعي وزارة النقل المحمومة لتلبية نظام تفتيش الركاب والحقائب وفق التاريخ الذي ثبته الكونغرس.

من جانب آخر، حذر تقرير الإدارة الامنية للنقل من ان احتمال «تحول شحن البضائع جوا هدفا اساسيا للعمليات الإرهابية جد كبير على المدى القصير. فهناك احتمال بين 35% و65% من ان يبادر الإرهابيون لوضع قنبلة في خزان الحمولات، داخل طائرة ركاب».

وتحتاج الإدارة الامنية للنقل، حسب التقرير، إلى تحسين الإجراءات الامنية المتخذة لنقل الحمولات وتقليل احتمالات المخاطر، في اقرب وقت ممكن. ويكمن الحل الواضح لهذه المشكلة في إجراء الفحص اليدوي لكل الحمولات قبل دخولها المطار. لكن التقريرين يتفقان على ان ذلك سيكون جد مكلف ويستغرق وقتا طويلا. فحسب تقرير «الإدارة الامنية للنقل» سيكون ممكنا فتح 4% فقط من البضائع، يوميا، وفحصها بأجهزة كومبيوتر قبل اعادة تغليفها. ولذلك، حذرت الوثيقتان من ان اي تغييرات تؤدي إلى ارتفاع التكاليف او إطالة وقت الشحن، ستكون لها عواقب وخيمة على العمل التجاري في الولايات المتحدة.

يذكر ان معظم طائرات الركاب تنقل معها حمولات، جنبا إلى جنب، مع حقائب الركاب، في بطن الطائرة. وهذه السلع تتراوح بين رقائق الكومبيوتر المتناهية الصغر والبرّادات او صناديق الدجاج. وتبعا لإدارة الطيران الفيدرالية فهناك ما يقرب من 22% من البضائع في الولايات المتحدة التي نقلت بواسطة طائرات الركاب عام 2000. وتعتمد الخطوط الجوية ماليا على نقل البضائع، إذ انها تحقق ارباحا اعلى مما تحققه من الركاب، الذين يحتاجون إلى نفقات إضافية لتغطية احتياجات اساسية مثل التدفئة ووجبات الطعام الساخنة.

ويتطلب نقل البضائع عبر الجو مشاركة عدد كبير من العمال، يحتاجون إلى قدر معين من الرقابة. فالعامل الذي يقوم بالشحن ينقل الرزم إلى آخر وكيل شحن. وهذا يضع الرزم التي يتسلمها من عدد كبير من عمال الشحن داخل حاويات. ثم يستخدم وكيل الشحن ناقلات مملوكة له او مستأجرة لنقلها إلى طائرات النقل التجاري.

ويعتمد نظام الرقابة الحكومي على اسلوب الثقة بالعاملين في ميدان الشحن، الذين يكونون عادة ذوي سمعة جيدة. وقد تم استبعاد عدد كبير من وكالات الشحن غير المعروفة بعد احداث 11 سبتمبر. واخبر مفتش النقل العام، كينيث ميد، الكونغرس بأن هذه الخطوة «مهمة جدا»، لكنه حث الإدارة الامنية للنقل على الذهاب ابعد من ذلك.

وتكمن المشكلة في اتباع اسلوب «الشاحن المعروف»، استنادا على الثقة به، وهو يسمح عادة بنقل البضائع في نفس الطائرة مع الركاب، مع قليل من التفتيش عبر البصر للرزمة من الخارج للتأكد من عدم انشطارها او وجود تسرب منها. ويقول تقرير المفتش العام للنقل: «وجدنا ان اي إرهابي قادر على تجاوز اسلوب الشاحن المعروف بسهولة، في حالة شحنه لمتفجرات او مواد سريعة الاحتراق على طائرة تجارية بدون الحاجة لأن يكشف عن هويته او ان تكون هذه الحمولة موضع تفتيش دقيق».

من جانب آخر، وجد محققو الإدارة الامنية للنقل ان من السهل لأي شخص ان يتقمص اسم شاحن معروف. فعمليات الشحن تعتمد على وثيقتين للتوثق من صحة المعلومات. وكلا الوثيقتين يمكن تزويرها بسهولة. ومن اجل الالتفاف على آليات النظام، فإن كل ما يحتاجه المرء هو رقم تسجيل الشاحن الذي لا تحيطه السرية.

وكان مكتب المفتش العام للنقل قد اجرى تحقيقاته بين يناير ونوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي. وحسب نتائج تحرياته فقد اتضح ان اي إرهابي قادر على ان يصبح وكيل شحن مصادقا عليه حكوميا. ففي عام 2001 قام مكتب المفتش العام بطرح شركة مزيفة للشحن، ولم تحتج الا إلى 15 يوما للحصول على الوضع القانوني. وعلى ضوء كل ذلك، بدأت الوكالة الامنية للنقل مواجهة هذه المشكلة من خلال شراء نظام معلومات متطور يمكن التأكد بواسطته من وكلاء الشحن عبر فحص المعلومات المخزنة عنهم على الكومبيوتر. وقد شمل تقرير المفتش العام 14 اقتراحا لتحسين نظام الشحن بصورة عامة. وتتضمن هذه المقترحات تطوير طريقة تقيس مدى نجاح الإجراءات الامنية في ميدان شحن البضائع، وفرض رقابة مشددة على وكلاء الشحن. وقد وافقت الإدارة الامنية للنقل على كل هذه المقترحات. من جانب آخر، اقترح موظفو الإدارة الامنية للنقل الالتزام بمبدأ الفحص العشوائي للبضائع المحمولة في طائرات الركاب، باختيار 4% منها. وعلى ضوء ذلك، ستضع هذه الوكالة ما لا يقل عن 200 جهاز فحص تمتلك القدرة على تحري اي اثر للمتفجرات في المطارات المنتقاة لشحن البضائع. وقد تكون هذه الاجهزة مختلفة عن تلك التي تقوم بفحص حقائب الركاب.

كذلك اقترح تثبيت وحدات مخصصة لإجراء الفحوصات يبلغ عددها ما بين 10 و15 وحدة. وهذه الوحدات قادرة على التحرك من مطار إلى آخر، لجعل الإرهابيين عرضة للشكوك، إضافة إلى مراقبة سائقي الشاحنات الذين يقومون بحمل البضائع إلى المطارات. وعلى الإدارة الامنية للنقل ان تشتري فورا 100 ماكينة قادرة على التوثق من إجازات القيادة. ويجب ان تخزن هذه المعلومات في الكومبيوتر، كما يجب ان يعلن عن انتشار هذه الوحدات بشكل واسع.

ويتعين فحص هويات التعريف لوكلاء الشحن وعمالهم لكل حمولة جديدة والاحتفاظ بالمعلومات عنها في ملف لمدة 90 يوما. وتقترح هذه الوكالة ان يقوم الحمالون ووكلاء الشحن بتقديم قوائم بأسماء جميع الشاحنين لإدخالهم في نظام المعلومات الخاص بالحمولات.

وطالب موظفو الإدارة الامنية للنقل الاسراع بإجراءات التفتيش الامني. لكنهم متخوفون من ان يكون تشغيل 208 مفتشين (تمت الموافقة على ذلك مؤخرا) سيستغرق وقتا طويلا. وحتى يتحقق ذلك، فقد اقترح تعيين كوادر اخرى بشكل مؤقت من عمال عاطلين كانوا يعملون في الخطوط الجوية إلى طيارين فشلوا في اختبارات الطيران وذلك سعيا لتغير الوضع الحالي في مجال سلامة الركاب.

ويحث احد التقارير الصادرة عن الإدارة الامنية للنقل على بدء حملة فحص لوكلاء الشحن الذين كانوا قد خالفوا التعاليم الامنية في الماضي، إضافة إلى حملة اخرى تستهدف شاحنات البضائع. لكن هذه الوكالة، قررت عدم توسيع طاقم التفتيش على اساس وقتي. وبرر مدير الإدارة الامنية للنقل ذلك بأن الحاجة تكمن الآن في تدريب المفتشين وتشغيلهم بشكل ثابت في اسرع وقت ممكن. واشار إلى ان موقع التدريب في اوكلاهوما قادر على تدريب عشرين شخصا في وقت واحد.

وتم اختبار آلات الفحص على حمولات في منطقة لم تحدد داخل الولايات المتحدة، وبالتعاون مع إحدى الخطوط الجوية، تبعا لمدير الإدارة الامنية للنقل الذي تجنب إعطاء التفاصيل عن طبيعة الحمولات التي تم فحصها او مكان إجراء التجربة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»