قوات الاحتلال الإسرائيلي تحتل رام الله وتحاصر مقر عرفات وتتوغل في طولكرم

TT

لم يكتف رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، بالعمليات الحربية التي اصبحت تتم يوميا في معظم المناطق الفلسطينية من دون اي رد فعل دولي، بل حرص على ان يتم لقاءه، امس مع الرئيس الاميركي جورج بوش، في البيت الابيض، في نفس الوقت الذي كانت فيه قواته تحتل مدينة رام الله من جديد وتحاصر مقر الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، كما اقتحمت طولكرم وقرى وبلدات اخرى.

ومع ان الناطقين الاسرائيليين زعموا ان هذا الحصار مؤقت وجاء «فقط» لكي يمنعوا المطلوبين الفلسطينيين من استغلال «حصانة» مقر عرفات واللجوء اليه هربا من القوات المحتلة، الا ان وقوع اللقاء والحصار في آن واحد كان يراد به توجيه رسالة واضحة بأن شارون طليق في التعامل مع عرفات والسلطة الفلسطينية.

وكانت قوات الاحتلال تساندها 70 دبابة قد اجتاحت رام الله ومخيم الامعري في الثالثة من فجر امس من الشرق والجنوب والشمال، بحجة البحث عن مطلوبين. فطوقت المدينة من جميع الاتجاهات واعلنت حظر التجول التام عليها وفرضت حصارا عسكريا شديدا على مقر الرئاسة. وحاول عدد من رجال الامن الفلسطينيين اعتراض طريقهم، فجرى تبادل اطلاق الرصاص، مما اسفر عن مقتل فلسطيني واصابة عدد من المسلحين من الطرفين بينهم جنديان اسرائيليان.

وخلال حملة تفتيش شرسة لعدد من المنازل الفلسطينية في المدينة، وجرى خلالها الاعتداء على المواطنين وتخريب ممتلكاتهم، اعتقل حوالي 30 من عناصر الامن الفلسطيني، وادعى الناطق العسكري الاسرائيلي بأن هؤلاء هم بعض المطلوبين للمخابرات بسبب دورهم في العمليات الارهابية. وقال: يوجد بينهم قادة ميدانيون من مختلف التنظيمات الفلسطينية الذين يرسلون الانتحاريين لتفجير انفسهم داخل اسرائيل، وان اثنين منهم كانا جاهزين للانطلاق الى عمليتين انتحاريتين فوراً. ويشار الى ان الاثنين اللذين تتحدث عنهما اسرائيل هما فتاتان من مخيم الامعري.

وتحاصر قوات الاحتلال، حسب الدكتور منذر الشريف وكيل وزارة الصحة، مستشفى رام الله ومستشفى زايد.

من جهة ثانية اعلنت المخابرات الاسرائيلية انها اعتقلت الشابين رجاء عبد العال ويونس ابو عزّوم من قطاع غزة بعد ان كانت قد وصلت اليها معلومات عن انطلاقهما لتنفيذ عملية انتحارية ضخمة في محطة الباصات المركزية في بئر السبع، وقالت انها اعتقلت شخصا غزيا يحمل بطاقة الهوية الاسرائيلية ويعيش في مدينة رهط في النقب، بعد ان تزوج من احدى بناتها، وانه اعترف خلال التحقيق معه انه تجند لحركة «حماس» لينقل الشابين المذكورين الى بئر السبع. وهذا الشاب هو محمود ابو جذر (21 عاما)، احد المستفيدين من نظام جمع الشمل الذي ادارته السلطات الاسرائيلية منذ سنة 1993 (اثر توقيع اتفاقيات اوسلو) وبموجبه بلغ عدد الفلسطينيين من افراد العائلات المجموع شملها 100الف شخص.

وقال ناطق امني اسرائيلي ان هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الفلسطينيين المذكورين، الذين يحملون بطاقات هوية اسرائيلية ويعرضون انفسهم لخدمة التنظيمات الفلسطينية العسكرية. ولهذا، فان السلطات الاسرائيلية تنوي اعادة النظر في هذا النظام، وسحب البطاقات من الوف المواطنين، مما يعني تفكيك الوف العائلات وتمزيق صفوفها.

يذكر انه في ظل العمليات الحربية الاسرائيلية تحاول قوات الاحتلال دفع عملية بناء الجدار الفاصل ما بين اسرائيل والضفة الغربية. وقد اعلن المدير العام لوزارة الدفاع، عاموس يارون، ان قوات سلاح الهندسة والمقاولين الخصوصيين بدأوا في بناء هذا الجدار، وانه في المرحلة الاولى سيبنى مقطع يصل طوله الى 115 كيلومترا، ويمتد من قرية سالم في الشمال (مفرق مجدو) وحتى شارع عابر اسرائيل (قرب مدينة الطيرة)، وستبلغ تكاليفه 400 مليون شيكل ( 90 مليون دولار). وسينجز في فترة 6 ـ 12 شهرا. والمرحلة الثانية ستكمل المشروع حتى مدينة القدس، وسيصبح طول الجدار كله 450 كيلومترا، بتكلفة مليار شيكل (222 مليون دولار).

وقال يارون ان هذا الجدار لن يوقف عمليات التسلل الى اسرائيل وسرقة السيارات او تنفيذ العمليات الانتحارية، لكنه سيحد منها.

والجدار المذكور، فضلا عن احتوائه على تيار كهربائي، سيحاط بعدة مواقع مائية وترابية وأحزمة امنية ومناطق عسكرية مغلقة يحظر دخولها على غير سكانها. وستتم مصادرة الوف الدونمات من الاراضي الفلسطينية فوراً، على ان تجري مفاوضات مع اصحابها لتعويضهم في ما بعض.

وتجدر الاشارة الى ان الشرطة الاسرائيلية اعلنت امس، انه لم تعد هناك انذارات ساخنة لوقوع عمليات انتحارية داخل اسرائيل. ومع ذلك، فانها تواصل حالة الاستنفار والعمليات الحربية.

وفي محيط بيت لحم اعادت قوات الاحتلال السيطرة على قرية حوسان وشرعت في عمليات تمشيط بدعوى البحث عن مطلوبين. واقتحمت قوات الاحتلال فجر امس عزبة الطيب الواقعة شرق مدينة قلقيلية.

وفي ضاحية شويكة شمال مدينة طولكرم اعتقلت قوات الاحتلال ستة اشخاص بدعوى انهم مطلوبون للتحقيق. وفي قطاع غزة اعلنت حركة «حماس» ان احد كوادر «كتائب عز الدين القسام» ـ الجناح العسكري للحركة ويدعى سامي مصلح تعرض لعملية اغتيال عصر اول من امس عندما اطلق عليه قناص اسرائيلي النار من برج مراقبة في حاجز ايرز عندما كان يقف بالقرب من بلدة بيت حانون.

من ناحية ثانية اعلنت «كتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية» ـ الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيان لها مسؤوليتها عن مهاجمة قافلة سيارات للمستوطنين بالقرب من مستوطنة نفيه دكاليم غرب خان يونس في قطاع غزة. واعتبر البيان ان هذه العملية تأتي ردا على «جرائم وارهاب قوات الاحتلال واستباحتها للمدن والمخيمات والقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة».

وكان انفجار غامض، وقع في منزل قد هز مخيم جباليا للاجئين فجر امس. وذكرت مصادر فلسطينية ان اثنين وثلاثين شخصاً اصيبوا في الانفجار بينهم حالات خطرة في. وقال مصدر امني فلسطيني ان الانفجار دمر مبنى مكوناً من ثلاثة طوابق، مشدداً على انه تم فتح تحقيق في الحادث.