السعودية: مزيد من «الرقابة» على ميزانية الدولة ومطالبة المسؤولين بـ «الشفافية»

TT

أطلق مجلس الوزراء السعودي أمس برئاسة الامير عبد الله بن عبد العزيز نائب خادم الحرمين الشريفين قرارا في ما يتعلق بالرقابة على الحسابات الختامية للدولة ومنها ميزانيتها العامة ومطالبة المسؤولين بالشفافية التامة في تقاريرهم عن مخصصات اداراتهم وتجاوزاتها عن السقف المحدد لها، داعما في نفس الوقت الدور الذي تقوم به وزارة المالية وديوان المراقبة العامة في دورها (الرقابي)، خاصة أن الجهاز الاخير يعتبر جهازا مستقلا عن الاجهزة التنفيذية الاخرى لكي يؤدي دوره المناط به بـ (حيادية) و(كفاءة).

وجاء قرار مجلس الوزراء لدى اعتماده الحسابات الختامية للدولة في العامين الماليين 1416ـ1417 و1417ـ1418هـ، حيث طالب كل جهة حكومية بأن ترفق لوزارة المالية والاقتصاد الوطني من حسابها الختامي تقريرا مستقلا يتضمن المبالغ التي تم الالتزام بها بما لا يتفق مع مرسوم الميزانية العامة للدولة وغيره من الانظمة والتعليمات وما تم اتخاذه بشأنها تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء، مطالبا في نفس الوقت وزارة المالية والاقتصاد الوطني وديوان المراقبة العامة عند رفع الحساب الختامي للدولة وتقرير الديوان حيالها، بارفاق ملخص للتقارير المستقلة يتضمن التجاوزات ومدى تكرار حدوثها ومقدار التجاوز عن الاعتمادات.

وبدا واضحا من قرار مجلس الوزراء المتعلق أنه يتفق مع المبادئ العامة لميزانية الدولة التي تشدد في مرسومها الخاص بالنفقات على وجوب عدم تجاوز مخصصاتها. كما تلزم الميزانية بعدم استعمال المخصصات في غير ما خصص له أو اصدار أمر بالالتزام أو بالصرف بما يجاوز الاعتماد أو الالتزام بأي مصروف ليس له اعتماد في الميزانية. وتؤكد مراسيم الميزانية أيضا على أنه لا يجوز اصدار أي قرار أو ابرام أي عقد يكون من شأنهما أن يرتبا التزاما على سنة مالية مقبلة باستثناء العقود ذات التنفيذ المستمر أو التنفيذ الدوري كعقود الايجار والعمل والخدمات وتوريد الاعاشة والادوية والمستلزمات الطبية وعقود الخدمات الاستشارية التي يتكرر عادة رصد اعتمادات لها كل عام، إضافة الى عقود التوريد المعتمدة تكاليفها في الباب الثاني التي تتطلب التعاقد لاكثر من سنة على أن تكون قيمة العقد السنوية في حدود اعتمادات الميزانية ويتخذ من اعتماد السنة المالية الاولى مقياسا لتحديد قيمة العقد وأن لا يرتبط على المبلغ المعتمد له ولا ينقل منه، وعقود برامج التشغيل والصيانة وتنفيذ المشاريع شريطة أن يتم الالتزام في حدود التكاليف المعتمدة لكل برنامج أو مشروع. وتشدد الميزانية أيضا على الاجهزة الرقابية متابعة تطبيق ما تضمنه قرار مجلس الوزراء من نظام تأمين مشتريات الحكومة وتنفيذ مشاريعها وفي حالة وجود مبرر قوي بتجزئة المشتريات والاعمال يتم ذلك بعد التنسيق المسبق مع وزارة المالية والاقتصاد الوطني. وتلفت الميزانية النظر الى انه اذا ظهر خلال السنة المالية أن هناك مبالغ تم الالتزام بها خلال السنوات الماضية بما يجاوز الاعتماد المقرر تعين عرض الموضوع على مجلس الوزراء اذا كان التجاوز في الاعتمادات ناتجا عن تصرف غير مبرر، والا جاز لوزير المالية والاقتصاد الوطني الاذن بصرف تلك المبالغ من اعتمادات السنة المالية الحالية.

كما أن مرسوم مخصصات الميزانية يوضح أنه لا يجوز اطلاقا تعيين أو ترقية الموظفين والمستخدمين والعمال الا على الوظائف المعتمدة في هذه الميزانية وبالشروط والاوضاع المبينة في الانظمة واللوائح المعمول بها، موضحا في هذا الشأن أنه فيما عدا تعيين الوزراء لا يجوز خلال السنة المالية احداث وظائف أو مراتب جديدة خلاف ما هو معتمد بالميزانية باستثناء الوظائف التى تحدث وفقا للشروط التي تضمنها نظام الوظائف المؤقتة ولا يجوز رفع المراتب والرتب المعتمدة بالميزانية، كما يجوز تخفيض المراتب بقرار من وزير الخدمة المدنية بناء على توصية من لجنة مكونة من مندوبين من وزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة الخدمة المدنية والجهة ذات العلاقة.

وفي ما يتعلق بالدور الرقابي، فان مجلس الوزراء عاد ليؤكد الدور الرقابي لوزارة المالية وديوان المراقبة العامة. يشار في هذا الشأن الى أن ديوان المراقبة العام تلقى دعما قويا من القيادة السعودية، حينما طالب الامير عبد الله بن عبد العزيز المسؤولين فيه في آخر لقاء معهم (بأن يكون له دور فاعل في المهام التي يتولاها ضمن اختصاصاته وانظمته ولوائحه في المحافظة على موارد ومصروفات الدولة، على اعتبار أن الاجهزة الرقابية في العالم ينظر اليها نظرة شاملة بوصفها ركيزة مهمة من ركائز التخطيط السليم. على أن قرار مجلس الوزراء يشير الى نقطة هامة سبق ذكرها وهي المتعلقة بـ (الشفافية) في المعلومات التي تقدم الى الجهات المنفذة والرقابية، حيث أكد على ضرورة أن تكون هناك تقارير مستقلة مرفقة مع الحساب الختامي يتضمن تفاصيل عن تجاوزاتها ومدى تكرار حدوثها ومقدار تلك التجاوزات في الاعتمادات. ويعتبر هذا القرار بمثابة محطة جديدة في تدفق المعلومات الخاصة تطالب بها الدولة المسؤولين والادارات، خاصة أن هذه التقارير تطالب برصد دقيق، وهو الامر الذي يتفق أخيرا مع قرار سبق أن اصدره مجلس الوزراء قبل عامين القاضي بتفعيل دور الرقابة في جميع الادارات الحكومية لايقاف الهدر الاقتصادي. وشمل القرار حينها ضرورة ادراك المؤسسات الحكومية لكل محتوياتها وارصدتها واحداث جرد دقيق بها.