بوش: لا أحد يثق بالحكومة الفلسطينية الجديدة

شارون يضغط في واشنطن للحصول على ضوء أخضر لإكمال خطة التخلص من عرفات

TT

اعرب الرئيس الاميركي جورج بوش امس عن تحفظات شديدة على التعديل الحكومي الفلسطيني الاخير واعتبر ان «لا احد يثق بالحكومة الفلسطينية الجديدة».

وقال الرئيس الاميركي في تصريح صحافي ادلى به في ختام لقاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في البيت الابيض «لا احد يثق بالحكومة الفلسطينية الجديدة. ان الشرط الاول الضروري هو تمكن المؤسسات الفلسطينية من اشاعة الثقة مجددا بين الشعب الفلسطيني، واقناع الاسرائيليين بانهم يستطيعون اعتبارها شريكا في المفاوضات».

وفي غزة اعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات امس ان تصريحات بوش التي ابدى فيها تحفظات شديدة على التشكيلة الحكومية الفلسطينية الجديدة هي «مخيبة لآمال كل من يسعى للسلام في المنطقة».

واختتم الرئيس الأميركي جورج بوش سلسلة من الاجتماعات والمشاورات والمناقشات بدأت قبل بضعة أشهر مع زعماء وقادة عدد من دول المنطقة للبحث في أفضل السبل للتحرك قدماً نحو التوصل الى تسوية سلمية للصراع العربي ـ الاسرائيلي، باجتماع في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون بحثا خلاله الأفكار والمقترحات المطروحة وما اسفرت عنه المحادثات التي أجراها الرئيس بوش مع الرئيس المصري حسني مبارك يومي السبت والجمعة الماضيين.

ويهدف شارون من زيارته، وهي السادسة لواشنطن منذ توليه رئاسة الوزراء قبل عام تقريباً الى تأكيد وجهة نظر حكومته بخصوص سبل التحرك قدماً. والتي تتضمن وقف الهجمات الفلسطينية ضد الاسرائيليين قبل بدء أي مفاوضات، ثم عدم تحديد أي موعد لاعلان الدولة الفلسطينية، والاكتفاء بمفاوضات تؤدي الى اتفاق مرحلي يمتد لسنوات يصار بعده الى التفاوض نحو اتفاق نهائي، ثم التخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لأنه ـ على حد اعتقاد شارون ـ لا يوثق به ولا يمكن ان يتفاوض معه.

كما قام شارون بالتقليل من أهمية الحكومة الفلسطينية التي أعلنها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اول من امس، كخطوة على طريق اصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية وهو مطلب اميركي كرر الرئيس بوش مراراً انه لا بد من انجازه حتى تتوفر الأجواء اللازمة نحو التحرك قدماً.

وفي هذا السياق ذكرت مصادر في واشنطن قبل الاجتماع بين بوش وشارون ان الثاني سيضغط نحو اكمال خطته الرامية للتخلص من عرفات.

ويواصل شارون لقاءاته اليوم مع عدد من قادة مجلسي النواب والشيوخ في واشنطن وبعض حكام الولايات، من أجل تطوير الموقف الأميركي ضد الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، والامتناع عن طرح مبادرة سلام اميركية مفصلة ذات جدول زمني محدد.

ويستند شارون في محاولاته هذه على الاشارات المشجعة التي بثها الرئيس بوش وبعض مساعديه خصوصاً رفض المبادرة المصرية للاعلان عن دولة فلسطينية في مطلع السنة المقبلة والاستمرار في اطلاق التصريحات ضد عرفات واتهامه بأنه لا يعمل شيئاً من اجل مكافحة الارهاب. ولوحظ ان شارون صار يردد في واشنطن جمل وتصريحات كان اطلقها الرئيس بوش نفسه وبنفس الكلمات مثل: «عرفات قائد خيب آمال شعبه» و«هناك شخصيات قديرة في السلطة الفلسطينية وليسوا جميعاً عرفات» ويقتبس تصريحات يزعم ان زعماء عرباً قالوها ضد عرفات.

وعاد شارون خلال لقاءاته في واشنطن، امس وأول من امس، وكرر موقفه من انه لا مفاوضات سلام قبل ان «تتوقف أعمال العنف والارهاب» او «قبل ان تنفذ اصلاحات جدية وجذرية في السلطة الفلسطينية ونظام حكمها، وليس كما يجري اليوم، تغييرات سطحية وشكلية» والتأكيد ان «اسرائيل لن تدير مفاوضات سلام مع عرفات، لأنها فقدت أية ثقة به».

لكن شارون كشف حقيقة موقفه الرافض للمسيرة السلمية على أسس الشرعية الدولية حتى لو لم يكن عرفات موجوداً. إذ أعلن ان اسرائيل لن تنسحب الى حدود 1967 في أي حال من الأحوال وأن القدس ليست موضوع تفاوض بالنسبة له وانه حتى لو أزيح عرفات عن موقعه فان اسرائيل لن تتفاوض في هذه المرحلة على حل دائم، انما تريد حلاً مرحلياً طويل الأمد. ولم يعد شارون يخفي موقفه الرفضي ايضاً للمبادرة السعودية. ورفض مبادرة الرئيس المصري، حسني مبارك، لوقف العنف تماماً من الطرفين واعلان الدولة الفلسطينية بعد نصف سنة وبدء مفاوضات الحل الدائم لمدة سنتين.

وأعرب شارون عن رغبته في عقد لقاء قمة مع الرئيس المصري في أقرب وقت. وعندما رفض الرئيس مبارك اجراء لقاء كهذا في البيت الأبيض، وقال انه مستعد للقاء شارون بشرط حضور الرئيس عرفات والرئيس بوش، اقترح شارون ان يقوم بزيارة رسمية الى مصر ويلتقي مبارك هناك.

يذكر ان شارون التقى، حال وصوله الى واشنطن، مساء اول من امس مع مستشارة الأمن القومي في الولايات المتحدة، كوندوليزا رايس. ثم التقى نائب الرئيس ديك تشيني وعدداً من قادة التنظيمات اليهودية. وسيخصص شارون لقاءاته اليوم لعدد من قادة مجلسي النواب والشيوخ في الولايات المتحدة، ولعدد من المحللين الصحافيين والمعلقين السياسيين في وسائل الاعلام الأميركية. وفي الخامسة حسب توقيت غرينتش يغادر شارون. وقبل ان يصل الى اسرائيل، سيعرج على لندن للقاء سريع مع رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير.