شارون: عرفات لا يتمتع بحصانة

رئيس الوزراء الإسرائيلي يلتقي بتوني بلير في طريق عودته من واشنطن

TT

بدا رئيس الوزراء الاسرائيلي، آرييل شارون، مزهوّا لدى عودته الى تل ابيب في نهاية زيارته الى الولايات المتحدة، خصوصا بعد اللقاءات مع قادة الكونغرس الذين وعدوه بألا يتخلوا عن اسرائيل ولا يدخلوا في اي تناقض معها حتى لوى اضطروا للاصطدام مع البيت الابيض. وفاجأ شارون مرافقيه عندما تحدث عن قضية ترحيل الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، مع انه كان اصدر تعليمات بان لا يطرح هذا الموضوع. فقال: بالنسبة لي، عرفات لم يعد يتمتع بحصانة بشكل مفروغ منه. وقد ابلغت الرئيس الاميركي، جورج بوش، بذلك.

وعندما ادرك شارون انه ترك الانطباع بأنه تلقى ضوءا اخضر لطرد عرفات، ارسل احد مساعديه ليوضح انه لم يتوصل الى تفاهم مع الرئيس بوش بشأن التخلص من عرفات بل الى تفاهم يقضي بانه لن يشترط ابعاد عرفات لاستئناف المفاوضات. وقال انه وافق مع بوش على ان تبدأ الاصلاحات في نظام السلطة الفلسطينية بقيادة عرفات «فهذا يمكن اسرائيل من اعطاء رأيها في الموضوع بشكل حر، بينما تغيير القادة سيمنعها من اي تدخل، اذ سيقال لها: ها نحن غيرنا عرفات. فما الذي تريدونه بعد».

ولكن الناطق رفض ان يعيد اقوال شارون، التي كان ادلى بها قبل عدة اشهر، من ان اسرائيل لن تمس شخص عرفات. مما يؤكد انه بدأ يعد العدة ويمهد الاجواء للتخلص منه.

واكدت مصادر مقربة من شارون، امس، خلال عودته بالطائرة من واشنطن الى لندن حيث اجرى محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اقتنع بأقوال شارون بأن لا يطرح جدولا زمنيا لمسيرة اقامة الدولة الفلسطينية وان يكتفي بطرح مبادئ عامة. واعتبر ذلك مكسبه الاساسي من الزيارة، فضلا عن تعميق مواقف بوش المعادية لعرفات والمصرة على الاصلاحات وعلى وقف العمليات الفلسطينية كشرط لأي تقدم.

ولكن، من جهة اخرى، افاد مسؤول في وزارة الخارجية الاسرائيلية بان ردود الفعل في العالم العربي على تصريحات بوش وتلخيص زيارة شارون في واشنطن، كانت شديدة. ولقيت تعاطفا داخل الولايات المتحدة. وبرز بينها الموقف الاجماعي في السلطة الفلسطينية، حيث ادانوا التمييز الاميركي واعتبروه ضوءا اخضر من الرئيس بوش شخصياً لمواصلة العمليات الحربية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين. كما لعبت دوراً في هذا الاطار، حسب الخارجية الاسرائيلية، زيارة وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، الى واشنطن للقاء الرئيس بوش اليوم في البيت الابيض، ومحاولة التأثير عليه حتى لا يتراجع عن المبادئ الاساسية لخطة السلام الناجح والمقبول.

وقال هذا المسؤول ان ردود الفعل كانت حادة لدرجة اعلان البيت الابيض عن مشاورات خاصة لمواجهة الغضب العربي وسبل تليينه. وهذا بحد ذاته اقلق شارون فترك في واشنطن مدير مكتبه، فايس دوغلاس، وسكرتيره العسكري الجنرال موشيه كايلسنكي، لكي يحاولا ازالة اي اثر او تغيير يحققه الوزير السعودي في الموقف الاميركي المنحاز لاسرائيل.

وتجدر الاشارة الى ان شارون التقى قادة الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وعددا من كتاب المقالات والتعليقات في الصحافة الاميركية وخرج مرتاحا للغاية من التعاطف الذي سمعه منهم حول سياسته. اذ وجد تفهما كاملا للعمليات الحربية التي يقوم بها ضد الفلسطينيين بدعوى محاربة الارهاب وفي الموقف من الرئيس عرفات ومن الرئيس السوري، بشار الاسد، وقال انه شعر امامهم انه في جلسة المجلس الوزاري المصغر.

ومما تسرب من هذه اللقاءات ان بعضهم بدوا مترددين ازاء سياسة شارون وسألوه بالحاح عن سبب عدم طرح آفاق سياسية امام الفلسطينيين تبين ان اسرائيل معنية بالسلام. فرد عليهم شارون قائلا انه توجد لديه خطة سلام متكاملة تنطوي عن تنازلات مؤلمة جدا لصالح الفلسطينيين ولكنه يمتنع عن الافصاح عنها حتى لا تكون نقطة بداية تسجل عليه في المفاوضات المقبلة.

وكشف انه وافق على ارسال وفد اسرائيلي الى المفاوضات السرية التي اقترحتها عليه اليابان، من خلال لقاءات فلسطينية ـ اسرائيلية مباشرة. واضاف انه توجد هناك عدة لقاءات من هذا النوع تجري في اماكن اخرى. وان «الفلسطينيين في قرارة نفسهم يعرفون انني انا الوحيد القادر على التوصل معهم الى سلام».

لكن الفلسطينيين ينفون وجود مفاوضات. ويقولون ان هناك لقاءات تتم في اطار المؤتمرات الدولية التي يشارك فيها الطرفان، لكن اسرائيل لم تظهر اية نوايا جدية لاجراء مفاوضات. وتستغل تلك اللقاءات فقط لكي تزعم انها لم تترك مسار السلام.