انتخابات المتن: فكرة الدائرة الانتخابية الواحدة في لبنان عادت للواجهة

TT

وضعت الانتخابات الفرعية التي جرت في المتن الشمالي قبل اسبوعين ونيف لملء المقعد النيابي الارثوذكسي الذي شغر بوفاة النائب البير مخيبر الوضع السياسي اللبناني امام احتمالات شتى من حيث المضاعفات التي اثارتها والنتائج التي تمخضت عنها. فهي على المساحة الجغرافية التي جرت عليها ادت الى نشوء صراع سياسي حاد بين محورين بعدما كان قبلها «صراعا باردا» اذا جاز التعبير; الاول يضم رئيس الجمهورية اميل لحود ونائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر ونجليهما وزير الداخلية الياس المر والنائب اميل لحود وكل القوى والتيارات السياسية التي تؤيد هذا المحور.

اما المحور الثاني فيضم الرئيس الاسبق للجمهورية امين الجميل ونجله النائب بيار الجميل والنائب نسيب لحود وغالبية المنضوين تحت «لقاء قرنة شهوان» المعارض من متنيين وكسروانيين وجبيليين وشماليين، والبطريركية المارونية راعية هذا اللقاء منذ ان كان ولا تزال.

وتقول مصادر معنية ان هذا الصراع السياسي سيتخذ اشكالا مختلفة في المرحلة المقبلة، خصوصا اذا ظل المعارضون المسيحيون في «قرنة شهوان» وخارجها يتصرفون بعقلية «الانتصار» او بمنطق «الغالب والمغلوب» بعد النتائج التي اسفرت عنها انتخابات المتن التي شهدت معركتين; المعركة الانتخابية و«معركة النتائج» التي اعلن النائب ميشال المر ان كريمته ميرنا انسحبت منها، مما ادى الى فوز منافسها وهو عمها غبريال المر.

والبيان الذي اصدره «لقاء قرنة شهوان» اول من امس واقتصر في مضمونه السياسي على المطالبة بـ«اقالة» وزير الداخلية الياس المر واستقالة الحكومة برمتها اذا لم تعمل على اقالته لانه حسب «القرنة» ارتكب «مخالفات قانونية» في انتخابات المتن، اظهر ان اركان اللقاء يحضرون انفسهم لمعركة سياسية جديدة ضد رئيس الجمهورية تتخفى بالهجوم على الوزير المر ووالده النائب ميشال المر كونهما متحالفين مع العهد في نهجه السياسي وهما معه في خندق مشروع الدولة المتحالفة استراتيجيا مع سورية.

وعلم ان مضمون البيان لم يلق ارتياحا لدى اوساط رئيس الجمهورية الذي كان ابدى للنائب نسيب لحود، الذي زاره الاسبوع الماضي اثر انتهاء انتخابات المتن، استعداده للاجتماع بأركان «لقاء القرنة» والتحاور معهم، فسارع النائب لحود امس الى الاتصال برئيس الجمهورية ليشرح له حقيقة الموقف.

واثر هذا الاتصال وزعت «حركة التجدد الديمقراطي» التي يرأسها النائب لحود بيانا قالت فيه ان «النائب نسيب لحود اجرى صباح امس اتصالا هاتفيا برئيس الجمهورية اميل لحود واعلمه انه اطلع لقاء قرنة شهوان الذي انعقد مساء امس الثلاثاء (اول من امس) على مضمون لقائه مع الرئيس لحود، وخصوصا ما يتعلق باستئناف الحوار بين الرئيس لحود ولقاء قرنة شهوان. وابدى اعضاء اللقاء ترحيبهم بالامر».

وفيما ينتظر ان يكون الوضع في المتن الشمالي تحت المجهر السياسي في المرحلة المقبلة لمراقبة تحركات القوى السياسية العاملة على ساحته، فان معركة انتخابية جديدة بدأ التحضير لها منذ ان انتهت الانتخابات الفرعية. وهي تتعلق بالانتخابات البلدية والاختيارية التي ستجرى في كل لبنان، والمتن الشمالي من ضمنها، في عام 2004، حيث ستكون هذه الانتخابات بمثابة اختبار قوة لجميع القوى التي ستخوضها.

وكشفت مصادر وزارية ونيابية ان اتصالات وتحضيرات بدأت بعيدا عن الاضواء استعدادا لوضع قانون انتخابي جديد سيأخذ المعنيون بوضعه في الاعتبار التجربة التي مرت بها البلاد مع القانون الانتخابي الحالي وغيره من القوانين التي وضعت بعد التوصل لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ«اتفاق الطائف» وجرت على اساسها انتخابات عامي 1992 و1996. وكان تشكيل وزير العدل سمير الجسر اول من امس لجنة للبحث في موضوع نصوص لقانون انتخابي جديد اول الغيث في فتح هذا الملف مجددا.

وأكدت هذه المصادر ان فكرة اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع التأهيل للترشيح على اساس القضاء هي من الافكار الجديدة المطروحة لوضع انتخابي وفق هذه الفكرة. والتأهل على اساس القضاء يقضي بأن ينال كل مرشح 25 الى 30 في المائة من اصوات الناخبين في القضاء الذي ينتمي اليه حتى يحق له ترشيح نفسه على اساس لبنان الدائرة الانتخابية الواحدة.

واشارت المصادر الى انه في حال وضع القانون الانتخابي الجديد في الفترة المقبلة فان ذلك من شأنه ان يغير الكثير من المواقف السياسية هنا وهناك، لان اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة من شأنه في المبدأ ان يربط مصالح السياسيين بمصالح الوطن فيما القانون الحالي يربطها بمصالح المناطق التي ينتمون اليها فقط..