العاهل الأردني يحث أوروبا على التدخل نظرا لعدم قدرة الفلسطينيين والإسرائيليين على التوصل إلى حل

TT

تلقى أمس العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير جرى خلاله تبادل وجهات النظر حول آخر التطورات في المنطقة والوضع في الاراضي الفلسطينية والخطوات الواجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة، بما في ذلك عقد المؤتمر الدولي ضمن مرجعيات السلام المتفق عليها.

وقال بيان صحافي للديوان الملكي الاردني ان الملك عبد الله الثاني وبلير اكدا ضرورة الاسراع في التوصل الى حل سلمي خصوصا في ضوء اتساع دائرة العنف وخطورة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية.

من جهته حث العاهل الاردني في خطاب امام البرلمان الاوروبي أمس اوروبا على المساهمة في حل نزاع الشرق الاوسط بما تملكه من ارث تاريخي حافل بالقدرة على الخروج من نزاعات القرون.

وقال ان «تاريخكم الحافل في الخروج من نزاعات القرون يمكنه ان يوفر نموذجا لاولئك الواقعين في فخ دوامة العنف الراهنة وانتم تكتسبون الخبرة والمعرفة اللازمة لحل المشكلات عن طريق الحوار والتفاعل». وأضاف انه لم يعد في ضوء الاوضاع الراهنة بمقدور الفلسطينيين والاسرائيليين اتخاذ خطوات توصلهما الى تسوية نهائية مقبولة، مشددا على انه «يجب ان لا نسمح للعملية ان تصبح رهينة اهواء اولئك الذين يختارون اعاقة السلام».

وشبه العاهل الاردني هذه الحال بحال «ترك البطاقات الحمراء بين ايدي اللاعبين الذين يوقفون حتى افراد فريقهم من التقدم نحو الهدف». وقال انه في «خضم نداءات الانعزالية توصلتم للشراكة في اوروبا كلها وتجاوزتم حدودها، وليس من المبالغة في شيء اليوم القول بانه ليس لديكم شركاء اكثر اهمية من بلدان جنوب المتوسط. اننا نتشارك بوعد القرن الحادي والعشرين ونتشارك في مجازفاته ومخاطره ايضا والحاجة ملحة للتطور والعمل، فشرور الارهاب وتهديدات اسلحة الدمار الشامل واحتلال فلسطين مشكلات تؤثر فينا جميعا، لدينا خيار اذن اما التقدم معا للعثور على الحلول وتعزيز التطور وزيادة التفاهم وانهاء النزاع او السماح للاحداث والازمات بان تدركنا وتنتصر علينا».

وأضاف «واول التحديات امامنا هي المحافظة على تحصننا ضد اللامبالاة فعندما يخبو تأثير رعب الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) يصبح من السهل جدا العودة لاطلاق الاحكام العمومية والتصورات الخاطئة، دعونا نجدد تعهدنا بان لا نتيح للانتهازيين فرصة لاثارة حرب بين الحضارات، فيجب ان لا يسمح في الغرب او في العالم العربي بمعادلة الاسلام بالارهاب والاكثر من هذا علينا التأكد من ان شعوبنا تدرك وتتفهم قيمنا المشتركة والمنافع الهائلة لشراكتنا».

وقال ان أحد التحديات التي تواجه المجتمع الدولي هو «انهاء النزاع العربي الاسرائيلي، وانهاؤه الآن. فقد مرت خمسة وثلاثون عاما تحديدا على وضع خطوط وقف اطلاق نار حرب عام 1967 والتي تركت الضفة الغربية تحت هيمنة الاحتلال الاسرائيلي وسلبت حرية آلاف الفلسطينيين الابرياء منذ ذلك الحين كتبت عقود من المفاوضات سجلا مؤسفا على صفحات كتب التاريخ شهدنا تقدم خطوات للامام وشهدنا ايضا انجازات مهمة، لكننا لم ننعم بالسلام وفي الوقت ذاته ولدت اجيال من الطرفين في خضم النزاع ويزيد الوضع خطورة احباط الحرب والاحتلال والحرمان الاقتصادي».

وقال «ان هذا الجرح القبيح يمنع تقدم الشرق الاوسط ويشعل نيران التطرف في العالم كله. لقد آن الاوان لاحلال سلام جوهري يجد صداه لدى الفلسطينيين والاسرائيليين فالآن واكثر من اي وقت مضى تحتاج الشعوب لرؤية النتائج في امن حقيقي واستقلال فعلي ومستقبل وامل، ان تحقيق هذا يتطلب تركيزا على اهداف ومبادئ السلام وتخطيطا يرسم اطارا زمنيا معقولا لتحقيق تلك الاهداف».

وقال «اعتقد ان عناصر الحل متوفرة وفي مؤتمر القمة العربي الاخير في بيروت وضعت الدول العربية رؤية جديدة للسلام تعترف بوضوح بمصالح اسرائيل وفي الآن ذاته تلبي آمال الفلسطينيين والآمال بالعيش الحر من دون احتلال في دولة ذات سيادة تشمل حدود الضفة الغربية وغزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية، وتتميز هذه الرؤية العربية بتوازن قوي من خلال اتفاق سلام مع الدول العربية تحصل اسرائيل من خلالها على الامن الذي تتوخاه وعلى مطالبها بالحفاظ على هويتها وامنها والاعتراف الدولي والقبول العربي والمستقبل الأمن، وفي الآن ذاته تحصل الدول العربية على مطالبها الاساسية بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية كلها وضمان الاستقلال والحرية والكرامة والمساواة والامن للفلسطينيين وحل متفق عليه لمسألة اللاجئين».

وأوضح أنه من خلال هذه المبادرة يوجه العرب دعوتهم للمواطنين الاسرائيليين كجيران يستحقون العيش بكرامة وامن وسلام وليس بمقدور الحكومة الاسرائيلية تجاهل هذا العرض. وقال «اعتقد بكل تأكيد ان معظم الشعب الاسرائيلي يصغي، فعلى الرغم من الوضع الصعب يؤمن اكثر من نصف الشعب الاسرائيلي بان انهاء الاحتلال وتفكيك المستوطنات سيحقق السلام و57 في المائة من الاسرائيليين ردوا ايجابيا في استطلاع للرأي ازاء مبادرة السلام العربية، لكني على اي حال اعلم ان النجاح يحتاج لعمل دولي. والحقيقة هي انه في ضوء الاوضاع الراهنة لم يعد بمقدور الفلسطينيين والاسرائيليين اتخاذ خطوات توصلهما الى تسوية نهائية مقبولة ويجب ان لا نسمح للعملية بان تصبح رهينة اهواء اولئك الذين يختارون اعاقة السلام، فهذا مثل ترك البطاقات الحمراء بين ايدي اللاعبين الذين يوقفون حتى افراد فريقهم من التقدم نحو الهدف».