تعقيدات إجراءات التأشيرة والتهديدات وراء تراجع أعداد السعوديين الراغبين في السفر إلى أميركا

TT

رجحت مصادر في مكاتب السياحة والاستشارات التعليمية في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، ان تكون تعقيدات اجراءات التأشيرات والتهديدات الأخيرة التي تتعرض لها الولايات المتحدة، سببا قويا وراء عزوف السعوديين عن السفر اليها والدراسة فيها، وتوجههم الى دول اخرى أبرزها نيوزيلندا.

وقال ناصر الدوسري، المختص في مكتب مستقبل الأجيال (للاستشارات التعليمية) «إننا خلال الثماني سنوات الماضية، استقبلنا سنويا مئات الطلبات للتوجه الى الولايات المتحدة وبريطانيا، أما اليوم فقد تحولت أعداد من الراغبين في الدراسة في أميركا الى نيوزيلندا، نظرا للتسهيلات التي توفرها سلطاتها للطلاب والدارسين».

واضاف الدوسري ان أهم أسباب عزوف الطلاب عن الولايات المتحدة، هو طول إجراءات الحصول على التأشيرة، حيث كان يمكن نيلها قبل أحداث 11 سبتمبر (ايلول) في يوم أو يومين على الأكثر، وبعد الإحداث مباشرة أصبح الحصول عليها يستغرق 21 يوما، والآن تستغرق 45 يوما».

واوضح الدوسري ان التخوف من التهديدات الأخيرة التي تتعرض لها الولايات المتحدة ساهم بشكل كبير في تقليص الإقبال عليها لغرض الدراسة خاصة هذه الأيام.

وذكر الدوسري ان تكاليف الدراسة في نيوزيلندا لمدة شهر تقريبا تصل الى ستة آلاف ريال (الدولار يساوي 3.75 ريال)، يضاف اليها كلفة تذكرة الطائرة 5100 ريال، وهذا الرقم يقل أيضا عن ما يتوجب دفعه للدارسين في الولايات المتحدة، والذي يزيد عن 14 ألف ريال.

ومن جهته، قال مسؤول الدورات التعليمية في وكالة العمودي للطيران الدولي، ان وضع الولايات المتحدة في ذيل القائمة يعود الى تراجع الإقبال عليها بشكل واضح جدا، مشيرا الى انه توجد الان منافسة كبيرة بين استراليا،وكندا، وبريطانيا، ونيوزيلندا، وايرلندا، لاجتذاب الطلاب السعوديين.

وأوضح الدوسري أنها المرة الأولى التي تتغير فيها خارطة وجهة الطلاب السعوديين بخصوص التعليم الموسمي للغة الإنجليزية خارج البلاد، حيث أصبحت الولايات المتحدة في ذيل القائمة، بينما برزت نيوزيلندا كمنافس قوي لجذب الطلاب خلال صيف هذا العام، بالإضافة الى استراليا، مبرزا ان مستوى الإقبال على بريطانيا ظل ثابتا دون تغيير.

من جهته، بين ضياء عبده، المدير التجاري في السفارة النيوزيلندية في الرياض، ان الإقبال على الحصول على تأشيرة الدراسة في نيوزيلندا تزايد مقارنة بالصيف الماضي، وعزا ذلك الى ان مواطني دول مجلس التعاون الخليجي لا يحتاجون الى تأشيرات مسبقة، ويمكن في حال تجاوز الطالب أو السائح مدة ثلاثة اشهر المحددة للاقامة، مراجعة مكاتب الهجرة لإخطارهم بذلك دون تعقيد.

وأشار الى «ان اللكنة التي يتحدث بها سكان نيوزيلندا لديها جاذبية للطلاب السعوديين، نظرا لكونها تشكل اللغة الإنجليزية الأصلية، اضافة الى مميزات أسعار التدريس التي تقل عن 50 في المائة عن مثيلاتها في بقية الدول».

والمعروف انه في مثل هذا الوقت من كل عام تتزايد الطلبات على المكاتب المتخصصة في تنظيم الدورات المتعلقة بتعليم اللغة الإنجليزية، وهي مكاتب تقوم بالتعاقد مع الجامعات والمدارس الأجنبية، والعائلات التي تستضيف الطلبة خلال فترة تعلمهم اللغة.

وفيما تعاني المكاتب المتخصصة من منافسة وكالات الاسفار والسياحة، فان الكل يحاول جذب اكبر عدد من الطلاب سنويا خاصة في الصيف، من خلال التنافس حول مبلغ الرسوم الدراسية وتكاليف الكتب، والاستقبال والتوديع في المطار، والإقامة مع عائلات في غرف، وأخيرا الحصول على شهادة معتمدة في نهاية الدورة. وتتراوح أسعار الدورة بين 3 و6 آلاف ريال للشهر الواحد، دون تكاليف تذاكر السفر، ويختلف السعر حسب الدولة المراد السفر إليها، والمدينة، والمدرسة، وعدد الحصص الدراسية، ونوعية السكن.

وفي الشأن السياحي، ذكر ناصر الطيار، رئيس مجلس ادارة مجموعة الطيار للسفر والسياحة، ان طلبات السياحة الى الولايات المتحدة تراجعت بنسبة تصل الى 35 في المائة خلال هذا العام.

واوضح الطيار انه على الرغم من عدم وجود حجوزات على الرحلات المجدولة اساساً الى واشنطن ونيويورك، فانه لن تكون هناك زيادة في عدد الرحلات، خاصة ان الخطوط السعودية ألغت تسيير طائراتها الى محطة «اورلاندو» التي كانت تقوم بها بشكل موسمي خلال كل صيف، مشيرا الى انه على الرغم من الاجراءات التي بدأتها السفارة الاميركية بخصوص اصدار التأشيرة عبر وكالات السفر المعتمدة (منها مجموعة الطيار) الا انها تحتاج الى وقت طويل يمتد الى 40 يوماً بالنسبة للشباب الذين تتراوح اعمارهم ما بين 17 و40 عاما.

وأفاد ان التأخير ينجم ايضا بسبب وجود بعض الاخطاء في تعبئة الاستمارات التي تكون فيها اخطاء، مثل عدم تعديل مهنة المتقدم لطلب التأشيرة من «طالب» الى «موظف»، وانتهاء صلاحية الجواز.

وعزز رأي الطيار، ما قاله محمد العريضي صاحب وكالة الجزيرة للسياحة في جدة، بأن العزوف عن السفر الى الولايات اللمتحدة يأتي من جانبين اولهما: التأشيرات وتأخير صدورها، ورغبة البعض في الابتعاد عن الشد النفسي الذي يعيشه المجتمع الاميركي منذ احداث سبتمبر. وبين ان النسبة في التراجع غير محددة، لكن الطلب على اوروبا والدول العربية سيكون اعلى من السنوات الماضية.