رامسفيلد يتراجع عن تأكيده وجود مقاتلين من تنظيم «القاعدة» في كشمير بعد لقائه بمشرف والسلطات الهندية تعارض انتشار قوات أميركية على أراضي بلادها

TT

اسلام اباد ـ نيودلهي ـ وكالات الانباء: التقى وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف امس وقال ان لديه بعض الافكار لمحاولة تخفيف حد التوتر مع الهند بشأن كشمير. الا انه حتى قبل ان يلتقي مع مشرف اثار غضب باكستان بعدما قال في تصريحات وهو بالعاصمة الهندية نيودلهي اول من امس ان عناصر تنظيم القاعدة ينشطون في كشمير، مضيفا بعدا خطيرا جديدا للنزاع الناشب منذ عقود في الاقليم.

ورد عليه رشيد قرشي المتحدث الرئاسي الباكستاني بقوله: «ان تصريحات رامسفيلد غير صحيحة على الاطلاق.. لا اعرف من اين تستقي الولايات المتحدة تلك المعلومات.. يبدو انهم يصدقون الدعاية السياسية الهندية».

وتراجع رامسفيلد امس عن تصريحاته بعد لقائه بمشرف. وقال: «ان الولايات المتحدة ليس لديها ادلة على وجود افراد من تنظيم القاعدة في كشمير». الا انه ابدى ثقته في ان باكستان ستتعامل معهم في حالة عثورها على اي عضو بالتنظيم.

واضاف ان ما سمعه لم يكن سوى تقارير تعتمد على تكهنات اكثر من اعتمادها على ادلة دامغة. وقال ايضا: «في الحقيقة ليس لدي ولا لدى الولايات المتحدة دليل على وجود القاعدة في كشمير.. لدينا اخباريات كثيرة من اناس يقولون انهم يعتقدون ان افرادا من القاعدة يوجدون في كشمير او في عدة مواقع.. انها تعتمد على التكهن اكثر من اعتمادها ادلة مؤكدة». واشار الى ان «التعاون بين الولايات المتحدة وباكستان وثيق وحميم.. واذا حدث وتوفرت اي معلومات يمكن اتخاذ اجراءات بشأنها فيما يتعلق بوجود عناصر من القاعدة في اي مكان بالبلاد، فما من شك في ان باكستان ستحاول العثور عليهم والتعامل معهم».

واعطى المسؤولون الباكستانيون رامسفيلد الذي يعتبر باكستان حليفا للولايات المتحدة في حربها بافغانستان فكرة سريعة عن الاوضاع في افغانستان وكشمير. وقال للباكستانيين: «ان الارهاب يمثل خطرا شديدا على حكومتكم كما هو الحال بالنسبة للجميع في كل مكان».

وكان رامسفيلد قد بحث مع المسؤولين الهنود فكرة استخدام اجهزة الكترونية دقيقة لمراقبة محاولات نشطاء اصوليين التسلل عبر الحدود الى الهند. الا انه لم تتبلور اقتراحات متماسكة في هذا الشأن.

وبعد ساعات من وصول رامسفيلد الى اسلام اباد اعلنت الهند حدوث تراجع في عمليات التسلل عبر الحدود الى اراضيها. وقال عمر عبد الله وزير الدولة بوزارة الشؤون الخارجية الهندية امس انه تلقى تقارير تفيد تراجع محاولات التسلل عبر الحدود الى الهند. الا انه اضاف: «يتعين وقف الارهاب عبر الحدود وان يتم اغلاق معسكرات تدريب النشطاء في المنطقة الخاضعة لباكستان في كشمير قبل ان يكون من الممكن بدء حوار بين باكستان والهند». وتابع: «ما له اهمية قصوى هو ضرورة اغلاق المعسكرات على الارض، والتوقف عن تقديم الدعم المالي للارهابيين والانفصاليين النشطين في جامو وكشمير».

من ناحية اخرى اعلن رامسفيلد انه تم احراز بعض التقدم فيما يتعلق بتهدئة التوتر بين اسلام اباد ونيودلهي. لكن وزير الخارجية الباكستاني عبد الستار عزيز قال ان بلاده لا ترى انحسارا فعليا للخطر الذي تشعر به من جانب القوات الهندية المحتشدة عند الحدود.

واشار رامسفيلد ردا على عبد الستار الى ان الخطوات التي اتخذها الجانبان في الايام الاخيرة «ساهمت في الحد من التوتر بعض الشيء» رغم استمرار حالة التأهب القصوى. وأشار ايضا الى قرار الهند استدعاء سفن حربية كانت قد نشرتها قبالة السواحل الباكستانية وانهاءها حظرا على رحلات الطيران الباكستانية عبر اجوائها وتعيين سفير جديد في اسلام اباد.

فقال عبد الستار ان مشرف رحب بهذه الخطوات «رغم انها هامشية». واضاف: «ليس هناك اي تغيير في قدرات القوات الهندية المحتشدة عند حدودنا وعند خط المراقبة، ومن ثم ليس هناك انحسار فعلي للخطر».

وامس رفض نائب وزير الخارجية عمر عبد الله احتمال انتشار قوات اجنبية على الاراضي الهندية للمساعدة على القضاء على مقاتلي تنظيم القاعدة. وقال ان «قواتنا قادرة تماما على مواجهة الوضع بنفسها وليس هناك اي امكانية بان تتحرك قوات اجنبية في اي موقع من الاراضي الهندية».

وعلى الصعيد الميداني قال مسؤولون في الجانبين الهندي والباكستاني امس ان ستة قتلوا عندما تبادلت القوات الهندية والباكستانية اطلاق النيران عبر الحدود في اقليم كشمير المتنازع عليه. ووقع هذا القتال الذي أعقب فترة هدوء بعد ساعات من وصول رامسفيلد الى اسلام اباد قادما من نيودلهي لاجراء محادثات مع مشرف لتخفيف الازمة بين الجارين النوويين.

وفي القطاع الهندي من كشمير قال مسؤول ان ضابطين من القيادة المتوسطة في قوة امن الحدود لقيا حتفهما واصيب جندي حراسة اخر عندما فتحت القوات الباكستانية نيران الرشاشات الثقيلة وقذائف المورتر بالقرب من مدينة جامو.

وفي الجانب الاخر من الحدود في تلك المنطقة وهي منطقة سيالكوت بولاية البنجاب الباكستانية، قال مسؤولون باكستانيون ان جنديين باكستانيين اصيبا بجروح بعد ان اصيبا بنيران القصف الهندي. واضافوا: «نقل الجنديان في حالة بالغة الخطورة الى مستشفى عسكري في سيالكوت».

وتبادل الجانبان اطلاق النار في عدة اماكن اخرى على الحدود بين اقليم البنجاب الباكستاني وعلى امتداد خط الهدنة الذي يقسم اقليم كشمير الواقع في منطقة الهيمالايا المتنازع عليه بين باكستان والهند.

على صعيد آخر قالت صحيفة «ذا هيندو» الهندية امس: «ان الهند مستعدة لسحب وحدات هجومية لا تزال تحشدها على الحدود الدولية في راجستان والبنجاب اذا فككت باكستان «البنى التحتية الارهابية» التي لا تزال تنتشر على اراضيها». ونقلت الصحيفة عن «مصادر مطلعة» قولها: «ان نيودلهي قد تكون راغبة في سحب وحداتها الهجومية من الحدود الدولية اذا كان هنالك تحرك واضح من جانب باكستان لتفكيك البنى التحتية الارهابية على اراضيها».