إلغاء معاهدة 1972 يفتح للولايات المتحدة الأميركية باب الدفاع الصاروخي

TT

واشنطن ـ وكالات الانباء: انتهت امس صلاحية معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ بعد 30 عاما من توليها دور الحصن الاساسي في الردع خلال الحرب الباردة، لتطلق يد الولايات المتحدة في المضي قدما بحماسة لاقامة نظام دفاع صاروخي يتكلف عدة مليارات من الدولارات. ويعتزم الرئيس الاميركي جورج بوش ان ينتهز الفرصة كاملة، اذ سيتوجه اليوم (الجمعة) الى منطقة فورت جريلي في الاسكا لاعطاء الاشارة ببدء اقامة ست صوامع تحت الارض لاطلاق الصواريخ كانت محظورة سابقا بموجب المعاهدة. ولكن ما اذا كانت النظم الدفاعية الاميركية ضد الصواريخ التي تطلقها «الدول المارقة»،حسب المفهوم الاميركي، يمكن نشرها في يوم من الايام، ما زالت مسألة مثيرة لجدل شديد.

وقال فرانك جافني محلل الامن القومي، وهو جمهوري محافظ ومدافع عن نظام الدفاع الصاروخي: «تفضل الرئيس بتهيئة الظروف التي من الممكن ان نفعل فيها ما قال انه يعتزم القيام به عندما كان يرشح نفسه.. نشر نظام الدفاع الصاروخي».

الا ان منتقد الدفاع الصاروخي جو سيرينسيون من منظمة مدافعة عن السلام الدولي قال: «لن يتمكن الرئيس في اي وقت من العقد الحالي من نشر اي نظام فعال من شأنه تغيير التوازن العسكري الاقليمي او العالمي.. ليس هناك شيء ملموس سيتغير».

وتقول تقارير انه مما زاد من مخاوف المنتقدين قرار الادارة الاميركية اعتبار تفاصيل الاهداف والاجراءات المضادة التي تستخدم في التجارب على الدفاع الصاروخي في المستقبل سرية مما يصعب تقييم التقدم الذي يتم احرازه في النظام. وقامت مجموعة صغيرة من الديمقراطيين في مجلس النواب الاميركي بخطوة في اللحظة الاخيرة للحفاظ على معاهدة الصواريخ التي كانت تعتبر خلال الثلاثة عقود الماضية اساس الرقابة على الاسلحة النووية الا ان بوش ينظر لها على انها شيء عفا عليه الزمن من مخلفات الحرب الباردة.

واقاموا دعوى قضائية يوم الثلاثاء الماضي قائلين ان بوش لم يتشاور مع الكونغرس قبل ان يصدر اوامره بالانسحاب من جانب واحد من المعاهدة التي وقعت عليها الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفياتي عام 1972.

ولكن بصفة عامة من المرجح ان ينتهي العمل بالمعاهدة بقليل من الغضب وبدون اي من العواقب الوخيمة التي طالما توقعها منتقدو الدفاع الصاروخي. فقد احتجت روسيا والصين والحلفاء الاوروبيون للولايات المتحدة في بادئ الامر على قرار بوش الذي اعلن في 13 ديسمبر (كانون الاول) الماضي بالانسحاب من المعاهدة خلال ستة اشهر.

الا ان معارضتهم تلاشت الان،ان لم تكن قد تحولت الى تأييد، وهناك كلام عن ان الاوروبيين والروس سيشاركون في عقود مربحة متعلقة بالدفاع الصاروخي. وذكر سيرينسيون ان معارضة سياسة بوش تراجعت لان عددا محدودا من الدول هو المستعد لاغضاب الولايات المتحدة وهي تهم بفعل شيء ما وفي الوقت الذي تخوض فيه حربا ضد الارهاب وبعد ان وافقت روسيا نفسها اكثر البلاد التي لها صلة بالمعاهدة.

واضاف ان روسيا والصين والدول الحليفة للولايات المتحدة خلصت الى انها من المحتمل ان يتعين عليها الحياة في عالم بلا معاهدة الصواريخ ولكنه في نفس الوقت سيكون عالما خاليا من الدفاع الصاروخي ايضا.

ووقع المعاهدة الرئيس الاسبق ريتشارد نيكسون والزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف في 26 مايو (ايار) عام 1972 في موسكو وبدأ العمل بها في اكتوبر (تشرين الاول) التالي. وكانت تحظر على البلدين وضع انظمة قادرة على الدفاع عن كل اراضيهما من هجمات الصواريخ ذاتية الدفع العابرة للقارات. كما كانت تحظر تطوير او تجربة او نشر انظمة صاروخية مضادة للصواريخ تكون لها قواعد في البر او البحر او الجو او الفضاء.

وقال مسؤولون في البنتاغون انهم من المقرر ان يفتتحوا درعا صاروخيا مبدئيا في الاسكا في خريف عام 2004 وشجعهم على ذلك اربع تجارب صاروخية ناجحة. الا ان فيليب كويل مدير البنتاغون السابق لشؤون تجارب الاسلحة قال ان توقعات تطوير البرنامج الذي ستكون قاعدته برية والذي يتضمن اسقاط صاروخ بصاروخ اخر خلال منتصف مساره تنطوي على كثير من التفاؤل. واضاف: «ستكون هناك حاجة الى 20 تجربة تطويرية تتكلف كل منها مائة مليون دولار قبل استعداد البرنامج لخوض المرحلة التالية وهي التجارب الفعلية».

ويساور القلق مؤيدي بوش ايضا من احتمال الا يتحقق هدف بدء العمل بالنظام قبل انتهاء فترة ولاية الرئيس عام 2004. وقال جافني: «بعد التخلص من معاهدة الصواريخ فان بوش لابد ان يصدر «توجيهات واضحة» بأن وزارة الدفاع لا بد ان تبدأ في نشر نظام الدفاع الصاروخي في اقرب وقت ممكن».

واضاف: «في حين ان مشروع فورت جريلي مفيد الا انه لن يتيح للولايات المتحدة الا قدرة محدودة ولا بد ان يعزز بنظام تكون قاعدته في البحر مستعينا بنظم الدفاع الجوي التابعة للاسطول الاميركي في بحر ايجة بحلول نهاية فترة ولاية بوش عام 2004.