فيلم يروي قصة قريتين فلسطينية وإسرائيلية تحملان نفس الاسم

TT

وجدت راشيل لي جونز، التي جاءت الى اسرائيل وهي طفلة، نفسها منجذبة الى قرية على جانب الجبل اسمها (عين هود)، وذلك لان طبيعة القرية التي تقصدها مجموعات من الفنانين، ذكرتها بطفولتها المبكرة في كاليفورنيا. ولم تكتشف راشيل لماذا مارست عليها هذه القرية، الواقعة في سفح جبل الكرمل، بمنازلها الصخرية وازقتها المنحدرة، هذا التأثير القوي الذي يكاد يقرب من السحر، الا مؤخرا.

قالت جونز، 31 سنة، المخرجة السينمائية التي تعيش ببروكلين: «عندما كبرت عرفت لماذا بدا هذا المكان وكأن له عمرا، وله جذورا، وذلك لان هذه القرية ظلت قرية فلسطينية لمدة 700 سنة. عندها عرفت ان الواقع هناك ليس بهذه البساطة، انه معقد اكثر من ذلك بكثير».

الفيلم التسجيلي الذي يمثل اول عمل تخرجه راشيل جونز اسمه «500 دونم فوق سطح القمر» سيعرض مساء يومي الثلاثاء والاربعاء، كجزء من المهرجان السينمائي السنوي الثالث عشر الذي تقيمه منظمة (هيومان رايتس ووتش)، بمسرح والتر ريد، والذي سيستمر حتى 27 يونيو (حزيران) الحالي. وقد بدأ هذا المهرجان في بريطانيا دفاعا عن حقوق الانسان في كل العالم.

ويفحص الفيلم الواقع المعقد الذي تطرحه الهوية المزدوجة للقرية، فحتى الاسم «عين هود» الذي يعني بالعبرية عين المجد، يمثل صدى غامضا لاسمها العربي: «عين حوض». وسرعان ما اتضح لراشيل جونز ان القرية العربية عين حوض، لم تختف كليا في حرب 1948 عندما هرب اغلب سكانها امام الجيش الاسرائيلي. فكثير من الاسر هربت من اسرائيل كما هو معروف، وقد اجرت المخرجة مقابلات مع ابنائهم واحفادهم بمخيم اللاجئين بجنين في الضفة الغربية. ولكن اسرة واحدة هي اسرة ابوحلمي، اصرت على البقاء واسست قرية جديدة باسم (عين حوض) على جانب الجبل الى الاعلى من «عين هود» لتطل عليها كما يطل شبح من الماضي البعيد.

في هذا الفيلم التسجيلي الذي تموله القناة الفرنسية الثانية، نادرا ما تتقاطع الحياة بالقريتين الاسرائيلية والفلسطينية، ولكنها عندما تتقاطع فان النتيجة دائما هي مزيد من المرارات وسوء التفاهم. ومثله مثل كثير من افلام المهرجانات حول النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، فان هذا الفيلم يقدم صورة مظلمة للانقسامات السائدة. وتقول المس جونز ان هذه الانقسامات لها جذور في تاريخ اختار الكثيرون في اسرائيل نسيانه كليا، «اسرائيل التي نشب نحن الاسرائيليين على صورتها ليست سوى جزء من الحكاية، وهي حكاية مشوهة. عندما تنشأ باسرائيل ترى الخرائب في كل مكان، ويحاول البعض اقناعك بان هذه آثار من التاريخ القديم، ولكنني عرفت الآن ان هذه الخرائب لا يزيد تاريخها عن 30 او 40 عاما».

قرية عين هود اسسها عام 1953، مارسيل جانكو، الفنان اليهودي الروماني، الذي التقطت عيناه سحر القرية المهجورة واستطاع بذلك ان ينقذها من الدمار. وسرعان ما اصبحت عين هود مقصدا مهما للفنانين، ثم ملاذا لطالبي النزهة الذين يتجهون بسياراتهم شمالا لمدة ساعة من تل ابيب، ليقضوا يوما جميلا على سفح الكرمل.

* نيويورك تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»