بلير للحريري: اقترحت على بوش تضمين خطابه شيئاً عن الحاجات السياسية للشعب الفلسطيني

TT

ابلغ رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري خلال لقائهما امس في 10 داونينغ ستريت في لندن انه يجري اتصالات ومحادثات مع الرئيس الاميركي جورج بوش لاقناعه بتضمين الخطاب الذي سيلقيه قريباً جزءاً من الحاجات السياسية للفلسطينيين وان لا يقتصر هذا المضمون على الحاجات الامنية سواء لهم او للاسرائيليين.

وقال مصدر في الوفد اللبناني المرافق للرئيس الحريري لـ«الشرق الأوسط» ان الحريري شجعه بقوة على الاستمرار في هذا التوجه لان لديه نفوذاً لاسماع رأيه هذا في الولايات المتحدة الاميركية.

واذ اوضح المصدر ان المحادثات بين الحريري وبلير توزعت بين الوضع في منطقة الشرق الاوسط ومستقبل عملية السلام فيها وبين العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية، قال ان الوضع في الشرق الاوسط حاز القسط الاكبر من المحادثات التي تخطت الوقت المحدد لها بنصف ساعة الى 50 دقيقة، واكد خلالها بلير ان بريطانيا تريد لعملية السلام ان تعود الى فعاليتها بأي ثمن وإلا سيكون الوضع في المنطقة صعباً.

وشدد على اهمية حصول الاستقرار السياسي والامني في هذه المنطقة لانه شرط ضروري لحصول الاستقرار الاقتصادي وغيره.

ولفت بلير الى ان بلاده والولايات المتحدة الاميركية متفقتان على اهمية ان يكون لأي خطوة ستتخذ في شأن العملية السلمية مضمون سياسي بما يؤدي الى احياء هذه العملية.

ولاحظ الوفد اللبناني ان بلير لا يعير اهمية لموضوع المؤتمر الدولي الذي اقترحته واشنطن ويركز على اهمية عودة العملية السلمية. واشار الى ان الجانب اللبناني طرح خلال المحادثات علامات استفهام منها هل ان اسرائيل تريد السلام فعلاً ام انها تريد من هذا المؤتمر الدولي تغطية كل ما ارتكبته من جرائم ضد الفلسطينيين ومن تخريب ضد العملية السلمية.

ولفت الرئيس الحريري الى ان العرب جربوا اتفاق اوسلو وغيره من الخطوات التي جرت على المسار الاسرائيلي الفلسطيني وكانت النتيجة ان السلام لم يتحقق لان اسرائيل لم تبرهن بعد انها تريد السلام.

وشدد الحريري على ان لبنان وسورية يتمسكان بالحل الشامل والكامل للنزاع العربي الاسرائيلي ولا يمكن ان يقبلا بالسلام المنفرد بين اسرائيل وهذه الدولة العربية او تلك لان هذه السياسة قد اثبتت فشلها.

وفي الجانب الاقتصادي من المحادثات، قال المصدر ان الرئيس الحريري شرح لبلير الخطوات التي تتخذها حكومته لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، ولفته الى انه سيزور باريس قريباً ليبحث مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك في تحديد موعد لعقد «مؤتمر اصدقاء لبنان» او «اجتماع باريس ـ 2» متمنيا ان تكون لبريطانيا مشاركتها الفاعلة في هذا المؤتمر، فرد عليه بلير قائلا: «اننا سنفعل كل ما في وسعنا لتأمين الاستقرار الاقتصادي والمالي في لبنان من باب اجتماع باريس ـ 2».

ورد الرئيس الحريري شاكراً له موقفه هذا، وتم اتفاق على استمرار الاتصالات بين البلدين في هذا الشأن، وكذلك في بقية الشؤون الثنائية وتلك المتعلقة بمستقبل الاوضاع في المنطقة.

وبعد المحادثات التي شارك فيها وزير المال فؤاد السنيورة ووزير الثقافة غسان سلامة المرافقين لرئيس الحكومة اللبنانية، قال الحريري: «لقد ناقشنا العلاقات الثنائية بين لبنان وبريطانيا، ومشاركتها في مؤتمر باريس 2 الذي سأبحث في عقده مع السلطات الفرنسية قريبا عندما ازور فرنسا في الاسابيع المقبلة. كما ناقشنا مشكلة الشرق الاوسط واحتمال القيام بمبادرة جديدة خصوصاً في ضوء ما سيعلنه الرئيس بوش في الايام المقبلة. هناك امور عدة وجدنا اننا نتشاطرها، وامور اخرى نعتقد انها بحاجة الى مزيد من النقاش. لكن عموما شعرت ان رئيس الوزراء عازم ومهتم باقامة السلام في المنطقة. وهو يعترف بالمصاعب الموجودة وبالجهود المطلوبة للتوصل الى وضع افضل من السابق. لكن الجميع يعترف ان الامور صعبة جداً وتتطلب تعاون جميع الاطراف».

وسئل الحريري عن اصرار رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون على رفض التحدث او الاعتراف بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كممثل شرعي للشعب الفلسطيني وهل يمكن للعرب ان يعترفوا بشارون في ظل استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني؟ فأجاب: «الحقيقة هذه احدى وسائل الحكومة الاسرائيلية لعدم الالتزام بما اتفقت عليه في السابق مع الفلسطينيين. فالشعب الفلسطيني هو الذي يختار قيادته ولم يتدخل الفلسطينيون باختيار شارون لرئاسة الحكومة. فكل شعب يختار من يقوده وبالتالي هذا الامر يرفضه الجميع. حتى الولايات المتحدة عندما تنتقد عرفات لا تقول انها لا تعتبره ناطقا باسم الفلسطينيين».

وسئل هل هناك مبادرات عربية أم مبادرة عربية واحدة كما تم الاتفاق عليها؟ فأجاب: «ليس هناك من مبادرات عربية. هناك مبادرة عربية واحدة خرجت من بيروت وقد أظهر العرب أنهم مع السلام ولكن السلام الشامل والعادل الذي يعيد الأرض التي احتلت عام 67 إلى أصحابها وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وعودة اللاجئين أو إيجاد حل للاجئين الفلسطينيين. وفي هذا الإطار، يجب أن نعلم أن كل التحركات العربية هي لتنفيذ مبادرة السلام العربية وليس هناك من آراء مختلفة حول هذا الأمر.

وسئل الحريري أيضا هل تبينت آفاق لدعم الحوار مع «حزب الله»، لأجل وقف العمليات في الجنوب اللبناني في ضوء محادثاته مع بلير فأجاب: «الحقيقة لم يتم التطرق إلى هذا الأمر من هذه الزاوية. نحن أظهرنا بوضوح أننا راغبون في السلام والتصعيد ليس من ضمن السياسة التي نتبعها. وأيضا هم يعلمون أن الإخوان السوريين لديهم النظرة نفسها ولكن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وخصوصا من لبنان وسورية والأراضي الفلسطينية».

وسئل: ماذا كان موقف رئيس وزراء بريطانيا بالنسبة إلى عقد اجتماع باريس 2؟ فأجاب: «كان إيجابيا وقال حرفيا: سنفعل ما بوسعنا للوقوف بجانب لبنان ولتعزيز الاستقرار في لبنان».

وسئل الحريري أيضا: بأي انطباع خرجت من محادثاتك حول مؤتمر السلام المطروح ومستقبل عملية السلام؟ فأجاب: «مرتاح كما ذكرت، لقد ناقشنا الأمر بعمق وهناك أمور كنا متوافقين عليها وأمور بحاجة لبحث أكبر مع الحكومة البريطانية. ولكن الأكيد هو أن هناك وضوحا لدى رئيس الوزراء أن عملية السلام تمر في وضع دقيق جدا وصعب وهي في حاجة لتضافر جهود الجميع للتوصل إلى حل. وطبعا، من دون شك أن التوصل إلى حل خلال أسابيع وأيام أمر ليس واردا، الأمور بحاجة إلى وقت».

وسئل: هل تقول إن بلير لم يطلب منك لجم «حزب الله» في الجنوب اللبناني؟ فأجاب: «لقد تحدث عن ضرورة الحفاظ على الاستقرار على الحدود».

وهل قدم طلبات؟ فأجاب: «ليس تحديدا، بل تكلمنا بشكل عام عن الوضع في الشرق الأوسط وضرورة ممارسة جميع الأطراف لضبط النفس في المنطقة».

وعن المحادثات في جانبها الاقتصادي والتجاري قال الحريري: إن العلاقات التجارية بيننا وبينهم محدودة، ولكن هناك بعض الاتفاقيات التي طلبنا أن توقع أو يتم بحثها والإسراع في إقرارها مثل تجنب الازدواج الضريبي. وفي الاجتماعات الأخرى التي عقدناها طبعا، طلبنا من المستثمرين الانجليز والمؤسسات المصرفية بالذات الموجودة في بريطانيا، وأنتم تعرفون أن لندن بالذات هي مركز للمصارف العالمية جميعها، دعوناهم للاستثمار في لبنان وأعتقد أن التجاوب كان كبيرا».

وعصر امس استقبل الرئيس الحريري في مقر إقامته في لندن وزير خارجية الظل ونائب رئيس المعارضة البريطانية النائب مايكل انغرام، في حضور الوزيرين السنيورة وسلامة. ثم ألقى محاضرة نظمها المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية في فندق «دورشستر».

=