نائب الرئيس السوداني لـ «الشرق الأوسط» : إنتاج البترول ليس «لعنة» وإقامة مصرف لحركة قرنق «دعاية»

TT

نفى علي عثمان طه النائب الأول لرئيس الجمهورية السوداني ان يكون انتاج البترول «لعنة» على السودان باعتبار انه يسهم في اطالة أمد الحرب. وقال ان «من وجهة نظر الحكومة فهو يطفئ نيران الحرب وينتصر لخيار السلام، وتعود عائداته لصالح الخدمات والتنمية والطفرة الاجتماعية للمواطنين».

وأكد طه لـ«الشرق الأوسط» انه لا تعارض بين وضع خطة استراتيجية ربع قرنية تسعى لاعدادها الحكومة والتزام حكومة الانقاذ الوطني بالتداول السلمي للسلطة والديمقراطية والتعددية، واعتبر ان ما تقوله الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق باعتزامها اقامة منشآت مالية، وتعليمية كمصرف مركزي، وجامعة في الأراضي التي تسيطر عليها بأنها ضرب من الدعاية السياسية لانعدام البنية التحتية في تلك المناطق.

وقال ان سياسة التحرير الاقتصادي في السودان التي طبقت منذ مطلع التسعينات، في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة وفي ظل عدم وجود رصيد اجنبي حققت نجاحاً كبيراً واستطاعت الحكومة الاعتماد على الموارد الذاتية. عوضاً عن المساعدات والهبات التي شكلت 80% من موارد الميزانيات العامة السابقة. وقال ان خبراء دوليين اعترفوا بأن السودان استطاع تطبيق قرارات التحرير الاقتصادي بنجاح بينما دول كثيرة أخرى لم تستطع ذلك. وأشار الى ان الحكومة السودانية هيأت مناخاً جيداً للتنمية، وأصدرت قانوناً متقدماً للاستثمار وشراكة ايجابية بين الحكومة والقطاع الخاص، مما أدى الى مشاركات استثمارية واسعة مع العديد من الشركات الآسيوية والأوروبية والكندية والروسية.

ووصف النائب الأول الاتفاقيات التي وقعت مع شركات البترول بأنها تعتبر الأفضل من حيث الحفاظ على الحقوق السودانية وتأمين فرص التدريب للسودانيين العاملين، والمشاركة في عمليات الاستكشاف، والتنقيب لتوفير الخبرات والتأهيل في هذا المجال المتقدم. وقال ان اقتسام عائدات البترول استند الى صيغة عادلة مقارنة مع غيرها، واعتبر وضع شركات اجنبية كبيرة لأموال طائلة للاستثمارات في التنقيب وانتاج البترول يمثل ثقة في التعامل والظروف المواتية والاطمئنان لمناخ الاستقرار «فلولا وجود ضمانات مقنعة ومجزية لما غامر أحد بالدخول أو المشاركة في اي نوع من الاستثمار ذي التكلفة العالية في المال والزمن داخل السودان».

واعتبر النائب الأول ايضاً ان أهم حقيقة أفرزها انتاج وضخ البترول انه قلب الموازين والمعادلة بالنسبة للتعامل مع السودان، اذ أثير تساؤل حول كيفية وضع مثل هذه الاستثمارات الطائلة في التنقيب واستخراجه، ومد الخطوط الناقلة من الجنوب الى الوسط والى ميناء بورتسودان شرق السودان للتصدير في ظل وجود حرب فعلية».

وأضاف: «لذلك فان البترول أحدث نقطة تحول كبيرة، وبالتالي ليس صحيحاً ان استخراج البترول تحول الى «لعنة» لأنه بالنسبة لمروجي هذه المقولة يؤدي الى زيادة الحرب ويطيل امدها ولكن من وجهة نظر الحكومة فان البترول يؤدي الى اطفاء نيران الحرب، فهو يغلب خيار السلام والالتزام به لصالح الخدمات والتنمية وتحقيق الطفرة الاجتماعية للمواطنين مما يعطي بعداً اوسع لتطلعات مطعمة بالأمل، والدليل على ذلك ان الخدمات الضرورية قد أخذت طريقها بالفعل الى مدن الجنوب بما فيها الكهرباء». وقال طه لـ«الشرق الأوسط» ان شخصية جنوبية بارزة «اعترفت لدى زيارتها مؤخراً لمدينة ابيي (جنوب) بوجود تطور وتحول في المدينة وانها تتمتع بالكهرباء وتشاهد التلفزيون على عكس ما كان عليه الحال قبل ظهور النفط». اما بالنسبة لما رددته الحركة الشعبية بقيادة العقيد جون قرنق عن اقامة منشآت كمصرف مركزي وجامعة في مناطق محررة، فوصف النائب الأول ذلك بأنه ضرب من الدعاية السياسية، اكثر من كونها تستند الى واقع. وقال «لا توجد بنيات أساسية على المستوى الذي تتحدث عنه الحركة في تلك المناطق يمكن ان يسهم في اقامة مصرف مركزي او جامعات او طرق برية، ولكن يمكن انشاء مستشفى او مدرسة». وأضاف «مثل هذا الحديث هو بمثابة استهلاك سياسي وترويج وتحسين للصورة لأن الواقع ان الأجندة الحربية التي تنتهجها الحركة لن تسمح بالتوسع في التنمية». وحول المخططات تجاه ما تخطط له الحكومة من خطط استراتيجية ربع قرنية اعتبرها معارضون تتعارض مع التزام الانقاذ بالتداول السلمي للسلطة والديمقراطية والتعددية، قال النائب الأول «لا يوجد تناقض، فلا بد ان تكون هنالك رؤية لبناء المستقبل، وهذا أمر يساعد على التطور الديمقراطي والاستقرار السياسي. والمسؤولية الوطنية تحتم تكثيف الجهود بما يخدم مصالح الوطن العليا».