ندوة في أبوظبي تحمل الإمبراطورية العثمانية مسؤولية ربط اليهود العرب بالغرب

اليهود لعبوا دورا بارزا في الاقتصادين المصري والعراقي قبل قيام إسرائيل وعددهم الأكبر كان في المغرب

TT

قال باحثون في ندوة في ابوظبي تناولت انتشار اليهود العرب في دول المنطقة ان وجودهم قل على مر العقود واختلف من دولة الى اخرى نظرا لاسباب وظروف عدة، البعض منها يعود الى حقبات الوجود الاستعماري.

وقال الدكتور عبد الله رمزي استاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس خلال محاضرة له في الندوة، التي نظمها مركز زايد للتنسيق والمتابعة بأبوظبي، ان تقدير اليهود في البحرين يناهز 15 بحرينيا من اصل يهودي، اما في الكويت فتوجد 100 عائلة يهودية تتحدر من اصول عراقية استوطنت في الكويت، عاد البعض منها الى بغداد بينما اختارت أربع منها الاستقرار هناك.

واوضح الدكتور رمزي ان الوجود اليهودي الابرز في المنطقة يتمركز في المغرب، على عكس العراق الذي كانت توجد به جاليات يهودية عربية كثيرة، الا ان حضورها تضاءل مع مرور الزمن.

وعن مصر قال رمزي ان «الوجود اليهودي فيها قد اندثر بوفاة المحامي شحاتة هارون وهو اخر اليهود المصريين». واشار الى انهم في اليمن 500 فرد وفي لبنان نحو 50 اما في سورية فقد بلغ تعدادهم نحو 250 سوريا يهوديا.

وكانت الندوة التي بدأت بمحاضرة للدكتور جمال الرفاعي استاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس قد تناولت تاريخ الوجود اليهودي في البلاد العربية وعلاقة العرب باليهود عبر التاريخ.

وذكر الدكتور الرفاعي ان اليهود في البلاد العربية «لم يشكلوا نسيجاً قومياً وانما كانوا جزءاً من المجتمع والمناطق التي كانوا يعيشون فيها».

وذكر الدكتور الرفاعي ان ارتباط يهود البلدان العربية بالغرب كان محصلة للسياسة التي اتبعتها الامبراطورية العثمانية في اطار حرصها على الحفاظ على علاقاتها بالاجانب، حيث منحت الامبراطورية العثمانية عدداً كبيراً من الامتيازات لفرنسا عام 1535. وتحولت هذه الامتيازات، التي منحت فيما بعد الى دول اخرى، مع ضعف الامبراطورية، الى حقوق اكسبت بدورها الاجانب مكانة افضل بالمقارنة بالمواطنين، كما قامت مصر بوصفها جزءاً من الامبراطورية العثمانية بمنح الاجانب المقيمين على اراضيها نفس الامتيازات التي يتمتع بها سائر الاجانب في كافة اقاليم الامبراطورية.

واشار الرفاعي الى ان الامتيازات شملت الاعفاء من الضرائب واقامة نظام قضائي خاص بالاجانب، ومن هنا لم يكن من الممكن فرض اية ضرائب على اي اجنبي، الا بعد موافقة القنصل التابع له، كما كان لا يحق لقوات الشرطة تفتيش منازل الاجانب الا بعد موافقة القنصليات التابعين لها.

وتناول الباحث اوضاع اليهود في العراق الذين كان عددهم قبل قيام اسرائيل يناهز 118 الف نسمة، فقال ان اليهود اشتغلوا بالصرافة واتاح لهم ذلك فرصة المساهمة في تطوير البنوك، وفرصة اقامة بعض البنوك اليهودية التي كان من بينها بنك «زليخة» وبنك «كريدت» وبنك «عبودي»، التي اصبحت من ابرز المؤسسات المالية في العراق.

وقد اصبح اليهود بعد احتلال بريطانيا للعراق يتحكمون في اقتصاده، فتولى اليهودي ساسون بحزقيال منصب وزير المالية في حكومة الانتداب البريطاني في بغداد، كما سيطروا على ما يربو على 90 في المائة من حركة الواردات واعمال المقاولات.

وقد كان ليهود مصر ايضاً وجود ملموس على الصعيد الاقتصادي، اذ شغل يوسف قطاوي منصب وزير المالية في اول حكومة تشكلت في مصر عام 1922.

وترتبط أسماء فيليكس وهنري وموصيري ببنك موصيري، وبشركة البلدوزرات والهندسة وبمصانع النحاس في مصر، وبشركة مناجم البحر الاحمر، ويرجع الى عائلة «سوارتش» فضل تأسيس اول شركة للنقل العام في القاهرة، كما اطلق اسم هذه العائلة على احد ميادين القاهرة (ويدعى هذا الميدان حاليا ميدان مصطفى كامل)، وشارك روبرتو رولو في تأسيس البنك البلجيكي في مصر، وفي تأسيس شركة محالج القطن في الصعيد، وفي صناعة الكتان، وخيوط الغزل والنسيج، وفي المتاجر المصرية المتخصصة في بيع المنتجات الهندسية وغيرها.

اما في الاسكندرية فقد اسس يوسف سموحة شركة قامت بتجفيف المستنقعات التي وقفت حائلا دون تطور المدينة، واسس حيا يحمل اسمه ويعرف باسم حي سموحة، واشتهرت عائلة «عدس» بصناعة الغزل والنسيج، واقامات ورشا للنسيج عرفت باسم «ورش القاهرة» كما اسست الشركة المصرية للغزل والنسيج، وقامت هذه العائلة فيما بعد بالاشتغال بتجارة العقارات، وأسست شركة لبيع العقارات، وكان من بين انشطتها اقامة شركة زراعية بالقاهرة، والبنك العقاري في مصر.

وكان محمد خليفة المر مدير مركز زايد للتنسيق والمتابعة قد افتتح الندوة امس نيابة عن الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء الاماراتي ورئيس المركز، الذي قال ان الندوة تأتي في اطار سعي المركز للتعريف بموقع اليهود في البلاد العربية وعن الوجه المضيء للحضارة العربية الاسلامية التي كانت نموذجاً للتسامح والتفاهم وايضاً لجلاء الحقيقة التي تحاول الدراسات الصهيونية اخفاءها، تلك الدراسات التي تدعي ان اليهود كانوا مضطهدين في منطقتنا بسبب التمييز العنصري والديني ضدهم.